ها أنت وحدك من معك

من أنتَ لو جَحَدَتْ عيونُكَ أدمُعَك ْ
أو أنكرتْ كفَّاكَ منها إصبعَكْ
أو عُلِّقَتْ رجلاكَ من عثراتِها
أو فرَّ ظِلُّكَ من وراكَ ليتبعَكْ
أو غُوِّرَتْ عيناكَ في حَدَقاتِها
لتظلَّ تَمْخُرُ في السَّرابِ لتخدعَكْ
أو فرَّ ضلعٌ من ضلوعكَ خلسة ً
ليعودَ يطعنُ من ورائك َأضلعَكْ
منْ أنتَ لو كانت سنينُك لم تكنْ
إلا التي كانتْ عليكَ لتخلعَكْ
أحتارُ فيكَ ولا أسَمّي حيرتي
جَهْلاً ومثلي ليس يجهلُ موضعَكْ
وطني تُسَرْبِلُكَ الجروحُ وليتني
أسطيعُ لو مما أبوحُ توجعَكْ
أو ليتني يا ليت َأقضمُني حصىً
كيما أجوعَ بجنّتيكَ لأشبعَكْ
ظمآنُ والدّنيا لديكَ وأنتَ مِنْ
دِفقِ المياهِ وكان ظلّكَ منبعَكْ
هاأنتَ وحدكَ والغزاةُ عقاربٌ
وأجلُّ ما ألقى لديكَ ترفّعَكْ
ظامٍ ، ويا الله، يا مِنْ ناصر ٍ يا مَنْ
وتوشكُ أن.. وتخفِضُ أذرعَكْ
غُرَرٌ من العبراتِ همسُ لواعجٍ
في الصّدرِ تومئُ بالدّعاءِ لترفَعك ْ
عينانِ رابضتانِ خلف َأناملٍ
تتحسّسُ المرمى إليكَ لتصرعكْ
قلبي عليكَ ولا أراني باخساً
قلبي ولو عمرًا حرثتُ لأزرعَكْ
وطني يحاصِرُكَ الجميعُ، وأينما اح
تشدَ الفراغُ يظلُّ صوتُكَ موقعَكْ
نبعُ المروءةِ أنتَ بُلَّ أصابعي
كفايَ مجْمرتانِ فامْدُدْ إصبعَكْ
وحدي ووحدكَ والمقاتلُ جمّة ٌ
أخفي، وتُخفي طيَّ صمتِكَ مدفعَكْ
ماذا ستفعلُ كلُّ قاص ٍ وُدُّهُ
دانٍ إليكَ وأنتَ ترفَأ مَخْدعَكْ
وهواكَ يطفحُ بالكؤوسِ مُدامةً
وكأنّكَ السّاقي بكفِّكَ مدمعَكْ
ماذا ستفعلُ لو تألّبَ كلُّهم
زمرًا عليكَ،وأنت وحدكَ من معكْ ؟
وطني عزيزٌ أن أراكَ مضيّعاً
وعزيزُ نفسي أن أكونَ مضيّعَكْ
مثلي سحابة ُأدمعٍ سحّتْ دماً
ولأنتَ أحوجُ ما تكونُ لأرضعَكْ
ألفاً أموتُ بضفَّتيكَ وليتني
أسطيعُ حين أموتُ أنْ أتضوَّعَكْ