يتم إلى أمي التي أنجبتني للعذاب وتركتني قائما عليه دون وصية

أرأيتِ كيف سحائبُ البُرَحاءِ
سحَّتْ عليكِ بأدمعِ لبكائي
سَكَبتْ على الغرباءِ بعضَ تغرُّبي
وضياعَ نجمي حين تاه ورائي
أرأيتِ يا للهِ كيف أخيطُه
لما تفتَّقَ بالهمومِ ردائي
فلعل فُرقة َمَنْ أوَدُّ بهيّنٍ ٍ
ويلي فكيف تفرّقُ القرباءِ
مَنْ لي وكيف تعلّلي من وحشتي
أو كيف أكتُمُ شقوتي وعزائي
صاحبْتِنِي درباً طويلاً ممحِلاً
في المُرْزَماتِ وفي ذرى البأساءِ
وكفَلتِ فيّ طفولة ًأسيانةً
ولممتِ مُنكسِرِي من الإذواءِ
وعهدِتنِي لمَّا تقطّعَ عهدُهُ
مَنْ كان أحرى أنْ يكون لوائي
مَنْ كان أحرى أن يلفَّ رِداؤه
عُريي فصرتُ ألفّهُ بردائي
كم دمعةٍ كفكفتُها بأصابعي
وزَعمتُ فيّ تجلّدَ الخِيَلاءِ
وزعمتُ أنّي لن أبوحَ بدمعةٍ
فإذا المدامعُ تستبيحُ خِبائي
وإذا الذي كنتُ إدّخرتُ من الإبا
يهتزُّ بين تمنّعي وحيائي
يا من يعزُّ عليّ فقدُ جُوارِها
وفِراقُ مبسمِها عن الاضواءِ
كنّا اغتربنا والهمومُ أقاربٌ
وعلى الغريبِ تحننُ الغرباءِ
فبأيّ نَوح ٍ أستعينُ ببلوتي
وبأيِّ شعرٍ أستهلُّ رثائي
أوعدتَني يا حبُّ إنّكَ متلفي
شوقاً وإنَّك تاركي لبلائي
ووعدتِني يا أمُّ لا يلجُ الأسى
قلبي ولو حَمَلَتْ عليّ عدائي
كم كنتُ أسعى أن يكونَ مماتُها
بعدي ولو أجلتُ كلَّ قضاء ِ
فإذا الذي أفديهِ من غَصصِ الرّدى
قد صارَ يلهثُ للرّدى لفدائي
أنا ما سلوتُ عهودَ تلكَ صبابتي
وعَهِدتُ ذاكَ فماتَ فيّ رجائي
لكنّني وأنا اليتيمُ بحبِّه
ملقىً على أكرومةِ الشّهداءِ