كانت ضراما

كانت ضراما وكانت مهجتى حطبا
لا تأثم النار إني رمْتها لهبا
الساكنون بقلبي كلهم ذهبوا
الاك يا طيفك المسروق ماذهبا
كفّارة الشوق ان تصليك حاميةٌ
وأن تموت من الاشواق محتسبا
حتى تثور كبركان بذي سلمٍ
وحومل الهم في سقط اللوى انتحبا
وهل تلوم سعيراً انت واقده
مذ رحت تطعم قلباً للسنى خشبا
أضحى رمادا ومن عشرين يأكلني
داءً بداءٍ وقد يقتاتني حِقبا
هذا هو الحب لولا طهر منبعه
لرحت اكثر فيه اللوم والعتبا
اني اعيب عليه لا يقتّلنا
ولا يقدّ فؤادا بالهوى إربا
أم لا يريدون إلا مقلتي سكنا
أنّى مهلهلة تأويهم صحُبا
أنّى لخيط رداها حيك من شغفٍ
لو يفتلوه دموعاً لأرتوت قِرَبا
لخيمةٍ من ضرام الحب ننسجها
حتى غرسنا نفوسا للهوى طُنبا
وانت من قلبك المثقوب ترفدها
ولا تبالي بجرح صاح منتدبا
واغلب الظن اني حين أرتقه
سينزع العمر من اغصانه رطبا
واغلب الظن اني حين اندبه
ستنزع العين من اجفانها الهدبا
كانت سرابا ونوق الشوق تحملني
ووجه غيمك كالطاعون قد شحبا
امشي فرادى وحلم الماء يوقظني
أم كيف يروي سرابٌ طاويا لغِبا
أشدّ من عروة الاقداح عن عطشٍ
علّي الاقي ثمالا منك ما نضبا
فوق التراتيل أتلوها لدرء جوى
وكلما تنتهي ترنيمة نشبا
مثل الصحارى يناغي حلم راويةٍ
وخيل صبرك عجلى للهوى خببا
فوسّعتْ هوة الاحباب عن عمد
وعجّلت منك عمرا بالنوى خربا
يا مطعماً منحنى الاضلاع نارهمُ
أمست رماداً وما أطفوك محتطبا
والآكلون حشاش القلب عن شرهٍ
حد الثمالة ما سدت لهم سغبا
كطاعم الصلّ عن أمنٍ يناشده
وليس يسقيه إلا السمّ والعطبا
يروون إنك ما تنفكّ ساقيهم
وهم يعبّون سقيا دمعك الخضبا
حتى أضأت لهم للآن دربهمُ
وتحرق العين في ظلمائهم شهبا
وانت كالناي تبكي لحن صاديةٍ
وقد أضر شجاها صدرك اللجبا
كالريح تعبث في انسام ذاريةٍ
ما دار في خلدها ان تندب القصبا
ومذ ترجلت عن صهوات ملجمة
تسابق الريح عزماً كل من ركبا
وهم ورائك يأتمون غبرتها
لولاك ما اوردوها مورداً عذبا