شنقيط والسودان: اثنان في واحد

لَبّيكَ يا بَلَدَ السُّودَانِ كُلُّ أبِي
يَفْدِيكَ يَفْدِيكَ كُلُّ العالَمِ العَرَبِي
لمَّا دَعَـتْـنِـي القـوَافِي أنْ أدَوْزِنَها
في بَحْرِكَ العَذْبِ، والنِّيلَيْنِ لمْ أغِبِ
حَلَّتْ أنَـايَ أنَا شِنْقِـيطَ وازْدَحَمَتْ
في الرُّوحِ مًسْتَفْعِلاتُ الحُبِّ تَهْتِفُ بِي
وازَّيَّنَ النخْلُ فيهاوادَّنَى رُطَبًا
وتـاهتِ المِئْذَنَاتُ الشُّمُّ للشُّهُبِ
واسْتَنْفَرَتْ فِي دَمِي مِلْيُونَ شاعِرَها
وطَاقةَ العِلْمِ في الألْـوَاحِ والكُتُبِ
واسْتحْضَرَتْ ذِكْـرَيَاتِ الحَجِّ عَابِرَةً
بَحْرَ الصَّحَارِي بِفُلْكِ العَزْمِ وَالدَّأَبِ
حَيْثُ التَّرَاتِـيلُ والأشْعَارُ قافِلةً
لا زَادَ للـرَّكْبِ غيْرَ العِـمِ والأدَبِ
يَحْـدُو بِـها شَوْقُ بيْتِ اللهِ في طرَبٍ
ودُونَ طـيْبَةَ كلُّ الأرْضِ لمْ تَـطِبِ
إذْ لَا يَرَى الرَّكْبُ مِنْ شِنْـقِـيطَ مَنْزِلَةً
تُنْسِيهِ مَوْطِـنَه والأهْلَ بالحَدَبِ
إلا بِمَـرْفَأِ “عَيْـذَابٍ إذا وَطِـئَتْ
أقْــدَامُه حَرَمَ السُّـودَانِ وا عَجَبِي
ما بَيْنَ شِنْـقِــيطَ والسُّـــودَانِ تَوْأمَةٌ
اثْنَانِ في واحِدٍ عَاشَا مَدَى الحِقَبِ
شَعْبَانِ عاشَا يَدًا طُولَ المَدَى بِيَدٍ
وَحَوَّلَا البُعْدَ قُرْبَ الرُّوحِوَالنَّسَبِ
شَعْبَانِ- مِنْ مَنْبَعِ الأسْرَارِ- إلْفُهُـما
شَابَ الزَّمانُ وذاكَ الحُبُّ لمْ يَشِبِ
تَصَوَّفَا في رُؤَى الإشْرَاقِ بَيْنَهُمَا
مَـوَاثِقُ الرُّوحِ في مِعْـرَاجِهَا الذَّهَبِي
لمْ يُلْقِيَا يُوسُفًا في الجُبِّلمْ يَجِـئا
على قَمِـيصِ أخِـيهِمْ بالدَّمِ الكَذِبِ
شَعْبَا البَسَاطَةِ ذاتِ العُمْقِ حَيْثُ ترَى
لُطْفَ الدرَاويشِ إعْصارًا لدَى الغَضَبِ
شَعْبَا العَمَائِمِ.. تِيجَانِ الرِّجَالِ عَلَى
هَـامَاتِ مَنْ هُمْ بَقـايَا عِزَّةِ العَرَبِ
شَعْبَا المَلاحِفِ فوْقَ الحُورِفاتِنَةً
مهْـمَا تَلَفَّـعَ ذاكَ الحُسْـنُ بالحُجْبِ
شَعْبَا البُيُـوتِ المَضَافَاتِ التِي انْتَصَبَتْ
للعـابِــرينَ تُلَاقِي الضَّيْفَ بالطرَبِ
شَعْبَا التَّـلَاحِينِ في ذاتِ المَقَامِ علَى
عُودٍ وطبْلٍ ومِزْمَارٍ منَ القصَبِ
شَعْبَا القَــوَافِي الصَّوَافِي كلَّمَا هَطَلَتْ
مِنْ عَبْقَرٍ.. سَجَدَ الشيْطانُ منْ عَجَبِ
شَعْبَا السُّكَارَىبحُبِّ الله.. كمْ عَرَجَا
لِسِدْرَةِ المُنْتَهَى فِي حُبِّ خَيْرِ نَبِي
المجْدُ للشُّـرَفَا مِنْ هـاهُنا وهُنـا
ولتسْقُطِ النُّخَبُ المَغْشُوشَةُ النُّخَبِ
شَعْـبَانِ حينَ يَثُـورَانِ المَدَى لَهَبٌ
فلا سَجَاحٌ ولا حمَّـــــــــالَةُ الحَطَبِ
ولا مُسَيْلِمَةٌ يَبْقَى هُنُاكَ ولا
أبُو رِغَالٍ أبُـو جهْلٍ أبُــو لهب