غبارُ الحرب

مِنْ حرِّ وحشتيَّ الصَّماءُ أُتَّقَدُ
أنا الهجيرُ لماذا الأرضُ تُبْتَردُ
أنا اصْطفافُ غبارِ الرّاحلينَ إلى
تَيهِ الأماني وإنْ ضَلّوا وإنْ وَجدوا
مُلَبَّدا جئتُ مِنْ أمسي أطاردُني
علّي أطمئنُ فيَّ الخوفَ أو أعِدُ
علي أمازجُ لونَ الرِّيحِ في رئتي
أو أرتديها اخضراراً حين أنجَرِدُ
كيما أسافرَ في جوعي وفي عطشي
ولي صغارٌ مِنَ الحِرمانِ قد وِلِدوا
ولي فراتان ِ مِنْ خمرٍ ومِنْ عسل ٍ
وما رُويتُ وهم روّوا وهمْ وَرَدُوا
ولي ظلالُ نخيلي يتّكي وجعي
على نديِّ أمانيهِا ويتَّسِدُ
ولي محطاتُ ركبِ الظامئين َندىً
أنثّهُا فوقهم ورداً إذا رَفَدوا
أولاءِ أهلي غبارُالحربِ ظلُّهمُ
سربُ اليتامى وراهم أينما وفدوا
يمشي التُّرابُ على آثارِهِم وَجَلاً ً
كي يقتفيهم .. هنا مرّوا ، هنا سجدوا
هناكَ عندَ ضِفافِ الغيم ِ تمضَغُهُم ْ
رَحى المنافي فلا عادوا ولا ابتعدوا
هناكَ..كانت جرارُ العتم ِ تسكُبُهُم
على كؤوس القوافي حينما انفردوا
بأنّهم رغمَ هذا العتم ِ ماانطفأوا
وأنّهم رغمَ عمق الصّمتِ ماوِئِدوا
ظلَّتْ على سعفات ِ النَّخل ِ لامعة ً
أعلامُهُمْ ، لِغدِ الآتينَ إنْ رَفَدوا
فكيف لي أن أطوَي حمل راحلتي
وماترجَلتُ عنها إذْ همو قعدوا
وكيف أقصي لُهاثَ الصبر عن رئةٍ
معطوبة لم تزل للآن تحتشدُ