أمي

    

أمِّي.. نَشيدُ الكوْنِ.. مِلْءَ المَـــــسْــمَعِ      

هِبَةُ السَّمَا.. لِلأرْض.. سَــعْدُ المَطْــلعِ!

أمِّي.. حُرُوفٌ.. هُـنَّ نبْـعُ وُجـُـــــودِنا   

وَا شــوْقَــــــنا الأزَليَّ.. نَحْوَ المَـنْــبَعِ!

أمِّي.. حُرُوفٌ.. تكْتَنِزْنَ حَــيَــاتَــــــنا   

جَلَّـتْ.. بـسِرِّ اللهِ – فِيـهَا- المُــــــودَعِ!

أمِّي.. حُـرُوفٌ.. يــــانِعَـــاتٌ بالجَنَـى  

حـتــــى ولـــوْ ثـمَـرُ الــدُّنَــا لـمْ يَـيْنَعِ!

أمِّي.. حُـرُوفُ النُّور.. تُوقدُ فِي دَمِـي  

شُعَـلَ المَعَـانِي.. وَالأمَـانِي.. الهُــجَّـعِ!

أمِّي.. حُــرُوفٌ.. هُنَّ زوْرَقُ رحْلـتِي  

عَبْرَ العَـــوَالمِ.. خـلْفَ سِرِّ المُـبْـــدِعِ!

أمِّـي.. رَضَعْتُ أنَايَ.. مِلْءَ حَلِيـبهَـا   

فالفَـنُّ.. والإيمــــانُ.. تَـــوْأمُ مُرْضِعِ!

كانتْ تهَدْهِـدْنِي.. بــــذِكْرِ اللهِ.. فِــي  

أذْنٍ.. وفِي الأخْــرَى بشِـعْرٍ.. مُـبْدَعِ!

“قُلَ اعُـوذ “.. مَازَالتْ يُرَتِّلُــهَا دَمِي   

ومُعَلقَاتُ الشِّعْر.. تسْـكُنُ مَسْــــمَعِي!

حَتىَّ الحِكَايَـاتُ.. الأثيـــرَةُ.. لمْ تزَلْ  

– ليْلا- تُـؤَثِّثُ.. بالسَّعَادَةِ.. مَخْــدَعِي!

وَصَـــدَى وَصَايَاها النَّبِيـلَةِ.. لمْ يَزلْ  

هَدْيِي.. وَمُلهمَ مَكْــرُمَاتِي.. مَصْنعِي!

كانتْ تُطــالِعُ ذاتَ صَدْري.. صَامِتًا  

وَتحسُّ.. بي.. مَهْمَا تَنَاءَى مَوْضِعِي!

وأنَـا أُطـــــالِعُ.. فِي مَلامِح وَجْـهِـهَا  

كُتُـبًا.. مَـلاحِمَ.. مِثْـــــلُها لمْ يُبْــــدَعِ!

أمِّي.. أبي قدْ ضاقَ بالجَنَّاتِ.. قـــبْـ

ـلَ وُجُودِهَا.. وبِهَا ازْدَهَى فِي البَلْقعِ!

وأنَا.. بِـلاَ وَطَـنٍ.. سِوَى أحْضَــانِهَا 

مَنْ ذا يُحَدّدُ – فِي الخَرَائطِ – مَوْقِعِي؟!

ما يُتْم ُأمّي.. غيْر يُتْـمِ الأرْضِ.. إنَّـ

ـهُمَا – مَعًا- أُمَّـايَ.. مَرْجعُ مَرْجعِي!

إنِّي اكْتَهَلتُ.. وَمَا يَزالُ بدَاخِــــــلِي  

طِفْلٌ.. يَرَى أمِّي -الَّتِي مَاتتْ- مَعِي!

تاللهِ.. أفْتأ.. بـاحِثا عَـنْ حِضْنهَا الْــ

ــمَفْـقودِ.. مَا بَيْنَ الحَشَـا.. والأذرُعِ!

إنِّي أفتـّـشُ.. عـَنْ يَدَيْـنِ.. أنَـامُ بَــيْـ

ـنَهُمَا.. فَلاَ تَأتِي هَوَاجِسُ مَضْجـعِي!

إنِّي أفَتِّــشُ.. عَـنْ يَدَيْـنِ.. رَحِيمَتيْـنِ

 كجَنَّــتَـيْنِ.. تُوَقِّـعَــانِ – بأضْلـعِي-

لحْنَ الهَنَا.. بالهَدْهَدَاتِ.. الحانِــيَاتِ  

تُطــاردَان-عَلى المَحَــاجِر- أدْمُعِي!

وتُرَفْرفَانِ.. غَمَامَتَيْنِ.. عَلى جَبِينِي

 تُطْفِئِانِ تَـــرَمُّضِي.. وَتَصَــــدُّعِي!

تَسْتنْبِتانِ- مَـدَى غُضُونِ مَلامِحِي- 

ألَـقَ السَّـعَادَة.. تسْـرِقـانِ توَجُّـعِي!

ذاتَ اليَـدَيْنِ.. إلَى مَتَى لا نَـــلْتَـقِي      

وَإذا الْتقَــــيْنا.. تُطفِئِـــينَ تَـوَقُّـعِي؟!

هيَّا اهْبطِي.. هـَـاتِي يَدَيْـكِ.. فإنَّنِي   

قَلبي تُحَاصِرُهُ المَخَالِبُ.. فاسْرِعِي!

مَنْ قدْ تَسُدُّ فَـرَاغَ أمِّي؟.. إنَّـــــــهُ      

خَللٌ.. وُجُودِيٌّ.. تُرَى.. مَنْ تَدَّعِي؟!

 

أدي ولد آدب

أدي ولد آدب شاعر وباحث ومدرس وكاتب صحفي من موريتانيا ولد عام ١٩٦٤ . يعتبر أحد المؤسسين لبيت الشعر في موريتانيا . حاصل على المرتبة الأولى في جائزة الإبداع الأدبي بجامعة محمد الخامس في المغرب والمرتبة الأولى في مسابقة المهرجان الدولي للشعر والزجل في الرباط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى