تراويح الى دمشق

أجيئ وبي من غاسق الصمت وحشة
وليس سوى نجـم السهـاد سميـرُ
أناجي دمشقا بيننـا مـن طـلاوة
الصبابات عهـد بالدمـاء يـفـورُ
فيهتز من عرفانهـا طلـل الهـوى
بذاكرتـي والمستـهـام ذَكــورُ
هي الشام واهتزت الي الشام غُلتي
ومـن بـردى يهفـو إلـيّ نميـرُ
فهل ذاق قبلي بارد المـاء ظامـئ
وهـل غزِلـت إلا إلـيّ خـمـورُ
عشية أعلاني علـى كـل شاهـقٍ
مدَى بصري مـن قاسيـون أميـرُ
فدار شراب لـم يُـدِرْ قـط نخبَـه
علـى مـرّ أيـام الزمـان مديـرُ
شراب له من عهـدة الشـام أنـه
تُوفّـىَ بـه للعارفـيـن نــذورُ
عرفت به من نشر روضـةَ نفحـةٍ
لها من رسيـم الذكريـات نشـورُ
فوشحتُ من وهـم الربيـع بحبهـا
جُـدوب زمـان هـن فيـه سعيـرُ
ولاح غدير مـن سـراب وطالمـا
هفا بيّ من مكـر السـراب غديـرُ
وما تهتدي تلك السبيل التـي لهـا
محـطّ الهـوى الاّ بحيـث تجـورُ
فأرسلت شعـرا ذا أحابيـلَ لاتـرى
بها ظبيـة البيـداء كيـف تَنورُ
شربت له من ساهر النجـم قهـوة
تثاءب منها فـي السمـاء فطـورُ
غيورا علـى أن لايـذوق مذاقهـا
مـن القـوم إلا ماجـد وغـيـورُ
فيالك مـن شـوق هنالـك طرّبـت
به من نجـوم الليـل فـيّ طيـورُ
وطارت على ليل الدهـور ولا أرى
لهـا مهبطـا إلا بحيـث تطـيـرُ
حوائـم عهـد لايـنـال غليلـهـا
فـرات وإن طابـت هنـاك نهـورُ
كأنّ شرابـي مـن ظمـايَ لجلـق
تفـوح بـذاك الليـل منـه زهـورُ
أيا جِلّق البدء التـى نحـن ننتهـي
إليهـا سـلام مـن سنـاك عبيـرُ
سلام وجرح الحب فينـا وبعضنـا
على نحت أيـام الزمـان صبـورُ
تذكر أصحابي الزمان الذي مضـى
وجاشت بمكنون الحننيـن صـدورُ
ولم يشعروا أن الزمان الذي مضـى
منيـرا لغـيـر الآفلـيـن ينـيـرُ
فرُحتُ وما استعبرتُ من عبرة إمرئ
ولا أنـا فيمـا يـرتـأون أشـيـرُ
كأن لم تَدُرْ يوما برأسـي عوائـق
من الغضـب الوهـاج حيـثُ أدورُ
ولاهاجني الأقصـى ينـوح جـدارُه
لينقضّ والحمـسُ الحمـاةُ قبـورُ
ويظمى الشـآم المستـراد ومـاؤه
غزيرولـكـنّ الـعـراق كسـيـرُ
ينوء مهيضاً بالمصيبـات لاتـرى
لـه سـنـدا إلاّ علـيـه يـهـورُ