طُــوفانُكَ الــدَّامي

دمــُـكَ النّــديُّ أمِ النّــدى المسفوح ُ
وصدى السّيوفِ أمِ المدى المبحوحُ
أم قلبُكَ المنزوعُ من جسدِ الضّحى
بـاد ٍ على رمح ِ الغزاة ِ يلوح ُ
أم تلـــكمُ الأسمـاءُ ، وســمُ أهلــّةٍ
أم رجـع ُ صمتـِـكَ للنسيمِ يبــوح ُ
اللهُ ، كم تُغْضي ، وكم بكَ أسرفوا
سفهاً ، وكـَــم يُدمي بـــك التّجريح ُ
ولـَــكَمْ ويا للهِ تحتســـب ُ الضَّــنى
وهـــو احتسابُكَ ما أطَلْتَ قريــح ُ
سفـــحَ الدّعاةُ ندي َّ ظلــكَ وادّعوا
صَـلفاً عليـكَ بأنــَّكَ المســـفــوح ُ
زَمَنا ً تشدُّ على الجراحِ انينها
وتـفر ُّ من وجــع ٍ إليــكَ جــروح ُ
ترنو لمرفأكَ البعيدِ .. مراكبُ
تغـــدو ومـركبُكَ الوحيدُ يروح ُ
ذَبُلَتْ مطالعُكَ انتظاراً .. لم تعدْ
عيناكَ مـن عينيكَ حين تنـــوح ُ
كم أوقفوكَ وأوثقوكَ وصلّبوا
فيكُ المسيحَ فقامَ منكَ مسيح ُ
كم حاصروا فيكُ الحسينَ وأوصدوا
شطآنهم فجرى عليكَ ضريح ُ
فأفضْ رياحكَ إن وعدَكَ موتُهُم ْ
وزئيرُ غضبتِكَ البتولُ فتــوح ُ
وأطلْ .. أما واللهِ لو كلُّ الورى
حملوا عليكَ وأثخنتكَ جروح ُ
لأقمت َ نصرَك راية ً مضريةً
بيضاءَ ، يسبِغُها الدّمُ التّسبيح ُ
يا طولَ صبرِكَ ياعراقُ وهل ترى
قمراً يطوفُ الأرضَ وهو كسيح ُ
فأفـضْ رياحـَــكَ ثم َّ خل ِّعويلَهُم
للنــَّادباتِ يؤزّها التـّـبريح
كم كنتَ وحدَك حينما صَفَقَ الرّدى
جنحيهِ فوق َسماكَ وهو يلوح
اللهُ كـــم أشتاقُ فــــيكِ تعذُّبي
ويودُّ قلبي أنّهُ المذبوح ُ
فبِمَنْ سأكفلُ غَلـّةً غَرثى حِمى ً
أم من سيشفي غـُلـّتي ويُريح ُ
اليومَ وحدكَ مستراب ٌ ظلّه
فرداً وأسرابُ الجرادِ جنوح ُ
طُوفانُك الدّامي وما من مركبٍ
مأوى ً وقدْ خرقَ السفينةَ نوح ُ
لا عاصمٌ يأوي وحالَ الموجُ بيـ
نكما فـكم وعداً عليكَ يصيح ُ
الآن ألقِ عصاكَ يا وطني ولا
تفزعْ فواحدة ٌ لديك َ الـــرّوح ُ
وطني أرى مُقَلاً تحدِّقُ في السّرى
وبيارقا خَـللَ الضّبابِ تلوح ُ
وأرى نجوماً قد تلألأَ نورُها
وسنا الكواكبِ فوقَهُنّ يسيح ُ
وأرى مراكبَكَ القصيةَ تغتدي
وهوى الأكفِّ يزفّها التّلويح