هبيني خاتما من لجين

هو العراق كوجه الشمس ما خفتا
هو البريق ولو كل الظلام عتا
صلت الجبين جراحات تجلله
اكبرت نزفك يا بتار منصلتا
كأنما منك غمد الموت منذعر
وإن ضرس الردى من خوفه بهتا
هو العراق فقل للارذلين قفوا
مات الغزاة رميما والعراق فتئ
1 نوارس دجلة
قولي لربك يا ربى دجلةْ
قدر العراق شهيده نخلةْ
فدم الشهيد مداد ثورته
أنى وغمد حسامه صولة
قولي لدجلة قرية صبأتْ
لحقتْ بيونس ترتجي قتلهْ
ما ساهموه فكان مدحضهمْ
وتقاسموا أنْ يقطعوا نسلةْ
لقموه حوتا مثلهم شرهاً
فنفوه قسراً مذ سبوا اهلهْ
واجتثوا وجه الشمس علّ به
يقطينة تشفي له علّة
وتدارأوا جمعاً على دمه
وجميعهم قد احسن القتْلةْ
وتسوروا جبنا منارته
فأحدودبتْ نصراً الى القبلةْ
2 شذرة بغداد
بغداد تبقى شذرة بالتاج
وضنينة الخلفاء خلف رتاجِ
وعفاف صبر الكاظمين على الطوى
الباذلين النفس للمنهاجِ
مذ اسرجتْ فيك الائمة خيلها
قدسية ترقى الى المعراج
وضفاف دجلة والحمائم فوقها
رفّتْ تناغيها بلون العاجِ
وزوارق النوّاس عين مليحةٍ
ترنو الى المجذاف والامواجِ
وشقائق النعمان فوق خدودها
ثملت كنطعٍ من دم الحلاجِ
3عيون المها
تغالب الشوق والاشواق تغلبها
روحي بطرق النوى قد جفّ اغلبها
وللذباب طنين فوق رمّتها
مثل احتضارات وجد جاء يسلبها
النائحات على صدري تراقصني
إن الثكالى انين الصدر يطربها
فيتّمتْ كل دمعاتي بلا مقلٍ
كأنني من عقيم الآه انجبها
لم يبق منها سوى خيطٍ تؤرجحه
ما بين عينيك والاكفان ترقبها
وما تبقى رذاذ في غمامته
كالسارقين رذيل العمر يسلبها
حتى انقضت عدة الاحزان من وجعي
جاءت جيوش الردى للموت تخطبها
واعذب الشوق حين القلب ينهكه
في اخر الليل بالآهات اعذبها
وانجب الهم حين الصدر يثقله
اطياف ليلٍ فلا يدري معذّبها
العاشقون فما ابقت مذاهبهم
انى وفرط الجوى بالشوق يذهبها
احن للشرق حتى غار مغربها
ونائحات الاسى للروح تضربها
واغتمّ بالقلب عيش لا احبذه
مثل الحمائم لمّا ضاق ملعبها
فما انطوت فيك جذلانا حكايته
مازلت قحا الى الاعراب تنسبها
كأن في دلة الديوان ذاكرتي
والبن قهرا مع النيران ينشبها
ما ظل منها سوى كل الذي طويت
فيك المسافات الا ناءَ اقربها
يا منية النفس ان الدرب ذي عوجٍ
وقد تعرج لما شح مركبها
وبي من الشوق ما لم يخفه ارق
روحاً على مذبح العشاق اصلبها
فمن لعيني من عينيك اسلبه
سوى ارتعاش دموعٍ خاب مرعبها
لا غالب اليوم الا الله يا وطني
فمن عيون المها بالجسر يغضبها؟
4 العئ بنا الشوق يابغداد
العى بنا الشوق يابغداد والحرٓقُ
مالي وشكواي قبل البوح تختنقُ
واعقل الدمع حتى ضجّ من فزعٍ
مثل العبيد جهاراً منك قد ابِقوا
ياسيد الصبر ماعيلت روافدها
والروح في فجها ضاقت بها الحلق
امسي ولأواي صبر العيس من عطش
وانني في بوادي الخوف اختفق
فليسألوا القلب هل بالحب كاذبة
وكيف من يحمل الاشواق يختلق
وانّ الف سبيلٍ بتّ اسلكه
كي لايقال بغير الوجد اعتنق
اني قتلت وموتي في مذاهبها
ومذهب الحبّ قتّال لمن عشقوا
كل النهايات يابغداد اعرفها
انّ الفراشات بالنيران تعتلق
لاعيب فينا اذا مشكاتنا خمدت
فالشمس في غربها اودى بها الشفق
والناطرون شروقاً كلهم ذهلوا
لما علا عتمةً من راسها الغسق
لي من هواها ردينيّ يغازلني
من نصله كادت الارواح تنزهق
وبي اليها صرير الباب يسبقني
فصرت من هوله للباب استبق
كنت الذي قبل قرع الحرب اقرعه
والآن في غفلة للسمع استرق
وكم اليها شواظ النار يلسعني
ماضرني في اتون الحب احترق
وكم اليها طيور الشوق تحملني
فوق السراب يبابا مابه طرق
كراكب البحر غرقان له املٌ
حال المحار على الشطآن يلتصق
هي المواجع القت همّها صعدا
كأنّ من سدم الاحزان تنفتق
لكنني في ضرام الصدر اسجرها
ليلثم القلب رتقا كاد ينخرق
الام بالوجد والوجدان يطلقها
مسالك الدمع حتى جفت الحدق
وما الجراحات القت رحلها نزلا
الا على موطن الآهات تنطبق
لم تبقِ عيني سوى طيف يطاردني
اضحى على معبر التذكار ينبثق
مذ كان فيها وليد الشوق من نطفٍ
وانت في رحم الافلاك لي علق
كل العواصم يابغداد درت بها
وما دعاني على ظبياتها شبق
الاك ياملتقى كل القلوب هوى
ماابعد الوصل حين الوصل ينذلق
الاك يانخلة بالقلب باسقة
اشجت بلابلها مامرها قلق
كل العراجين في عينيّ ماعذقت
غير الذي في روابي الكرخ لي عذق
وانت يامهرة الامجاد جامحة
نقية الثوب ماقد شانها بلق
وكم وددت ربيع العمر يجمعنا
لا اننا في رذيل العمر نفترق
ياسائرين على دربي حذار بها
فمدنف الحب دوما دربه زلق
مثل الحمامات اي كان مهجعها
يوماً على مهجر الاطيار تنطلق
ايه لبغداد كم مرت بداهية
كل القيامات تدنوها وتنطبق
لكن بغداد كل الحب زرقتها
مثل السموات فوق الغيم تأتلق
وانّ بغداد وجه لايروّعه
وجه على دكة الشيطان يعترق
وكاعب الحسن قد مرت بطيلسها
وما غزا وجهها من رعبهم رهق
يافلقة البدر في سيمائك نظر
في واحتيك ستتلى الناس والفلق
5 سلاما لجرحك
سلاما لجرحك يامنهكُ=على جانبيك الدما تسفكُ
وشاحا على مثقلات الصدور=كسيف بآلامنا يفتك
فكنت كما ترتجى لا تلين=غضيضا على جمرة تمسكُ
وعيسك تطوي عباب الذرى=وإنْ غرّ اخفافها المبركُ
على مربد شحّ فيه الكلام=وللرمح في قتلنا مشبكُ
على غصّةٍ تستهين الصعاب=كما لان للناسك المنسكُ
لانت الطريد الذي لا يهان=كصقر بها حام لا يدركُ
ثبتّ كأنك قطب السلام=وللحرب في عمرنا مسلكُ
ارادوك طودا بوادي السلام=طريحا ومثلك لا يعركُ
وانى وكيف وانت المقام=اذا مرّوا من رهبٍ يهلكوا
لان بوجهك كلّ العراق=بريق من الضوء لا يدلكُ
وانت اذا ازٌ شيطانها=يعاجله كاللظى نيزكُ
وانا بدربك مستيقنين=من المجد علياؤه نسلكُ
سلام لروحك روح الشهيد=خلودا وفي روضها تحبك
امانا لها من دعاة الحروب=ومن كل افكٍ بنا يأفك
6 الوطن المجروح
ليس القطيعة والهجران من صفتي=ياايها الوطن المجروح ياابتي
عذرا لجهلي وها اشقى بمعذرتي=والعذر لا يرتجى الا لمثلبةِ
اني انا الواقف الولهان ذي عوزٍ=ان الكرام لتعطي دون مسألةِ
ردي اليّ لما اعييت من تعب=والجود لا ينبغي حكرا لذي سعةِ
انا كلانا له عذر بخافقه=رغم التوجع لا يبديه من دعةِ
كي لا اقول وسرّي انت محبسه=حتى وإنْ حشرجتْ للموت حنجرتي
يادجلة الخير ان العمر منهمرٌ=ظمأى جراري وترثي الماء مشربتي
والطلع قد هزه وجداننا هيفاً=من نخلةٍ في بقايا الروح باسقةِ
ماللتوكؤ في نهريك يعجزني =والعابثون اقضّوا ظهر منسأتي
حيث اللئامة والخذلان ديدنهم=فاسلم عليك سلام الحرف من لغتي
7 الئ الحدباء
سلامً لطهرك من مسجدِ=اطلْتِ القيام الا فاسجدي
وداعاً فموتك نومٌ التقاة=ومن قام في ليله يرقدِ
وقومي لربك بعد الفتور=اطلْتِ القنوت الا فاشهدي
وقولي لزنكي عذر الصغير=ليوأد قبل التقام الثدي
توالت عليك قرون طوال=وصوت الرسالة لم يخمدِ
كأنّ ونوح دعا قومه=فما امَّ محرابه مهتدي
وذا النون عارٍ ليقطينةٍ=كساءاً لسترك من سيّدِ
8 في وصف السيف
واجرد اصليت يضاحكه الردى
يبيت باغماد القلوب مسهّدا
كأنّ به طرف قذاه من القنا
ليجدعها قبل المضارب ارمدا
بليلٍ يخيف الذئب فقد نجومه
فأورى كسقط الزنْد واندس مرعدا
يكحّلها موتا لئنْ جد جده
عرائس بينٍ تنهز العمر مكْمدا
فلا الموت يثنيه وقد غضّ طرفه
اذا ماارتقى فوق الرقاب مجرّدا
واحنف خنذيذ يطاع كراهة
تداعى له شمّ العرانين سجّدا
تمادى باكباد الرجال غضاضةً
بقلب كأزبار الحديد تجلمدا
فيالك من قدٍّ يقدّ صرامة
فأمسى على ضرب الرقاب محسّدا
يلاقفها موتا وماالموت للعلى
كمن يشتهي طول الحياة ترددا
9 سلاما لدجلة
سلام على نينوى مذ دنا
سلام لدجلة فيها انثنى
وام الربيع له درّةٌ
بتاج العراق تضئ الدنا
سلام لايامك الخالدات
وخيل لحمدان جرْد القنا
عليها رماح الرجال الطوال
اذا خطّ منها مقالا عنى
مقالاً يهز صخور الجبال
وصمت له يخرس الالسنا
ترفّ بها خافقات البنود
بميسرةٍ تخفق الميمنا
وقلبٍ كقلب الاسود اجتراء
يؤزّ الحيازيم أنْ تجبنا
سلام على لامعات السيوف
لتنثر قبل الردى سوسنا
سلام لحدبائها غادة
كقائم ليلٍ بكى فانحنى
دموعا لاوجاعنا بلسم
ويقطينة تلثم المثخنا
وذا النون فيها حبيس الظلام
وخوف على قلبه هيمنا
يسبّح فيها بآي طوال
عسى الحوت يلفظه موهنا
سلام على شامخات الجبال
وسعف النخيل وما قد جنى
بتمر سمار نساء العراق
لينطقني اخرسا مذعنا
من الدير القى دموع النسا
على جرس باللقا دندنا
وإن اليسوع على صخرة
اتاني كما الطير كي أأمنا
سلام على بغداد من خافق
يرفرف شوقا كثير الغنا
سلام على شعفات النخيل
وسيابها يستجير الضنى
لينثر امنا على الخائفين
ويدعو لفجر يشيع السنا
10 ولولاك
ولولاك لم ابكي ولم احترق ذكرى
وما هزني وجد فيكتبني شعرا
ولا نابني بالليل هم وعلة
تجوب بي الآفاق يا علتي الكبرى
فبعدك ما احببت سمرا تيقني
ولا من ملاح البيض اذْ سامرتْ بدرا
نعم ان لي بالسمر من طولها رمح
يشق فجاج الروح ما يثلج الصدرا
وكل رشيق القد صقل مهنّدٍ
اذا جردوه الغمد يشبهها خصرا
نعم ان لي بالبحر سحر ومركب
وحورية غيداء تستخرج الشذرا
ولكني يابغداد مازلت عاشقا
اباكي شذى الازهار انْ الثم الثغرا
11 من وحي قصيدة ابن عربي
شدوا الركائب صوب برقة ثهمدِ
حكمتْ لحاديها بعشقٍ سرمدي
طاوٍ كخاوية الوحوش لحيها
مستهديا انوارها كالفرقدِ
عشرون ماطرة هطلْتُ ولم تزل
نار الهوى جياشةً لم تخمدِ
والى الحجون اذا افضْتَ فراسخا
حيث استراحات الجوى للمجهدِ
لخوافقٍ سلب الجمال عقولها
بلحاظ ظبي بالغرام مسهّدِ
فهناك موعدنا بشعْبٍ عشبه
من كل بارقة بمكة ينتدي
فكأننا بالشعْب بعض حجاله
سجعتْ لدمعات العيون الهجّدِ
ودجَتْ نواظرها كليل مبهم
دعجاء ناكرة لفضل الاثمدِ
سود الغدائر قد تجعّد متنها
هلباء تسعى كالشجاع الاسودِ
إن لم تقتّلك الرماح كقدّه
فبطرف خشف من تهامة اغيدِ
عج بالركائب نحو يثرب آمنا
مثل الحمائم في بقيع الغرقدِ
وهناك ينعشني النسيم نضارةً
فترد روحي بعد يأس العوّدِ
لا لا تقل اني سارحل في غدِ
شتان ما بيني وبين ضحى الغدِ
الآن يا حادي الجمال الى الحمى
قد كاد يقتلني الغرام الاحمدي
فهناك ماشطة القلوب ترنمتْ
وسجتْ هياماً من جمال محمدِ
12 بانت سعاد
بانت سعاد فقلبي اليوم منكود
محسّد بعدها لو يفْدَ محسودُ
وما سعاد التي بانت لتهجرني
كالبان ميادة لو ينثني العودُ
بانت فبانت لها بالروح نازلة
مذ اسهبتْ في اذاي الاعين السودُ
سمراء كالشمس يغري ثغرها دررا
لا يدبر الليل حتى يشرق الجيدُ
لا يطلع الصبح الا حين توقظه
من مبسمٍ تلتقي فيه الاغاريدُ
والليل لا ليل الا من دجى رشإٍ
في ليل عينيك القتها المواعيدُ
مصقولة مثل مرآةٍ رخامتها
يغار من قدّها البيض الاماليدُ
رفقا بقلبي جرد التوت تجرده
قد عاث فيه جراد الحب والدودُ
لولا هواك هوام الحب ما سكنتْ
جوف الفؤاد ولا نمّت تجاعيدُ
مستودع السر فيها غير منتهكٍ
بموضعٍ في الحشا والعين موؤودُ
عهدي بأن الحشا بالسر محتفظ
يا ليت دمع الجوى كالباب موصودُ
يا لائمي ان تلم قد لمتَ ذا شجنٍ
والدمع شرع الهوى بالجفن مرصودُ
منازل امحلتْ في اهلها فخلتْ
جرداء قاحلة ما مرها العيدُ
امرّ فيها غداة البين اذ رحلتْ
وما رأتْ كم بجفني مرّ تسهيدُ
يا حسرة في ثنايا القلب قابعة
فاستسلم القلب لم يخرجْها تنهيدُ
حرّى كأن اللظى بالصدر حامية
قد سعّرت في ثناياها الجلاميدُ
وما سعاد لها بالحي ذاكرة
غير التي في هواها غنّت البيدُ
والعيد حتى ابتدى من يوم مولده
يا خير ما بالدنا جادت مواليدُ
يوم به اطفأت نار المجوس له
اذ حطم الكفر والاصنام مولودُ
يوم به نوّرتْ من حضن آمنةٍ
بصرى وقد غرّدتْ جذلى الاغاريدُ
محمد مثل جود الغيث عن كرمٍ
اذ يستجير به لو امحل الجودُ
والغار حتى تلا اقرأ وقد خشعت
ام القرى رهبةً واهتز نمرودُ
هذا رسول الهدى للناس مرحمة
قد خصه من بيان الرب تأييدُ
محمد خير من ترجى شفاعته
يوم الحساب فلا ينجيك تفنيدُ
محمد في خميس الآي رتله
قد ارعبت من سراياه الصناديدُ
فمالنا لا نرى لله خافقةً
رايات عدلٍ وهل ساد الرعاديدُ
ومالنا نرتضي للنفس ارذلها
حتى اعتلا ظهرنا السود المناكيدُ
بلال اذّن وما ارواحنا خشعتْ
فالقيد في معصمٍ والظهر مجلودُ
13 من وحي الهجرة
حرفي تجرّأ يالجرأة حرفي=وبكى يراعي اذ يسابق طرفي
وجمتْ باقلامي السطور اسيرة=وتفلّتتْ جفلى لتركض خلفي
وانا بصمتي قد عقمت قوافيا=فوقفت مذعورا اطارد حتفي
حتى رايت على الصخور عناكبا=وحمامة هدلتْ فيسدل عنفي
وبغار صدري هدأة وسكينة=وكأن صدّيق يبدّد خوفي
ونبيّها يدعو دعاء محبةٍ=انْ لا تخاف فكن هنا ردفي
فعليّ يغفو في سلام رسالتي=وعليه بردي ماتقلّد سيفي
وانا هنا في الغار حفظ امانة=ركنا شديدا لا يصدّع سقفي
فكفاني ربي والخطوب كثيرة=وامان ربي للشدائد يكفي
وهناك قصوائي تنوء بحملها=كغمامةٍ سارت بوثبة خفِّ
وهنا اريقط اذ يقود خطامها=ونطاق اسماءٍ لجوعك يخفي
فهم الثلاثة من يجيئ بركبهم=واذا سراقة للمزاعم ينفي
وسوار كسرى في يديّ بشارة=وجنى المدائن في اصابع كفي
14 يالوعة القلب
يا لوعة القلب بين الآه والآهِ
ابثّها في هزيع الليل للهِ
العذر امسى بديلا عن رسائلكم
يا منتهى حسرتي في عذرك الواهي
اقلّب الليل كم طالت دسائسه
ولا ارى منقذاً من حزنك الباهي
فبشريني بصبحٍ بت احلمه
ما اطول الليل يا ليلى لأشباهي
يا لائمين فؤادا كيف يتبعها
من دان دين الهوى لبّى بأكراهِ
لا استطيع عتابا حين تنظرني
شكوى المحبين دوماً دون افواهِ
فتفصح العين عما احجمتْ مهجٌ
بوح العيون لقلبي آمرٌ ناهِ
لو تحفظين لروحي بعض لهفتها
او تغدقين عليها نعمة الساهي
15 قد راودتني
قد راودتني في الهوى قتلا
لا فرق عندي فأشحذي النصلا
بكلاهما اني صريع جوى
فقتيلها لا يشبه القتلى
اشتاقها والموت يرهقني
عند احتضاري آيةً تتلى
سمراء مثل الليل ترهبني
تنساب من بوح الشذى طلّا
ليذوب دمعاً فجر مقلتها
في مرودٍ يغتالني كحلا
وتعود بالاصباح تقبضني
قبضاً يسيرا كالردى عجلى
أوَ طفلتي ما شاب مفرقك
ما زلت في ريع الصبا جذلى
صبي همومك فوق ناصيتي
ان القصيد نواصيٌ ثكلى
16يالذيذ الحضور
يا لذيذ الحضور مرّ الغيابِ
مثل وخز الظما بجرح السرابِ
انت أنس الردى بقربك حتفي
حيث موت الندى بصدر الضبابِ
نظرة منك وبّختْ فيّ عمرا
فإقصر الطرف يا انيق العتابِ
عزّني في الغرام عيناك وجداً
فوق ذاك النوى بفصل الخطابِ
مقلة الريم امعنتّ فيّ شزرا
دون قولٍ فأسهبتْ بالحسابِ
ابلغُ الحزنِ أنْ تلوذ بصمتٍ
حين يرثي السكوت حزن الغيابِ
اكثر النوحَ ما لدمعك بوحُ
يا خفيّ الدموع يوم الايابِ
جئت والليل عقده من نجومٍ
كلّ شذرٍ تميمة للمتابِ
واعصر الحب خمرةً واسقنيها
من رحيق اللمى وشهد الرضابِ
فاقبل العذر ام بقلبك شك
إن بوح الغرام محض ارتيابِ
17 يالجينا
يا لجيناً مهراقة بالكؤوس
وجهك البدر هازئا بالشموسِ
لم ار الخمر قد ترنّم سكرا
مثل عينيك خمرة للجليسِ
خادعيني ولو بحنث يمينِ
يا لحاشاك من يمينٍ غموسِ
ايها الضامر والحشا في هزال
اغمد القد في سلامٍ ضروسِ
واسهريني بنزر طرفك وجدا
كي اطيق النوى بليلٍ عبوسِ
قولي شيئا فهذه الروح حيرى
تشتكي اليأس من قنوط الانيسِ
لا وعينيك لا ارى فيك شكا
انت فوق الشكوك يا قدّيسي
كل لفظٍ عليه منك رقيب
وحده الله عالم بالنفوسِ
18 ياغصينا
يا غصينا مكيْدة للغصونِ
هزّه الوجد آيةً للعيونِ
في دلالٍ وحقّ منه دلالٌ
بدّد الليل في سهاد الجفونِ
يا رزانا فضاعة الرمح قتلا
حين يبرى بمهجة المطعونِ
ملتقانا ببطن مكة شعْبا
حيث مسرى الجروح عند الحجونِ
اذ قتلنا فساح عرْق نفوسٍ
قد سقاها الغرام ريب المنونِ
سامحيني ابعد موتيَ عذرُ
ام ظنون تزاحمتْ بالظنونِ
لا وعينيك والصفا حيث زمّتْ
بئر عيني بمائها المحزونِ
ام لجرهم ما تزال شكوكٌ
كي يحيدوا عن السراط المبينِ
يا وليدي وطفلتي حيث اظمى
نبض قلبي كما الحديد السخينِ
انت ما انت يا ربيبة عمري
امطري العمر من رذاذ السنينِ
واستفيقي ثمالة العمر سكرى
فاعقليها بشعرك المجنونِ
19 هبيني خاتما من لجين
هبيني خاتما من لجين
يفيض كوجهك بدر التمام ليؤنس
من وحشة السائرين الى بلادٍ هزيلة
وان بفصيه شذر العقيق
كبندقةٍ بنية الشاطئين
بمسراك مسرى العيون
يذكرني جذوة المقلتين اللتين
تشظيتا عتبا وغيلة
تطوف على اصبعي كل يوم
تميمة وجدٍ فانسى انيساً بديله
فداءاً لعينيك ماء العيون
لينبجس الدمع قبل البكاء
كسيف يخيف الفؤاد صليله
وأن لثغرك الف اعتذار
من الشهد حتى يروّي غليله
ولكنّ يا نبضة العاشقين
اتيتك قلبا من الذكريات
تعثّرني حتى اضعت دليله
فداءا لعينيك شذر الرمال
وتبر الصحارى كلون الحبارى تفر الى القلب حيرى
فترقى اليه سبيله
كنخل تسمر ملأ الفؤاد ويغرس فيه الفسيلة
انا لا احبك لانك انت الجميلة
وان بوجهك زهر الربيع
فصارت تنمّ عليك الخميلة
وان بقدك الف حسام
تجرد يقصي وجوه القبيلة
وليس لكون الغرام القديم
يؤز اللظى في النفوس القتيلة
ولكنّ انت يداك الحنان
تداوي كأيد المسيح النفوس العليلة
احبيني ايقونتي من جديد
فالذي مرّ منا عراك الطفولة
دعيني اقبل منك اليدين
وأرزخ تحت الظلال الظليلة
وان قبّلت منك الشفاه
فتلك البراءة يا حلوتي
وان قلوب الصغار لا تعرف معنى الرذيلة
20 عطشتك
عطشتك عشرا من المجدبات
وعشرا اذبْتُ عليك الحشا
وإني مبايعُ عشرينها
بقلبٍ سجى بالجوى موحشا
فلا الدهر انصفني لهفتي
ولا انت اسقيْتني يا رشا
وما الليل من قاتمات العيون
اظلّ على مقلتي ما غشى
دعيني لاشرب من راحتيك
سلاما لثغرك حين انتشى
عليه من الشهد ما تبخلين
وقطْر له خافقي اجهشا
21ومض المعنئ
ومْض المعنّى في الهوى شوقُ
كالغيم يذكي حزنه البرقُ
لا تقربيني فالجوى ضُرمُ
اني يروق لمهجتي الحرقّ
لم يبق فيها غير جانحة
للسلم نفس شفها العشقُ
إن كنت مثلي يا ردى كبدي
فلتعتقيني فالردى عتقُ
22 سلافة الخد
ولقد شربت سلافة الخدِ
رقراقة من شدة الوجدِ
بيضاء مثل البدر صافية
وضاحة تهدي الى الرشدِ
مكنونة بالصدر من زمن
محبوسة مكتوفة الايدِ
عتّقتها في اسرها فسعتْ
جري المقال بالسنٍ لدِّ
مجنونة الاشواق فاضحة
ولقد خبرت جنونها وحدي
كادت لسرٍّ طال تفضحه
حلو المذاق عذوبة الشهدِ
فلثمت منها كل ناطقة
كي لا تبوح السر للعقدِ
ورجوت منها كتم مبسمها
يشهد بأني زدت عن حدّي
والجيد قد اخجلته قبلاً
انْ لا يريق حشيمة النهدِ
23 ابنية العينين
ابنية العينين مالي ومالكِ
شغوفا وهذا القلب رهن خيالك
يضللني قسرا فاتبعه هدى
وادري يقينا ان نار ضلالكِ
اسائل انفاسي بكل حرورها
ايحمل هذا الصدّ وجه ملائكي
اقر لعينيك اللتين مداهما
معارج خفّاقي بضيق المسالكِ
تعثرني وهمي وبالقلب حسرة
بأن الذي قد فات مات ببالكِ
فلا انت تنسيه ولا انا تائب
تعالي فما بالبعد غير المهالكِ
تناثرْتُ كالنجمات عذرا ولم يزل
يقطُعني بالليل شذراً هلالكِ
فديتك عذالي كثيرا وكلهم
وما فنّدوا فينا بشسْع نعالكِ
ولو كان قلبي في صدور عواذلي
لما انكروا حالي محباً وحالكِ
وقالوا علينا ان للحب سطوة
وسلطانه كالموت فوق الممالكِ
وما علموا اني قتيل بحبها
اذا شبهوا المقتول حباً بهالكِ
24 ومانعة وصلي
ومانعة وصلي تروح وتغتدي
وتشهد عيناها تمنّع اغيدِ
الا فافصحي ان الغرام عيونه
شواهد صدقِ في جفون مسهّدِ
فلا تخفِ ما تخفيه من ضنك الجوى
وجودي على الولهان في لين موعدِ
لالقاك يا احلى من الشهد قبلة
لئالئَ ثغر بالجمان منضّدِ
تصيّدني والناهلات بمقلةٍ
على كل قلبٍ ناكر الحب تهتدي
25 ياكاتم السر
يا كاتم السر الهوى شائعُ
من بين همزات اللمى ذائعُ
مذ خامرتْها لذعة كاللظى
فاحمرّ منها خده الناصعُ
حتى بدا يختال من حسنه
ماعابه راءٍ ولا سامعُ
لو آنستْه بالسما نجمةٌ
لغار منه القمر الطالعُ
لا تسأل العذال عن حاجتي
وحاجتي انت لها مانعُ
تهديني من احلى الاسى شيبة
انك في تعجيلها ضالعُ
عذبت قلبي والجفا غصة
خلّفتها ليس لها دافعُ
تقرع بابي بالدجى خلسة
انّ الجوى من طبعه قارعُ
يطرق اجفاني فلا نومها
نوم ولا دمع بها هاجعُ
26 امام الحسن
احقا امام الحسن تستفتي قتلنا
حبيبي وايم الله انك فاعلُ
فقد قضيت نفسي بحبك جفوة
فهل انت يا قاضي القطيعة سائلُ
ويعذر منك الصد الا قطيعة
فدعها تدق القلب جذلى الرسائلُ
فصلني بوصلٍ والدماء قصاصها
اذا اجتمع الخصمان إن يفْد قاتلُ
27 رقيق مثل خاطرة
رقيق مثل خاطرةٍ بطيفِ
كأحلام الصبا وثبتْ بعنفِ
لأيلاف الهوى نصبتْ خيام
فاكرم في غرامك الف ضيفِ
مجرّدة كغصن البان فرعا
تقد الروح من ترفٍ وهيْفِ
مشرّعة الاسنة رفق صبٍّ
فداها العين إنْ اذنتْ بخطفِ
اباحت مقتلي فأبحْتُ قتلي
واقصى الجود ان ترضى بحتفِ
لتنثرني برمل العمر شذرا
يؤرجحه النوى بفجاج كفي
اذابتنا سنين البعد قهرا
هنيئا يا عواذلنا التشفي
28 زرني بليل
زرني بليل ايها الراحلُ
طيف محب قلبه سائلُ
يحرمنا لذة عين الكري
اودعه اجفاننا الزاجلُ
يعرفني مضنى رسول الهوى
ما حال بيني والهوى حائلُ
ام ان من عذب اللمى عادة
يفعل ما يفعله العاذلُ
تسور الجدران في ظلمة
خصم كعباد الدجى ناحلُ
فقلت زدني بالهوى فتنة
ينفر من اهوالها الواجلُ
ولن ارى اكبر من فتنةٍ
انك عما هالني غافلُ
يرضيك يا صفوي ويا منهلي
وانت من ريع الصبا ناهلُ
تقول لما حام حوم الردى
انك ياورس الفلا ذابلُ
تنصف غيري والهوى عهدة
يهديك رب في القضا عادلُ
يا قاتلا اعدمني حبه
دع عنك ذنبي ايها القاتلُ
29 وحبك لص
وحبك لص يجيد التخفي
يباغت عيني بلمحة طرفِ
فيسرق رغما لذيذ جفوني
وينعاه دمعاً بشهقةِ طيفِ
وبي منك حمى سخونة صيفِ
وبرد شتاء ورعشة كفِّ
وموت بلطف سلافة كيْفِ
وطعنة رمح وضربة سيفِ
تعالي لأأنس منك احتضارا
فحبك ارسى طريقاً لحتفِ
اعطرك ام زاكيات زهورٍ
يحلّ اريجاً يسهّد انفي
هنا قبليني وداع محبٍّ
بقبلة ثغرٍ تبدّد خوفي
30غافلت في وصلك
انْ لا يريق حشيمة النهدِ
غافلت في وصلك العذال والحرسا
ومن عيون علينا تنشر العسسا
ومن دموع بجنح الليل راجية
تناشد الصبح ان لا يكشف الغلسا
كي لا يراها من اللوّام حاقدها
احصى عليها انين الصدر والنفسا
لو امعنوا فيك كل الشك ماوجدوا
اخفيت شذرك بالآهات فأحتبسا
افديك يا اول الاحزان من سهري
يا همسة الخمر للولهان اذ همسا
يا قبلة بين عينيها ارقّدها
لعله الثغر يجني كل ما غُرسا
جالدْتُ فيك صخور الصبر من ولهٍ
حتى رميت عصا الاشواق فانبجسا
31 لاتلمني
لا تلمني ايها الصاحي صباحا
انا جفن هزه الوجد فناحا
ماجنات الشوق اذ تفضحني
انا لا اخشى من الشوق افتضاحا
فأنا ابن الهوى برّا به
كيف لا اخفض للحب جناحا
وهنا نسل الجوى في اضلعي
كل حدبٍ يبتغي الروح اجتياحا
من غزال سارحٍ في خافقي
غصة للموت تابى ان تراحا
شاهر العينين كم روّعني
دون اسياف وما سلّ السلاحا
لا وعينيك فما خطبهما
اشحذ العفو ولا القى السماحا
32 جاوزت في لومه
جاوزت إن لم تعلمي الحدا
باللوم حتى كاد أنْ يردى
قلب تولاه الهوى جذلا
للآن لمّا يبلغ الرشدا
خبيه قسرا عن عواذله
لم يرعووا عن قتله عمدا
ضميه تحت الضلع عن شغفٍ
كالتبر وجدا عانق العقدا
إن تعذلي اني متيمه
ردا بثغر يحسن الردّا
رفقا بكاسات الهوى عطشا
اذ كدت عمدا ارشف الخدا
كأسا وها آنت مشاربه
قد فاض شهدا يقطر الشهدا
وقوامه ينساب معتدلا
رمح تمادى يمشق القدّا
لم يعطني شيئا سوى كفني
فالحب مثل الموت لا يهدى
33 القئ العذول
القى العذول بقلبه بغضي
فتمهّلي يا نرجس الروضِ
غطى الندى اوراقه فبدت
استبرقاً في ملمس فضي
فتعجلي بالصفح إنّ دمي
ذنب عظيم ساعة العرضِ
قد جأت ذاك الصب معتذرا
طأطأت راس الشوق بالارضِ
عبق الشذى من كأس سمرتها
في خمرة تنسي الاسى بضِّ
وكتومها لا يفشي ساقيها
سكر اللمى باللثم والعضِّ
فكريمة العنقود قد سفكت
من نهدها محفوظة العرضِ
وتعانقا القلبان وجدهما
في قبلة مشدودة النبضِ
وتعلّقتْ في خيط نشوتها
روح جفتْها لذة الغمضِ
انى تنام الليل مذ شرقت
شمس الضحى من جيدها الغضِّ
34 نم قريرا
نم قريرا غفت عيون السهادِ
واطرح الراس موقنا للرقادِ
كم قتيل فنام قبلك مضنى
ماجنات القروح ملأ الفؤادِ
لم تزل فيك للدماء رعافاً
من انوف الجروح رغم النفادِ
يا منى القلب والجروح قصاص
لا تكن انت في الهوى جلّادي
كيف اقتصّ ملْككَ الروح حيرى
ترتضي الموت منك كالزهّادِ
يا عراقٌ رمالك اليوم غضبى
زلزل الارض سيد الاطوادِ
كل ما فيك كالخلود خلود
حيث تأبى الركوع للاصفادِ
35 الفؤاد الصادي
او كالذي سأل الفؤاد الصادي
انى سنحيي قرية الاجداد
فاماته ضنك السنين فما انقضت
للآن تروى مائة الاحفادِ
فكاننا اعجاز نخل ضرّه
قرع الرياح مزمجرا في عادِ
وحمارنا ما زال ينشز لحمه
وطعامنا نهب البعيد الغادِ
وعظامنا نخر الرميم بلحدها
لم نحمها من شهوة الجلادِ
فقراء نحن الراكبون سفينة
فمتى يجود البحر للاولادِ
اطفالنا رهن الممات ووالدٌ
ما برّهم من ساعة الميلادِ
من ذا سيخلع لوحها ويريحنا
انا سأمنا سطوة الاصفادِ
فوراءنا كل الملوك تعاضدت
فمتى تقوم قيامة الميعاد
36 اذا غبت عني
اذا غبْت عني ينعٓ في الناس صائحي
والقيت اقلامي وفزّع نائحي
فانت الذي مازال يملك خافقي
وان لامني لوم العذول جوارحي
فياقلب بعد الهجر تامل وصلهم
وهل يمهل الجزّار نحر الذبائحِ
وعينيك يامحبوب ماكنتٓ قاتلا
فقد خرّقتْ منك الرماح جوانحي
ساحرث بستاني بدربك مجدبا
فمرني بغيث يستبيح اباطحي
لعلّك انْ مريت تزهو بينعها
ويسري بمسرى الروح لحن الصوادح
علامك مثل الصيف تحبس قطرها
وتذري بوجهي بالرياح اللوافحِ
اما والذي في الخد اينع زهره
فاورثني شوك الجروح القوادحِ
ساوصد ابوابي بوجهك مرغما
ولو سحّ هطّال الدموع الكواسحِ
ولا اشتكي جنباً يداف على الغضى
بجرح تحدى مربط القلب ناضحِ
سالجمه قهرا وانْ كان جامحا
واسرجه ظهرا فيغفل فاضحي
37 امن ربرب الاكام
أمن ربرب الآكام ريم بذي سلمْ؟
اصاب شغاف القلب سهما فما سلمْ
احاذر من مرماه نبلا ينوشني
شهابا على الارواح نارا ومضطرم
تكلمني رمزا وترنوا بمقلة
لتكلمني جرحا من الصدّ ما التأمْ
وليس لرمي العين سبق عداوةٍ
اذا سهمها الفتاك من خافقي انتقمْ
فإنْ متّ لا عتبى فتلك غنيمة
وموت يريح الداء خير من الالمْ
وكان سليم القلب لا داء عنده
فكيف اسى العشاق في صدره جثمْ
فأضحى حبيس الدار مضنى من الهوى
كأنْ لم يكن بالامس يسعى به قدمْ
اطل رحيق الزهر من طيب ريقه
فضنّ بجنيِ الشهد من ثغره فزمْ
براحٍ ذكاء الشمس يشتاق ثغرها
اذا ما ذكاء الثغر كالفضة ارتسمْ
وبغداد سقيا الصب لا غول خمرها
اذا جن فجر الكرخ من كأسها انفصمْ
38 ناسك الحب
كنا اذا جنّ ليل العشق نسّاكا
ليقنط الصبح بالاسرار هتّاكا
ترنو الينا نجيمات الدجى غزلا
مذ بلّلتْ دمعة في العين مسراكا
وراودتنا فيافي الحب عن ظمإٍ
واحجمتْ قبلة العذريّ امساكا
وكبّرتْ للهوى بالروح ضارمة
قد اوقدتْ عودها للحب مسواكا
حيث اعتصرنا شذى الارواح رائقةً
ملأ الصدور وخاب الثغر سفّاكا
لي نسمة يا شقيق الروح احبسها
لعلها حين مرّت قبَلتْ فاكا
لم يعرفوا عفّة العشاق مذهبنا
حتى دعوني بدين الحب افّاكا
39 فنجان قهوة
صبّي لنا ياحلوتي فنجان قهوة
فالريح تعصرني كطاحونٍ هوى
في ليلةٍ عجفاء هرّ خريرها
والذئب يصعد حائطي ويشد صهوة
ذنبي باني سائح اهوى المدام كعاشقٍ
والصبٌ يهوى
فكأن نازعة الشوى
في خاطري والموت اقوى
صبي لنا من معصرات الشوق قطرة
صحرائي جامحة الطموح ،
عطشى وتحلم غيض قطرة
يافيض نوح مالنا نستجدي ماء
والسما ممسوكة والارض لا ينبوع فجّر صمتها
فيفكٌ اسره
فنجانك الحاني العطوف يلفني
دفئاً ويسقي في حواني الروح خمرة
ياحلوتى كم هزّني هذا القوام
كالناسك المتهجّد القوّام في وسط الظلام
الفارع الممتد مثل الباديات ويفيض سُمرة
ياتمرة الوادي المقدس في طوى
موسى يجوع بمهده ويلوك صبره
وتهامتي تخفي الرحيل فيافيا
والركب يعطش ام معبد
فاعصري في الصدر عبرة
بئر معطّلة وقصر قد جفاه الاهل حسرة
ياليتني من ينصره
واصبّ من ماء العيون وابلٌ ثغره
40 لو كنت مثلي
ما زلت روحا بثوب الحب تتّزرُ=وزرا ووازرة الاشواق لا تزرُ
انت التي اودعتْني حسرة ابدا=حد الممات ليبقى بعدها الاثرُ
لو فيك شوقٌ لذللت الهوى سبلا=وما بخلت بقطْر الروح يا مطرُ
ما فيك صدّ ولكن جفّ بي عتب=لمّا تركت بقايا القلب تحتضرُ
لو كنت مثلي لمزقت الهوى طررا=ولو تقوّل عنك الناس والحجرُ
41 مالت
مالت كاعطاف الرزان من القنا=رمحا غزا لب القلوب مهيمنا
وكذا غزاة العاشقين رماحهم=لا ترتضي غير الخوافق مسكنا
عودا هبوب الذاريات صقلْنهُ=حتى انثنى غصن الاراكةِ ليّنا
لرشيقةٍ مثل الحسام تجرّدتْ=قد ارهبتْ حمر السيوف تلوّنا
رشقتْ بتلك الناعسات لواحظا=حاقتْ بمقدام الهوى ان يجبنا
فتحامل القلب الحليم بصمته=وأبتْ تباريح الهوى ان يذعنا
فاذا الجفون الصابرات تكتّمت=فضحتْ سفيهات الدموع الاعينا
42 اخفئ الغرام
اخفى الغرام بقلبه النبضُ
فبروحه من برقه ومضُ
والوجد تطوى فيه لوعته
ولناره في جوفه غيضُ
ما زلت منه تدّري ورعا
وسهامه كالطير تنقضُّ
اوسعْ لرامي القلب رمْيتهُ
فعليك من احداقه قرضُ
واكتم فما للحب كاتمةٌ
فالام يفشي سرّك البعضُ
تلك العيون بدمعها يبست
قد غيض غورا ماؤها الفيضُ
لا دمع يرويها فمذ عشقتْ
وسوادها بالحزن مبيضُّ
سهرت لها في جفنها مقل
وتسهّدت ما مرّها الغمضُ
والوجه يشكو ورْس صفرته
حرضاً وأنى يكتم الحرْضُ
وأحدودبتْ للضيم قامته
واستعجلتْ في لحده الارضُ
فكأنه والموت يطلبه
وسنينه في عمره ركضُ
43 شمس
وترهْبنتْ شمساً فشعّ الجيد=فالقلب في دير العيون شريد
في وجهها قمر يخاطب ثغرها=قد فاتني من قطْرك التعميد
في اي شرع يا مليح نكرتني=أم جاءه الانجيل والتلمود
الجم لسانك فالعيون صواهل=عقدتْ نواصيها الحسان الغيد
وتلعثمتْ للحب الف غواية=لما بدا تمثالها الاملود
خبت الكواكب والنجوم لخدها=والليل من نور الجبين طريد
حتى ارتمى ملأ الجفون سواده=فسجى له احداقهنّ السود
وتستّرتْ والشعر يحجب وجهها=عجّل بزوغ الشمس يا نمرود
ام عاذلاي وللغرام عواذل=يأجوج قد جمعوا لنا وثمود
44 خمرية
خمرية كالليلة القمراءِ
منسابة مثل انهمار الماءِ
كالبدر في فلك الدجى اودعته
بقلادةٍ في مخنق السمراءِ
تتراقص النجمات فوق جبينه
كترنّح الاقداح بالصهباءِ
او دملج قد رصعتْه جواهر
مسبوكة بالفضة البيضاءِ
حتى ضممتك بالضلوع حكاية
غجرية يا شذرة الصحراءِ
عيناك يا بغداد غور قصائدي
ان العيون مدافن الشعراءِ
45 ونادبة قتلي
ونادبة قتلي تنوح بمأتمِ
مخضّبة الكفّين من نقْعِ عندمِ
بسطت لها كفي سلاماً فأقسمتْ
سوى سفْك عرقي لن تبوء بمأثمِ
يلوح بخديها ندى الورد حمرةً
ولولا عجاف القلب قلتُ ندى دمي
انا يا حبيب القلب مازلت باقيا
وإن متّ موت المستهام بمعصمِ
وهل يندب الاحياء من قبل حتفهم
بلى إن قضوا صرعى لظبيٍ منعّمِ
منعّمة كالشمس حتى اسمرارها
يتيه بأهداب المساء كأنجمِ
وعينان سوداوان رصد كتيبةٍ
طليعة جيش للجمال عرمرمِ
نعم قد قضانا الشوق ما تلك سبّة
ومن لا يمت وجداً من الحب يذممِ
اطاحت بروع الروح حتى ترنّحتْ
بخمرٍ تساقيها من العين والفمِ
فلا خمرة العينين عتّقتَ كأسها
ولا من رضاب الشهد قد نلتها ظمي
فسكرك من كأسين زيد بثالث
مرارة وجدٍ مثل صبرك علقمِ
46 شارع القاطول
يا نائح القاطول رؤيا الرائي
ام كان حلماً كالسراب النائي
امواج دجلة لم تزل رقراقة
تروي شجون الناي للغرباءِ
اوما سأمت من البكاء بغربة
تشكو انين الكأس للصهباءِ
انا مانكرت على الحمام هيامه
مذ كان صبا يحتسي بغنائي
اذ كنت قطْرا من نبيذ هديله
آهاته في خافقي ودمائي
حيث اللظى اضنى براثن اضلعي
بمواجع العشاق والشعراءِ
مذ كنت الفا في لفيف قصائدي
حتى احتراق الحرف قبل الباءِ
هشّت غنيمات المشيب بمفرقي
ام كان طبع فيك كالحرباءِ
لمّا رأتْ كل السواحل امحلتْ
فتلوّنتْ كالغيمة البيضاءِ
تحكي لنا قبل الدموع حكاية
منهوكة الذكرى على استحياءِ
قد رتّلتْ قبل الطلوع طلولها
ترنيمة الزهّاد بالاسراءِ
مسكونة هذي العيون بحزنها
تسري سجاما مثل همس الماءِ
يا راهب القاطول ان قلوبنا
جفّت واخواها صليل الداءِ
لو ان ناقوس يدق بجوفها
لتدصدّعتْ جفلى من الاصداءِ
يا راهب القاطول ويح دمائنا
فالعاشق المعشوق رهن اللاءِ
لاء اباهي المغرمون بلحنها
مذ بايعتْ اهل الهوى آلائي
من مبسم عبق النسيم بعطره
يا ثغرها انقى من اللئلاءِ
لي فيه يا احلى الدروب حكاية
مغلولة في جبتي وردائي
حسناؤها تلقاك كل صبيحةٍ
قبل امتشاق الشمس للاضواءِ
وستارتي جنح الظلام لريبة
انْ يقتفوا عذالها انبائي
نم ياقرير العين همس الماءِ
في دمعة من مقلةٍ حوراءِ
انعي بها وجعا اقضّ هواجسي
ما انْ سردْت قصيدة الفقراء
وكأن ألام السنين سطورها
مطويةً في لوعتي وبكائي
ورفات اهل الارض ينخرها الردى
فتنبّهي ياآسة الحناءِ
لكنني المحزون في خلواتها
حيث اكتوت هضباتها بظباءِ
وتمايدت فينا السنين تقلّبا
كتراقص الاقمار بالاضواء
او شرفة قتم الظلام عيونها
مرهونة في اعين السمراءِ
والحير قد جفت ازاهر جرفه
يحكي لنا عن حقبة خرساءِ
لا ماء في بئري ابلّ به الصبا
الا جفاف القربة العجفاءِ
يا عين لا عتبى فان مواجعي
قد صبّحتها غنوة من دائي
يا عين لا عجبا نموت بغربة
ما انْ تناءت دوحة الفيحاءِ
يا شارع القاطول رؤيا الرائي
ام كان حلماً للقريب النائي
47 هذا الهوئ
هذا الهوى في كل يوم يكبر
وقلوبنا في كل حين تصغرُ
فتمردتْ مثل الصغار شقاوة
لم تدرِ عشق الاخِرين يعمر
فكأن لم يسر المشيب بياضه
مذ قوّس العرجونَ منه المهجر
كبر الهوى من ذا يقول عن الهوى
نيرانه إن اضرمتْ لا تصهِر
ثقل الهوى مثل السحائب ودْقهُ
لما تراكم حملها لا تصبر
دع عنك لوم اللائمين وخلّهم
فلنا الجوى رغم النوى والنصّرُ
ولنا السنى رهط الغرام وجوهم
كأزاهر غنى شذاها المعبر
اهل الهوى نار كأنّ حسيسها
ملات شغاف العارفين فنوّروا
وسروا بجنح من غياهب ليلها
حملوا العنى كالانبياء فهجّروا
وتهجدوا والعاشقون قلوبهم
كلآلئٍ بدل اللواحظ تنظر
48 وتمنعي
وتمنّعي ما شئت انت حبيبتي
يا ريع غيثٍ بالغمام معطّلِ
هيا انزلي قطرا يفزز مهجتي
لا تدّعي غيما اذا لم تهطلِ
هذي يدي عطشانة واناملي
جدبئ فروّيها بلمسة مفصلِ
فالشمس لا ترضى تكون خيوطها
محبوسة النجوى بباب مقفلِ
وتشهّدي بالحب انت قتيلتي
لمقتّل ينوي الردى لمقتّلِ
فاذا الشفاه اليابسات تعانقتْ
وتنازعت كأس الحنان بمعزلِ
طاشت بنا مثل الصغار قلوبنا
وتماجنت احلامنا كالجهّلِ
واشتدّ ليل الشامتين بحقدهم
وهمومنا والمجدبات ستنجلي
ولتعلمي لم يبق غير هواكم
خيطاً اساقيه الغرام بمغزلِ
واصابعي الحيرى تخط قصيدة
سحرتْ بآيات الجمال المنزلِ
فتدللي ما شئت انت حبيبتي
اني ليعجبني الدلال تدلّلي
ولتعلمي يا فيض كل مواجعي
قد خطها قلم الفراق لمبتلِ
اني لاعلم ان قلبك ذاكري
عصفور روحك خافقا قد نمّ لي
49 احبس الدمع
احبس الدمع لئلا يفزعك
مشفقاً من مدمعي أنْ يوجعكْ
وصدود منك قد صدّعني
يا ترى يا منيتي هل صدّعكْ
مصرعي فيك ابتدى من نظرة
فمتى فينا تلاقي مصرعكْ
فالهوى عهد وعهدي في الهوى
انْ اذيب القلب حتى يتبعكْ
يا مليحا عزّ حلماً في الكرى
فعسى طيف بنا ان يجمعكْ
لم اكن احلم وصلا بعدما
ارّق الهجر طويلا مضجعكْ
كرم منك وقد اخجلتني
تكتم الاه لئلا اسمعكْ
50 فيروزتي
يا ايها البدر المؤرق غربتي
اني افتقدت من البدور تماما
فيروزتي بخلت عليّ تحية
هلا بعثت الى الحبيب سلاما
هل كان مثلي بالفراق معذّبا
ام كان سالٍ للغرام فناما
اني ظننتك وجهه فتأملتْ
عيني بداجية الظلام هياما
واذا وصلْت الى مشارف حيه
لا تبتديه من العتاب ملاما
وقل المتيم لو تردّ رسوله
اخشى عليه من الصدود حِماما
فبحقّ عينيك اللتين اراهما
لولاهما كُسفَ النهار ظلاما
لولاهما ما اخترت كافلتي الهوى
مذ القيا في روحيَ الاقلاما
ردي الى دوح الحبيب حمامةً
فالامَ يقتلنا الخصام إلاما
51 يارشيقا
يا رشيقا غصنه لم ينثني
شاكيا منك نحول البدنِ
وجفوناً لم تذق طعم الكرى
سارقا منها لذيذ الوسنِ
تقتفي طيفا اذا مرّت رؤى
في عيون لم تنم من شجنِ
كلما اشجى بها ذكراكم
اسبلتْ دمع الجوى كالمزنِ
نم هنيئا ايها الغرّ الذي
ناعستْ عيناه زهر السوسنِ
منك يا عذب اللمى عذّبني
حرقة النار وصمت الوثنِ
فاسقني من شهدها ما تسقني
خمرةً تذهب لبّ الفطنِ
فهنا في اضلعي مدفونة
جمرة البعد وبرد الكفنِ
منتهى الاحسان يا عاصي الهوى
أن تمد الطرف لي كالمحسنِ
فزكاة الحسن من بعد النوى
أن تلاقيني بوجهٍ حسنِ
52 ياريم
ياريم تيهي ظبية وتمنّعي
اني احبّ من الظباء دلالا
وتغمّدي قلبي سيوف قطيعةٍ
واستودعي صدر الخليّ نصالا
واشدّ من سيف القطيعة والنوى
همّ يساقيني المنون عضالا
وأهمّ من داءٍ توطّن خافقي
أنْ لا تمنّ بموعدٍ ووصالا
لو تبتغي الِج الغمام محلقا
واشدّ روحي للقاء رحالا
53 قل لهند
قل لهندٍ وهمّها ملأ صدري
آنَ هذي القلوب أن تستريحا
ايها الساكن الذي هد عمري
ام تركت الشجيَّ او تستبيحا
كاد فرط الهوى يطيح بصبري
لو اذيب الفؤاد لا لن ابوحا
يا سميراء حبها بي دفينٌ
ذا وتيني الا اريحي الذبيحا
وانظريني بساعة الموت عمرا
كي اطيل بوجهك التسبيحا
جلّ ربي اخصّك الحسن بدرا
قد تجلّى على الملاح مليحا
54 ناشدتك الله
ناشدتك الله انْ لايكسر العودُ
ماكل كسرٍ اذا جبّرت مردود
إن كنت عاذلتي فلتعلمي خبري
قلبي لغير هواك الغض موصود
لاتخبري احدا اني رهين هوى
اذ كل حب من العذال مرصودُ
اخشى عليك من الحساد يا نعمي
فكل ذي نعمة بالناس محسودُ
يا من لك الشعر بعض الشعر ذو عوج
الا لعينيك هذا الشعر مقصود
ياقدس لا ترتجي منا مناصرة
فالعجز في خيلنا مذ قادنا الخود
لا تبكي ياحلوتي ان القلوب هوى
اجسادنا قد عفت واستفحل الدود
منا ملوك خنت واستسلمت طغم
الا على دمنا اسْدٌ صناديدُ
55 اما آن
اما آن يااحلاهمُ
لو ترتمين لآلئاً يا منجم الشذرات
فالقلب ينبض فارغا في اضلع الصدفاتِ
اما آن ياانقاهمُ
انْ نلتقي مسبحة في رهبة الآياتِ
كي استريح هنيهة متناسياً آهاتي
اما آن يااسماهمُ
انْ نرتقي في غيمة في معرج النجماتِ
فمشارقي ومغاربي عيناك
انّى اروح القاك في نظراتي
او صار يا احزانهم
انْ نلتقي كدمعةٍ في مأتم العبراتِ
فالحب طاغية وانت بحكمهِ
ترميننا في مدفن الامواتِ
اما آن ياطيف الكرى
لو ترقصين مدامة في اكؤسي الثملاتِ
او تحلمين بنصرنا ياآخر الحملاتِ
او تخشعين مجامراً ياابرد الجمراتِ
تخضرّ فيّ مرابعاً إنْ اجدبتْ ثمراتي
قد هدّ منسأتى الضنى
وانت ياغصن دنا
ياعاج فينا ماانثنى
في هيكل الصلواتِ
56 سر من رائ
ســر مــن رأى
عذراً لعينيكِ ان تاهتْ بها جُمٓلي
شوقاً لرؤياكِ لم يبرٓحْ ولمْ يزٓلِ
ياعذْبةٓ الروحِ حتّى الآنٓ يجْذُبٓني
منْكِ ابتهالات تأَتيْني بمُبْتٓهٓلي
حُسْنٓ الترانيمْ ماتنَفٓكُّ شاديةً
ارجاءٓ شِعْري فيٓطْفو الكأْسُ من غٓزٓلي
انْتِ الصُهيْباء لاسُكْرٌ تُعاقِرٓني
ترمينٓ كالطّيَفِ لا ينصادُ بالمُقٓلِ
حتّى اتانيْ من الاوهام هاجِسُهُ
إنّي لقٓلْبِكِ حتّى اليومِ لمْ أصِلِ
ماذا تقولين إنْ لاقيْتِني دٓنِفاً
ازرى بيٓ العشقُ في عينيكِ مُغْتٓسٓلي
هل تنكرينٓ لآليْ نزْفٓ ! أدْمُعِنا
طوقاً على جيْدِكِ المصقولِ كالأُسٓلِ
ام تذْكُريْن قبيْلاتٍ أُراشِفُها
همْساً على خدّكِ المورود بالخٓجٓلِ
صمْتاً تنامين في صدري فتوقِظِكِ
دقّاتُ قلبٍ حزينٍ ذابٓ بالقُبٓلِ
حتّى روى طرفُكِ الوسنانِ في عتٓبٍ
لوماً على ثغْرِكِ المعقودِ بالعٓسٓلِ
ياحلوةٓ الطولِ جئْتُ اليومٓ معْتذِراً
هلٌا رضيْتِ هوى المجنونِ في خبٓلِ!
هلّا شٓرٓبْتِ من الأحْزانِ مُتَرٓعٓها
او تتَرُكيْنٓ لقلبي نشوٓةٓ الثّمِلِ
ياهوْدٓجٓ العشْقِ ياحمْلاً انوْءُ بِهِ
لمْ يُبْقِ ظٓهْراً لأسفاري على جٓمٓلي
حتّى أناخٓ لوجْهِ الأرضِ كلْكٓلٓهُ
واجْتٓرَّ شِعْري بِنٓدبِ الاهلِ والطَّلٓلِ
كيف المسيرُ ببيداءٍ تُحاصِرٓنيْ
في فيْضِ عيْنيْكِ إنْ ظلّتْ بها رُسُلي
إنْ تسأليني فإنّي بعَضٓ أدْخِنٓةٍ
في مٓعْبٓدِ الرّوحِ قد أحْرٓقْتُ من أزٓلِ
انّي بقاءُ غبارٍ من معارِكِنا
قدْ خانٓني السّيفُ مغلوباً بها بطٓلي
جرحٌ من البعْدِ مغروسٌ بخاصرتي
يغفو به القرْحُ في ارجاءِ معْتٓقٓلي
كمّنْ ينازلُ في عزّى فتٓخْذُلُهُ
او رايةٓ الشّركِ لا انصارٓ من هٌبٓلِ
ياسُرّٓ من جاءٓ يوماً في زيارتها
إنّيْ رمانيْ هوى العشّاقِ في هٓبٓلي
انّيْ كوانيْ هوىً بالجٓوْسٓقٓ ارَشُفُهُ
كأساً بكأسِ من الاشواقِ في عجٓلِ
حتّى كإنّيٓ ماذقْتُ النّوى أبٓدا
في مهْجَرِ الرّوحِ اوْ اضْنٓتْ بها عِلٓلي
تُشْفى بها السّقْمُ من امواجِ جاريةٍ
صافي اللّجٓيْنِ إنْثٓنى سكْباً على مٓهٓلِ
في بُرْكٓةِ الحسْنِ فيضٌ من شواطِئِها
البحرُ فيها شحيحٌ ظنّٰٓ بالبٓلٓلِ
قدْ الْبٓسٓتْها نجومُ الليلِ بُرَقُعٓها
شعّتْ على الموجِ كالغيداء في الحُلٓلِ
فيها المثمّنُ يسقيها بعارِضِه
غٓرُّ الجبينِ كنورِ البدْرِ مُكْتٓمِلِ
حتّى رمى جمْعٓها والروم ُ واجمةً
من هوْلِ صدْمٓتِها اقْعٓتْ ولمْ تٓجُلِ
قد صابٓها السّهْمُ نٓثْراً من كنانٓتِهِ
وصٓيّبُ البرقِ يرمي الحصْنٓ بالظُّلٓلِ
إذْ صدّقٓ السّيْفُ أنْباءً بِجٓحْفٓلِها
أوْ كٓذّبٓ ألفأْلٓٓ فيها ركَنٓةٓ الكسٓلِ
فتْحُ الفتوحِ بهِ غيراتِ معْتٓصِمٍ
لبٌى نداها ولم يخْلُدْ الى الكٓلٓلِ
منْ سُرّٓ منْ سار هبّتْ خيْلُهُ زُمـُرا
مثْلٓ الشواهين حافٓتْ حوْمٓةٓ الحٓجٓلِ
فيكِ الطواغيت قدْ دكّتْ رقابُهُمُ
كالصّخْرةِ الصّمِّ ترمي السّيْفٓ بالفٓلٓلِ
من بابكِ الخرْمِ تحكي بأسٓ واقعةٍ
حتى تناهب بالانصالِ والأسٓلِ
ياسُرَّ مٓنْ نٓظٓرٓ الآتون بهْجٓتٓها
ياشِعْرٓ بُحتُرِها منْ لفظِهِ الجٓزِلِ
فيكِ الأمامان منْ اخْيارِ عسْجٓدِها
نٓسْلُ الكرامِ لآلئ سيّدِ الرُسُلِ
وصْلُ الرسالةِ من سبْطيه اصْلُهما
والجودُ حيدرَها كالعارضِ الهَطِلِ
والأمُّ فاطمةً طهْراً بِحُجْرٓتِها
وحسْبُكَ الطّهْرَ لاترْميهِ بالخلَلِ
كالفرْقٓديْن تعالا فوق جبْهٓتِها
العٓسْكٓريُّ ونورٌ من ابيهِ علي
سود العمائمِ اضْفٓتْ هيبةً بِلِحىً
قد خالطٓ الشّيٓبُ فيها جذْوةٓ الخُصٓلِ
ماءُ الوضوءِ اذا مامسّها خٓضِلاً
قد نال اطيابٓها من شٓعْرِها الخٓضِل
عُبّادُ رٓحْمانِها زُهّادُ دنْيٓتِهِ
طُلّابُ جٓنّاتِهِ في عِلْيٓةِ النُزُلِ
في غيْهبٍ اللّيَل صلّوا فيْحٓ نافلةٍ
نُسّاكِ داجِيٓةٍ هبّوا الى العٓمٓلِ
منائر الطّهرِ ماتنْفٓكِ صادحةً
تحكي كراماتها لليوم لم تُزٓلِ
كأنّني اليوم والآفاقُ تحْجُبٓني
صوتٌ بإذني يشُدّ الروحٓ بالأملِ
إلّا تكوني لغيرِ المجْدِ صهوتٓهُ
أو تسكنينٓ كصقْرٍ ذروة الجٓبٓلِ
ملْويّةُ الخيرِ كمْ منْ ناسكٍ ورِعٍ
صلّى بكِ اللّيلٓ لم يهجعْ ولم يٓقِلِ
مثْلُ الاذانِ بها من صوت مئذنةٍ
يشجي القلوبٓ فتٓسْمو الروح ُ في زُحٓلِ
حتّى كانّي حتّى الان اسْمٓعٓهُ
أيّوبُ يخْطُبُ لمْ يقْصِرْ ولمْ يُطِلِ
يدعو الى اللهِ وجْهٌ باسمٌ طلِقٌ
سارعْ لجٓنّاتِ ربّ الناسِ والمِلٓلِ
وطه حمدونِ يجْلي همَّ أرْمٓلةٍ
ولليتامى ببحر الجودِ من وشٓلِ
على الخصاصةِ ماعوناً يقدّمٓهُ
يقْريْ الفقيرٓ فلم يٓحْسِبْ ولم يٓكِلِ
ياماجدٓ العبْد ياعبداًلخالقِه
وعْظُ الفقيهِ جرى من قلبهِ الوجِلِ
اعلامكِ البيضِ في الجوزاءِ خافقةً
في العاليات فلم تركنْ الى السٓفٓلِ
كم من شهيدٍ سقى وردا برابيةٍ
حمرُ الزهورِ ارتوتْ في ثوبه السٓمِلِ
اذْ جاؤها الغرْب من اصقاع امرٓكٓةٍ
همّوا بنا الشرَّ لم يجنوا سوى الفشلِ
قدْ صبّحونا بدهمٍ شرّها همراً
امستْ صفيحاً بايدِ المرْدِ كالزٓبٓلِ
ذابتْ على الارضِ منْ قطرانِنا فزعاً
فرّوا عياطِلِها كالطائرِ الجٓفِلِ
من رميةِ الرمحِ لا رميات واهنةٍ
شقّت خياشيمهم في عودِها النٓضِلِ
لاوى بها الكفر في ارتالِ جحفلها
خافت جبابرُها منْ زنْدهِ الصٓمِلِ
جحافلُ النصرِ منّا للعلى صُعٓدا
اسْد العشائرِ لايُرمٓوْن بالزلٓلِ
عشائر الخيرِ سامراء تحرسها
عينُ الالهِ لتبقى جذوة الاملِ
57 الخمر يرقص
الخمر يرقص والكؤوس تصفّقُ
والليل من صهبائه يتذوّقُ
والعود تضربه انامل حسنه
فتسمرت اوتاره لا تنطقُ
ومحسد العينين سهّد ناظري
ما زال يسلبني الكرى ويؤرّقُ
اخفى محاسنه الحرير وقد بدا
كالبدر من بين الغمامة يبرقُ
امزلزل الآهات تحت قلوبنا
لم يبق شيئ للمواجع يصعقُ
حمّاكِ واعتاد الفؤاد حسيسها
اني على جمراتها اتحرّقُ
ولبرد ثغرك هائما ما ذقْته
اني لبرد نميره اتشوقُ
حسبي من الموت الرهيب جهالةً
اخشى الرماح ونصل قدك ارشقُ
ومن الدروع السابغات تدرعاً
وسهام طرفك بالخوافق ترشقُ
ادركت اني لا محالة مدركُ
وعجبت حتى الآن حيّا ارزقُ
58 مكانك في قلبي
مكانك في قلبي فاين مكاني
وذكرك معقود بطرف لساني
اكلم فيك النفس والشوق جنحة
يحدّث عنها الدمع انك جاني
نعم قد جنا الخفاق فاغتمّ بالهوى
فسرْت بآهاتي وفرط حنانِ
وجئت حمى عينيك استمطر الندى
فلم يمطرا بالوصل غير امانِ
كأن لم تكن عيناك بالامس حتفه
كذئبين للاحشاء يقتنصانِ
كأن لم تكن بالامس بالروح دارتا
واسبلتا في خافقي وجناني
لروحك من روحي على البعد انّة
عسى في غمار الآهِ يقتسمانِ
وكم كنت في منفاي لاهمّ في الدنا
سوى ان ارى عينيك بضع ثوانِ
وما حيلة الارواح إن شب نارها
لصبين بالاشواق يحترقان
يتيمان كالعشاق نستجدي نظرة
ولم يحمنا من عاذل ابوانِ
فمالي وللعذال قد اوقعوا بنا
فيا ليت لم يجنوا ولم ار جاني
واجهشت يا توباد مذ حال بيننا
عواذل نحسٍ غاية الشنآنِ
الا فادع لي ان الدعاء اعانة
على نائبات الدهر والحدثانِ
59 لاعيب فيه
ولو كنت يوما ياحبيبتي عائبا
لسهم توخى مهجة الروح صائبا
اعاتب قلباً لم يمت من جراحه
فعش يا معنّى دون روحٍ معاتبا
ولا عيب فيه غير ان نحوله
تمايل رمحاً يشرح الصدر ثاقبا
ولا عيب فيه غير ان جبينه
تبلّج شمسا قد اغاضت كواكبا
60 يطرق الباب
يطرق الباب حبه دون إذنِ
يلمس القلب لا يلامس اذني
ومن الروح سوءة يعتريها
نزْع عصفِ الهوى بجنة عدْنِ
شبم القلبِ ام تناظر ثغرا
جاد قبل الشتاء حبة مزْنِ
ايها المشتكي بضائق وجدٍ
اشكو منك الغرام قبل التجنّي
سفك هذي الورود بالخد جرم
طهر هذي الدماء لم تتهمني
61 ليت لي عين
ليت لي عين كعين السمكة
لا ترى بالماء خيط الشبكة
ليت لي قلب به من صبرها
لا يرى حقدا على من مسكهْ
ولسان عاكف في خلوةٍ
ودمي يرنو على من سفكهْ
ليتني مثل الثريا نائيا
لا ارى قربي صراع الديكة
كان لي بيت يسمى موطني
لعنة الله على من هتكهْ
62 لا تخلعي بيعتي
لا تخلعي بيعتي يابانة الرشقِ
ياخلعة من سواد الليل في الحدقِ
يارشقة من سهام الموت عالقة
مازال عهد لها كالغلّ في عنقي
فكّي القيود فقيد منك كبّلني
تشكو اليدان له من ضنكة الحلقِ
لا ينزع العهد الا غاسلي مزقا
ملقىً على دكة التغسيل في خرقي
الشوق بالقلب ظمآنا يردّده
صبّا على حرقة الاشواق لم يطقِ
وانت يا زينة الاقمار مهد صبا
ارنو اليك كنجم غاب بالغسقِ
وانت يا زينة الاوطان حرق جوى
مثل احتراق لهيب الشمس بالشفقِ
بغداد انت زمان بتّ اشربه
كالمستجير بكأس الوجد من حُرقِ
دبّي بروحي فروحي دونكم عدم
اي والذي دبّ فيك الروح من علقِ
63 هواهم في فؤادي
هواهم في فؤادي غير بالِ
نزيل حيثما رحلوا ببالي
قديم كدت احسبه تدنّى
وانّى والمعنّى غير سالِ
كنور البدر يحبسه محاق
وقد اغرى المغارب بالهلالِ
اتى وقت الدجى لاراه بدرا
تماما قد تناقص للكمالِ
تخفّى لا يرى منه اضطرام
كنارٍ جمرها تحت الرمالِ
كظمناها عهودا منذ كنا
وحفظ العهد من شيم الرجالِ
فما حفظ المودة غير صابِ
جوازعه استخارت بالليالي
راى ركن المحبة في جمال
اضاء القلب من حلك الظلالِ
فكم دارت بقمراءٍ كؤوسا
لجيناً مثل بارقة اللآلي
وما كاس المدامة فينا تاهت
ولكن تاه بي سحر الدلالِ
وحسبي فيك انك كل وجدي
ولم أأنس بغيرك في الخيالِ
فهل لي في خيالك محض ذكرى
تذكرنا بايامٍ خوالِ
فياليت الذي شغل المعنى
تقلبه المواجع مثل حالي
وحسبك يادلالة كل عقل
سقاه الشوق من ماء الخبالِ
فذا عقلي تحيّر في صفاتٍ
فمن ذا لا يجنّ بذي الخصالِ
اتاني من سمائك وحيُ شعرٍ
فجاس القلب من دون اقتتالِ
رسول من هواك اشدّ فتكا
على الارواح من نضح النبالِ
يصبّحني بشعواءٍ ضروسٍ
ولم ارغب بحرب او سجالِ
64 نحن شئنا
نحن شئنا وليس هم من شاءوا
أن تموت بروحنا الكبرياءُ
نحن عشنا ومات فينا الحياء
فاستوى الستر عندنا والعراءُ
وارتضينا بعيشة العبد ضنْكا
فاشترونا بذلنا لؤماءُ
وكثيرا نرى المهانة حلما
ماتبعْنا مايبتغي العظماءُ
في نفوسٍ اماتها الله ذلا
ربّ هونٍ يجلّه التعساءُ
مذ دخلنا ورائهم جحر ضبّ
حيث ضاقت بوسعها الصحراءُ
واحتذينا بحذوة من حديد
كحصانٍ يسوقه الخيلاءُ
هم ارادوا ومااراد سوانا
انْ يدوس على الجباه حذاءُ
ان تموت كرامة تلو اخرى
ليعيش العبيد والتعساءُ
مذ رخصنا ونزّلت من علاها
للدواني رماحنا السمراءُ
وضحكنا للبيض ضحك مجونٍ
فتجهّمتْ نصالها الحمراءُ
وكلاما للسمر ليس بهزلٍ
ماوعتْه آذاننا الصماءُ
خاب فيها رجاءنا من زمانٍ
وازدرتْنا البواتر البيضاءُ
وكأن درب الرجولة قفرٌ
وعيوننا في ظلمة عمياءُ
وسكتنا عن المظالم وهناً
حدّ انْ لام جبْننا الجبناءُ
نحن قوم عن المعالي قعودٌ
وعلى المهد ضاجعتنا النساءُ
قد شربنا كؤوسها مترعات
فاستقاءت ثمالةً دهماءُ
ياسكارى بغداد نهب سيوفٍ
فاناخت لطعنها الحدباءُ
ودمشق الدموع في مقلتيها
وتواسي بكائها صنعاءُ
فاستبيحا والعرب ترقص فخرا
وعلى الكفّ تنصع الحناءُ
زبد البحر جمعنا دون جدوى
وغشانا عند النفير غثاءُ
قصعة نحن والجموع تداعت
ولكل حزبٍ في دمانا سقاءُ
هم ارادوا فمالنا لا نشاءُ
ان يسود بارضنا الدخلاءُ
ووفينا عهودهم ليت انا
ماوفينا وقلّ فينا الوفاءُ
كيف نرضى مطالبا من بغاةٍ
ليت تقوى على المطالبِ لاءُ
كيف نرضى ونحن ارث جدود
صقلتْهم وقائعٌ عصماءُ
هل رضينا يخون فينا دليل
حدّ انْ تظل خطامها القصواءُ
قد ظللنا طريقنا وعيونٌ
قد تعامت عن الهدى عمياءُ
فمتى ياعروبة المجد قولي
يمطر الارضٓ بالمروءة ماءُ
تشرق الشمس في رباك وبدر
من تهامى تضاء منه السماءُ
يغسل البيت من ضلالة عزّى
كي تعود رسالةٌ سمحاءُ
65 وما كتم الدموع بمستطاع
وما كتم الدموع بمستطاعٍ
اذا ما ضحضحتْ عينا وعمّتْ
وعيني لا يشد لها وثاق
تبدّت كلما حجرت وزمّتْ
فصارت مثل دارسةٍ علاها
رماد من مواقدها فدمّتْ
كعجفاء السقاية ليس فيها
سوى حزنٍ تغوّرها فخمّتْ
قلاها النائحون قذىً وعوْرا
فعادت في مدامعها استحمّتْ
وراحلتي تحنّ لها رغاء
وداء قد تعاورها فرمّتْ
بليلٍ لا يقاربه صباحٌ
وقد شدّت مطاياهم وحمّت
فليت العير ما رحلت بعيدا
وما حجج العواذل فينا غمّت
فمن ذا مبلغ من بالفيافي
وقد نامت مسامعهم وصمّت
بأنا لا نزال على عهود
من الاشواق في الخفاق تمّت
66 لا تخف فالاشواق فيك بواد
لا تخفِ فالآشواق فيك بوادِ
فتضوّعتْ ياريم مسْك بوادي
وامرح بفئ الروح ريع خوافقٍ
إنْ شحّ ورد الياسمين بوادي
ليس الذي يعطي الفؤاد عطيّة
لمحبّه او يفتديه بعادِ
ماكنت عن دار الاحبة مائلاً
ولو ارتضوا بعد الوصال بعادي
مالي عن الدار القديمة منزلا
لو زلزلت ارم العماد بعادِ
67 بوح
وما صمتي بقربك غير بوحٍ
الى عينيك ينتظر الجوابا
وما همسي سوى نزعات روحٍ
تميع الصخر لو فقه الخطابا
وهل جهري سيسمع غيض نوحٍ
اذا ما اغلق الهجران بابا
فلم تبقِ القطيعة من رجاء
خلا ما ساور الصدر احترابا
ولي قلب من الاهات مضنى
رماه الشوق في كلفٍ فذابا
واني في هواك ارقت نهرا
من الاشواق ارتقب السرابا
لذا ابقى المتيم فيك صادٍ
ولن أخشى المذمة والعتابا
اتاك العمر احبسه ويجري
جناح الشوق كان له ركابا
وانت الحلم في شرفات عيني
ذوى في الارض ما بلغ السحابا
يقولون التدلل بعض هجرٍ
ولو افضى بروحينا اقترابا
فلا الارواح تأنس في خليلٍ
اذا مااشتاقه المعمود غابا
وقابيل الغرام اراك جلدا
بسيف الوجد تجتزّ الرقابا
تواري سوأة العشاق ناراً
لعّل الموت يفنيها ترابا
سماوي العيون بجنح ليل
كغرنوقٍ لعا نكر الغرابا
68 حكم الغرام
حكم الغرام وللغرام كلامُ
ووداع من اهوى علي سقامُ
رقد الانام فما لطرفك ساهرا
ليلاً تطيل نجومه الآلامُ
واذا هجعْت وللمضاجع اهلها
اهل الهوى من غيّهم ماقاموا
رقدوا واوجاع القلوب تقضّهم
إن طاب في عين الخليّ منامُ
واذا صبرت فبالجنوب مجامرٌ
يغلي لها وسط الحشا اضرام
رحلوا وخلوا الموجعات توابعا
نخرتْ فرقّت بالجلود عظامُ
فمتى يكف العاذلون ملامتي
واعاب في فرط الجوى وألامُ
ولنا الجواري الجازعات هواملٌ
فوق الخدود كأنها الاعلامُ
سارت وسارية الانين تجرّها
فجثى لها فوق الصدور حطامُ
ياليتهم جُعل الصواع برحلهم
واقتصّ لي من جورهم حكّامُ
فبضاعتي المزجاة افسدها الجوى
ووشى بما ثكل الفؤادٓ سجامُ
وكم انزوينا كالطيور بربوة
قد ناح في دوح القلوب حمامُ
قلبان قد حرقا وروحينا لظى
لا لهو يغرينا ولا آثامُ
صبأت لنا قبل الخوافق دمعةٌ
وكأننا من عفةٍ اصنامُ
ياايها الريم المعذب مهجتي
ان العذاب من الحبيب حرامُ
ياقاتلي بالهجر انك واردٌ
قبراً تضيق بلحده الاجسامُ
فلتتقي ياريم حرمة عاشقٍ
قبل النوى ماتكتب الاقلامُ
سل وادياً عبث النسيم بعطره
هل هبّ بعدك للربى انسامُ
وسل الطلول وقد عفت جدرانها
إنْ هدها بعد الرحيل هيامُ
وأراك في بوح الغرام بخيلة
اهلوك يابنت الكرام كرامُ
هذي دميعاتي شجون رسائلي
هل ترتضيها والسلام ختامُ
69 الم النوئ
تأنّى فالنوى المُ
فمتْ بالشوق ياشبمُ
فصار جحيم غربته
تقيئ بصدره الحممُ
فرقّ ورقّ حاسده
لصبٍّ غمّه الندمُ
الام الروح تتلفها
بجسمٍ شفّه السقمُ
وعين منك ذارفةً
روى من مائها الاكمُ
يدبّ العشق فيه
بالمشيب ويأكل العدمُ
فصلى الوجد فجراً في
سجودٍ فانحنتْ قممُ
فراتيّ ثراك وتربة
فيهِ سقاها دمُ
كأن الموت فيها في
السهول لترتوي الرممُ
هناك الريح هادرة
بها قد زلزلت ارمُ
عجاف الارض قد جمعت
ترى هل تنهض الهممُ
يعج النجم فيها
والشموس ليبدأ الحلمُ
70 عيناك دواه سود
عيناك ياهذي الدواهي السود
في قوسها لحظ الردى مشدودُ
ضرب الفؤاد وقبل طرفك ناعسا
قد عاث فيه الحاجب المعقودُ
غجريّة العينين وهْم تمائمٍ
لهما قلوب العاشقين عبيدُ
عُبدا ودين الحب وهن خوافق
بخوارقٍ لم يأتها النمرودُ
شهدوا وعذر المغرمون وقد رأوا
بلهيب وجنٍ سعّر الاخدودُ
نصبوا لصلبان الجمال معابدا
ما يمنع الانجيل والتلمودُ
فكأن من عين السماء وحورها
والسحر في احداقها موؤودُ
نهران ماسيان موج جمانةٍ
يطغي سواداً ظلها الممدودُ
فالشمس في ليل الحبيبة لم تغبْ
والبدر في وجه الضحى موجود
ايقونة ركع الجمال امامها
لما بدا تمثالها الاملودُ
71 فهو العراق
وجه وما سطع النهار نهارُ
والليل من سجع العيون يغارُ
لو لم يضمّ الدر تحت خماره
لتناثرتْ من غيضها الاقمارُ
ما للقلوب اذا رأتك تصدّعتْ
وتناقصت في عشقك الاعمارُ
فهو العراق كتبت فيه قصيدة
فتراشفتْ فيض الدما الاحبارُ
72 محسدة المحاسن
ومن شمس الصبيحة انت احلى
ومن بدر التمام اذا تجلى
ولو لام العواذل فيك قلبي
الى يوم القيامة ما تخلى
وما واليت قلباً في غرام
سوى قلبٍ بحبك قد تولّى
محسدة المحاسن فيك قالوا
ومن حسد المحاسن مات غلا
73 يالوعة القلب
يالوعة القلب بين الآه والآهِ
ابثّها في هزيع الليل للهِ
العذر امسى بديلا عن رسائلكم
يا منتهى حسرتي في عذرك الواهي
اقلّب الليل كم طالت دسائسه
ولا ارى منقذاً من حزنك الباهي
فبشريني بصبحٍ بت احلمه
ما اطول الليل يا ليلى لأشباهي
يا لائمين فؤادا كيف يتبعها
من دان دين الهوى لبّى بأكراهِ
لا استطيع عتابا حين تنظرني
شكوى المحبين دوماً دون افواهِ
فتفصح العين عما احجمتْ مهجٌ
بوح العيون لقلبي آمرٌ ناهِ
لو تحفظين لروحي بعض لهفتها
او تغدقين عليها نعمة الساهي
74 روع القلب
روّع القلب صدود فانصدعْ
هاله من هجركم ما قد سمعْ
لاترُمْ بعداً فتشقي مدنفا
سوف يفنيه الجفا مالم تدعْ
مرّ ظبي البان ميسور الخطى
غرّه الحسن دلالاً فأمتنعْ
وانا بالحب قلبّ طائعُ
دلّني درب الرزايا فأتبعْ
ما لنا في حبكم من شافع
ليت دمعي عندكم يوما شفعْ
75 وما عجبي بوجهك من صفاء
وماعجبي بوجهك من صفاءِ
فوجه الشمس يعرف بالسناءِ
وياقمر على الارواح يمشي
ازاح الحسن من بدر السماءِ
فاودعه على الخدين نورا
يخالطه التورد من حياءِ
فلا تدنيه من ورد نضير
مخافة انْ يجفّ من البكاء
ولاتشدو بصوتك قرب غصن
فماللطير بعدك من غناءٍ
تجرد يارشيق القد غضاً
فاني قد اغار من الرداءِ
فلا ارضى بغير الروح ثوبا
فخذ ماشئت منها من كساءِ
ايعقل في اسيل الوجه نار
وفي الخدين يسري نبع ماءِ
فسبحان الذي اعطاك حسنا
وثغرا قد تحمّر من دمائي
فقل لي يامليح الوجه عذرا
اطرفك غرّه حسن الثناءِ
فسيف الطرف اضنى بيْد غرّ
اذاب القلب من وجع الجفاءِ
فإنْ كان التمنّع عن دلالٍ
فما احلى التغنّج للظباءِ
نما في القلب منها داء ظبي
ينادي اعفراً سقيا لدائي
76 سالناه السلو
سالناه السلوّ فلم يطعنا
فكفكف من دموعك يامعنى
فما سلك المصاعب غير صبّ
بابواب الاحبة مات أنّا
وما من شيمة العشاق عرفاً
اذا امر المتيّم قال انّى
قلوب العاشقين لها رفيف
اذا سكنت خوافقنا نعنّا
فمن ذا يدّعي بالحب وصلاً
ولم يُفتلْ كخيط الغزل عهنا
ومن ذا انْ راى قمرا قريباً
ولم يعذر فؤادا فيه جنّا
نضا من عينه اوتار حسْنٍ
فبادره نبالاً ماتأنّى
رمى سهم المودّة في قلوب
اصابت في عيون منه وسنى
واني من عذيرة اذ غزاها
هوى العذري فيه الصبّ مضنى
اذا عشقت عذيرة ذاك طبع
وإنْ فاءت فاني فيك افنى
ولايعلوك في جهري وسرى
هوى طاغٍ وكل منك ادنى
وما للشمس في عيني ضياء
محمد من شعاع الشمس اسنى
وماللبدر في ليلي جمال
محمد ازهر البدرين حسنا
حبيبي ادعج العينين وصفا
حبيبي افلج الاسنان اقنى
يكمله الوقار وقار وحيٍ
فمن حق الجمال به تغنّى
77 الئ حزينة
خذ الابصار من شرفات عيني
وروّع دمعها بالمحجرين
لانعى يامعنّى في هزيعٍ
شجيّات البلابل من غصيني
ورقّع في شغاف القلب عشّا
تهرّى كوّة فوق الجفين
فأنّ العين قد جحدت بياضاً
ليرثى في جمان العاتقين
تجلّت بالسواد بثوب حزنٍ
فزادت زينة جمعت بزين
مرزّأة اطلّ الحسن منها
فحصّنها الوقار بمئزرينِ
فزادا من بهاء الوجه سبكاً
كما زان الزبرْجد باللجينِ
توقّف ياغزال البر مهلا
فقد اثكلت مني الشادنين
وذرْ عينيك يأتلقان حورا
بقوسيّ الحواجب جائرين
ودعْ شفتيك يحتنكان عذلاً
على قلبي فديت العاذلين
شفيعاي الهوى وفؤاد صبّ
فهلّا لو رضيت الشافعين
محسّدة ولو رأت الثكالى
جمالاً لارتجتْ رميا ببينِ
ملوّعة اذاب الحزن فيها
على فقد الاحبة مهجتين
وملتاع لها لم يخفِ شوقا
وقد جهر الفؤاد بلوعتين
ولو صح العناق لقمت شوقاً
لامسح حزنها في ضمّتين
وابدل دمعها فرحا وانسا
واطبع في فؤادها قبلتين
وكأسا من حنايانا عتاقٍ
من الخمر المباحة رشفتين
فاني من تنهدها عليل
وقد اذكت بصدري زفرتين
فما اخفى السواد سطوع وجه
اذا ضمّ الخسوف النيرين
سنا عينيك ابلجه نهارا
واردى ليلها كالفرقدين
اذا هلّت دموع الحزن غيثاً
تساقي خدها كالعارضينِ
واندت لابة بالقطْر وردا
يعطّر من شذاه اللابتيْن
وسمراء الفؤاد بدت علينا
اقضّت نومنا بالعاقدين
وسيف الوجد احسبه بعيدا
ولمّا ذقته بالحاجبين
فأسرى الشوق منتهكاً حمانا
والقى رحله بالخافقين
يراود غفلة في الحي قلباً
تهاوى رعشة قبل اليدين
ومازال الغرام اراه غضا
تداعى دمعة من جفن عيني
فبات الليل يحرسنا صغاراً
وقد اضنى الهوى بالساهريْن
فماادري اذا زجرت هوانا
غراماً قد توقّر في اذيني
تحذرني السعاة وانت جافٍ
ويسعى بينك الواشي وبيني
ويقتلني غرامك في خريفٍ
فكن ياريم اهدى القاتلين
اما رقّت بقلبك نادبات
رماح في صدور الشاكيين
وماشكواي من عينيها الا
كما يشكو المقتّل للرديني
الا تخشى الحساب وحمل وزري
به خطت يمين الكاتبين
فقل يارب خفّف وطأ ذنبي
وهب لي من لدنك الحسنيين
78 وفي النفس الغنئ
وفي النفس الغنى لا بالثراء
وهل غطّى عيوب الاثرياءِ
فلا تدني معاشرة اللئامِ
وعش عيش الكريم بلا ازدراءِ
وإنّ المرء مااستغنى غنيّ
يري للناس ناصعة الرداءِ
وفي الصبر الجميل كمال خلق
اذا قلب تلوّع بالخفاءِ
وعافية لنا في قوت يوم
وخير الزاد زاد الاتقياءِ
بوجه مثل برق الليل شهبا
تهلل بالسماحة والسخاءِ
ولا تبخل فكم للبخل ذمٌّ
اذا عكم البخيل فم السقاءِ
فان الرزق يبسطه ويقدر
ويطعم طيرها رب السماءِ
79 عسعس الليل
عسعس الليل باجفان الصباحِ
لم يزل فيها قتيل الحب صاحِ
فرمى مستقسما ازلامه
روح صبٍّ بالجوى رمي القداحِ
حاملٍ في صدره وزر الهوى
كظهور العيس بالحمل الرداحِ
فتجافى جنبه عن مضجعٍ
مذ جفاه الوصل من ذات الوشاحِ
كلما سحّت مزينات الجوى
امطرتْ دمعاً علا سيل البطاحِ
وبكى دارا قنا اطلالها
مازحتْ قلباً بانصال الرماحِ
واستباحتْ صبره هنديةٌ
قد جفاها الغمد من برق الصفاحِ
بجروحٍ أُذهلتْ عن نزفها
كذهول البكر من وطأ السفاحِ
فترى غيلانه في صدره
هائجاتٍ ارعبتْ طير السناحِ
هيّجت أهاته يوم النوى
في زحام الصدر اصوات النباحِ
وثغاء من غنيمات لنا
تذرف الدمع باطراف المراحِ
في وداع ماله من عودة
طار بالافاق ادراج الرياحِ
ياربى نجدٍ وهل من نسمةٍ
ضاحكتْ بالفجر اكمام الاقاحِ
منذ ان كان الهوى مهد الصبا
في هديلٍ من كسيرات الجناحِ
او حبيسٍ لا يرى من صمته
كثكالى صمتتْ بعد البحاحِ
ايها الساكن روحي حبهم
لا يطيق القلب آلام الجراحِ
نزلوا من خافقي فوق الربى
فاظلّوا الروح بالحب البراحِ
فلميّاهم طغى قطر الندى
في ثنايا الكاس بالخمر المباحِ
قطرة من ريقها تحيي الورى
من اريج الورد ممزوجاً براحِ
خمرة طابت دناناً وجنى
راحة للنفس كالماء القراحِ
فسعى ساقي الهوى في درعها
لايخاف الرمح من شاكي السلاحِ
عصمتْ اقداحها في عفّةٍ
تعقل الارواح عن بيض الملاحِ
ايها الفارس في اغوارها
هل الفـْتٓ النقع من وقع الضباحِ
فامتطي بالليل ظهرا ضامراً
قد يري من قدحه وجه الصباحِ
ناحلا كالصب يلحوه الهوى
ماله غير النوى في الجسم لاحِ
هيمته نسمةٌ من طيبة
سائحاً كالطير مطلوق السراحِ
يانياق الشوق رفقا في الهوى
قد اصاب الشوق اكباد الصحاحِ
همهمتْ في قلبه سقبانها
فمشى في دربه مشي الكساحِ
وعنان من جوى يحدي به
فمضى مستغفراً للذنب ماحي
وسقيم يرتجي من احمدٍ
يوم لايرجى سوى نيل الفلاحِ
80 واذمها
واذمها اخشى الوشاة نكايةً
وهي التي في كل شئ تحمدُ
الذمّ مرضاة العذول ولم يكن
يدري بما اخفى بقلبي المقصدُ
واضمها ضم البخيل كأنها
فيروزة يختال فيها العسجدُ
يا ليتنا اهل الرقيم بفجوة
رقّاد وجدٍ لا يرانا الحسّدُ
من دوننا قفل الغرام وصيده
كي تنتشي ارواحنا لا ترصد
إنْ اقبلتْ شده الربيع بحسنها
وسجى لها شمس الضحى والفرقدُ
لولاها ما رعف اليراع قصائدا
تشدو بها قيثارتي والمربدُ
شحرورتي يبكي المساء لحزنها
واذا شدت كل الطيور تغرّدُ
81 عشرون عاما
عشرون عاما وجيب القلب يلتهفُ
عشرون مرّت الى انْ آذنَ الشغفُ
قد مرّ حينٌ وكنت الامس احسبه
أنْ لا لقاء الى أن تنشر الصحفُ
مستعطيا منك هذي الروح من ولع
حتى جثتْ مهجتي ازرى بها الشظفُ
اذ هزّني مثل خيط الشمس مضطربا
ذاك الفراق وهذا الخافق الدنفُ
فاستلّ روحي وخيط الليل يغزلها
واول الصبح بالاشراق يزدلفُ
فكن لخيط هواها عقدةً وهنتْ
قد هدها طيفها الملتاع والرهفُ
حتى التقينا ولكنْ دونما جسدٍ
ارواحنا في ضرام الحب ترتجفُ
في نسمة من شذاها اينعت شجراً
مثل العصافير جذلى فوقها نقفُ
قد دفّأتنا رحى الاشجان مضرمة
في دفأها لوعة الارواح تلتحفُ
فقلنا يا مطر الاجفان ويح غد
إنْ فرقتنا يد الاقدار والصدفُ
مازال صمتا عيون الليل تسكبنا
دمعا وحزنا مع الاهات ينذرفُ
لم يبق من دمنا المسفوح نزر هوى
ذنباً على مذبح العشاق يقترفُ
حتى سمعنا نحيبا للقلوب دوى
من ذعره كاد وجه الارض ينخسفُ
مذ جف جذري ومال الجذع منتظراً
زلفي لغيم عسى يندى له سعفُ
وكيف لا ينحني هماً بغربته
من راودته على اعثاقه الشعفُ
وقلنا يا لوعة الايام رفق صبا
مازال فينا فلول الشوق تأتلفُ
82 عمن سواك
عمّن سواك نوى الصيام فصاما)
فألتاع من فرط الغرام فهاما
وشذاك يا آي الاريج اريجه
اشتاقه حد الممات زكاما
لا فطر الا من رحيق رضابه
قد طاب شهدا يبرئ الاسقاما
واحلّ لي ليل الصيام صبابةً
القت بهاوية القلوب ضراما
وتسحّرتْ عيناي لوعة ممسك
حتى استجارت بالصباح ختاما
فاميْزها بين المحاجر دمعة
تنساب من بين الجفون سجاما
ومسهّدي غض الجفون مدللا
القى سهادا في العيون فناما
واسترهبت منه الحسان خواشعا
صلى بمحراب الجمال اماما
والعين تتلو من صحائف حسنه
فرضت على قلبي الشجيِّ قياما
83 ايقونة
ايقونة قد قضاها الشوق لي حزَنا
قد علّقت في زوايا الروح لي شجنا
القى بها اليمّ من شذرات ملهمتي
مذ شيد الحب في اعماقنا سكنا
يا ليت ذاك الهوى طفل فنرضعه
حتى يعاد على اعتابنا فطنا
وليت ياحلوتي لو تعلمين بنا
كنا سهارى الجوى لم نعرف الوسنا
كأن ايامنا خيل بنا جمحتْ
مثل المجانين لا نرخي لها الرسنا
كنا كنجمين ذاك البدر يرقبنا
اللّه الله إن يرجع بنا زمنا
لكنه الحب مثل الموت يدركنا
لا يترك الروح حتى نلبس الكفنا
84 زيديني حزنا
زيديني حزنا فالاسى احلى
ياآية في الحسن لا تتلى
الا على موتي ستنشدها
عيناك دمعا علّي لا ابلى
ان مس جلدى ذرفها فعسى
اطفي لهيبا بالحشى يصلى
ما انْ رايت اليوم شذرتها
وصلت لكفي خلسة جفلى
قبلت منها عقدها وسجت
ظبياً بقلبي يرتجي الظلا
قد صرت اسهو في ملامحها
من ياترى ياشذرتي احلى
عيناك ام عيناها ياحلما
مازال يشرب من دمي طلّا
مازال ياتيني بمنعزلي
متلمّسا من دمعتي كحلا
زيديني موتا فالهوى كرم
لا ارتضي من حبك البخلا
افلا تجودي يا سموّ يدٍ
مااستبخلتْ فينا يدٌ سفلى
85 حسبي من الهم
حسبي من الهم ان الشذر مرتهن
افديه بالروح لو يطرى له ثمن
وصائغ الدر لا يرضى معاملة
يا صبر صدّيق ان جدت به المحن
حسبي من الهم اني فيك فاجعتي
يالوعة القلب ما مرت به الفتن
لو مر طيفك جذلانا وبي سقم
لارتدّت الروح ما قد مسها حزن
فارفق فداك من الالام اوجعها
مما افاء لها من بعدك الشجن
بي حسرة يا اله الكون عل غدا
ترتاح صنعاء اذ تحنو لها عدن
ياامة قد قضاها الشيب راحلة
ولّت وغنت على انقاضها الدمن
مذ كان فينا ترد الحق نخوته
ويصفع الظلم منقاد له الزمن
يا عمرو فاركع وردّ الكف ان قدرتْ
كفّاك ثارا ومت بالذل يا ضغن
واخلع عراها فذا من خيبر برزت
تلك الجموع عليها جوشن خشن
ولا علي يشق الهام مرحبها
سواك عهد خميس قاده فطن
كفيك افديهما جيشا يزمزمه
صوت القيود هديرا ماله سكن
يا جيش حطين في عينيك مربضه
وعزها قسطل الاحرار ما ركنوا
اهلوك يا ابنتي ناموا بذلهم
فلا صريخ لهم قد ضمّهم كفن
يا فخر كوكبة الاحرار انت لها
وانتمُ اهلها الاعلون لا تهنوا
86 ونعيم ذكرئ
ونعيم ذكرى في القلوب نعيمُ
اوجاعها بين الضلوع تقيمُ
تقتاتني كشذى الربيع مودعا
روحي ليسري في الحطام ضريمُ
تجتاحني نارا يدب حسيسها
فكأن حبات الدموع هشيمُ
لا تنتهي الامها ويعودني
منها اذا سكن الهجيع كليمُ
فيردّني كهلاً لمهد صبابتي
حينا وحينا كالعذول يلومُ
يا منكر الاحباب بعد فراقنا
هل يرتجى بعد الفراق خصيمُ
يا كلّ من عشق الفؤاد فانني
مضنى لطارقة الهموم سقيمُ
من اين تاتي خلسة وتزورني
وبباب صدري حاجب وغريمُ
87 واية الليل
وآية الليل في خديك نوّرها
ربي شموسا واخفى اية القمرِ
ماسية في سواد العين اودعها
سحرا يذوب له العشاق من نظرِ
وعودك الغض نوار بلا قبسٍ
سبحان من اوقد النيران من خضِرِ
يايوسفي الهوى حلم يراودني
قد شق من قبلٍ صبري وعن دبرِ
حسبي شهودا انا المقتول من حدق
قتلاك كثرُ فهم اولاء في اثري
88 سمراء كالخمر
سمراء كالخمر إنْ صبت بلا كدرِ
كأنها توأم للشمس والقمرِ
قد كان للراح طعم قبل مرشفها
حتى نكرت كؤوساً بعد لم تدرِ
خمريتي وطأة الصهباء تعرفها
لم تبقِ في القلب الا لوثة الغجرِ
ينساب منها انين الناي اغنية
قد رنمتها يد العواد بالوترِ
بيضاء كالصبح لا لون يخالطه
رقراقة مثل ماء المزن بالحجرِ
صفيةٌ من لجينٍ كدت اسكبها
فاغتاظ منها زجاج الكأس كالدررِ
امست كأن سناها في الدجى شفق
او كوكب قد انار الليل بالسحرِ
يارائق البال اني عنك منشغل
فأرجئ كؤوس الطلى أنْ يفسدوا سمري
89 لا تببكي ياامتي
لا تبكي ياامتي فالموت موت ابي
هل تنجبين من الاهات مهد صبي
بل فاصبري امتي العذراء وانتبذي
شرقيها بين سعف النخل واحتجبي
لا تهززي نخلة التاريخ علّ صدى
من جذعها تمطر الاحزان بالرطبِ
ما كان قط اباك نسل سوأتها
وما بغت امك الحسناء بالنسبِ
هذا وليدك ياقديسة صبرت
تمخضّ القدس ايذاناً لصوت نبي
90 ولربما
ولربما انساك لحظة مهجعي
ولربما
لكنه ياتيني طيفك مفعما
فتهيج كل مواجعي
حتى اضجّ تألما
ولربما تطريك بعض اناملي
فتضيع اوراقي فاكتب بالسما
اسما يشابه نجمة
تغتابني والبدر يصمت معتما
ولربما
تاتيك نسمة عطرها ويتيه مسراها
فتسقط بلمسا
وشذاها تسمعه القلوب الموجعات تعطّشا
والدمع خضّب عندما
دمعاتها فيروز بحرٍ والسفين عيونها
وشراعها قلبي تجاسر كلّما
مرت به اخبارها فلعلّ ترن بهاتفٍ يحكي لواعج مغرمٍ
فأفزٌ فوق وسادتي والدمع يرسل مرغما
ابكي بكاء محير يهذي الهوى
حتى اذا لم يرعوى
القلب ادركه العمى
ولربما
سالتْ عليك ملامحي
هل ياترى مازال يعبق عطرها
من شعرها من ثغرها مازال تعتصر اللمى
ياشذر كل رسائلي بيني وبينك اذ هما
في غار صدري تستفيق على الندى
لا خيط يحجب خيلها
وتزاحمت فينا النحور اليابسات على المدى
سرا فاعصر معصما
لكن يا حلم القلوب التائهات كما القطا
فوق السحاب والليل يقتله السراب
عد سالما مازلت للقلب الرقيق فؤاده
ما زلت يا الق الضغينة ملهما
ولرب يا احلى الصغار قلائدا
وملامحاً وتمائما
ياتيني غيرك مقبلا ينوي الوقيعة بيننا
او يدعي حبا سماوي العيون منّعما
فثقي بان المرجفات جميعها لم تثنني
عن طفلتي حتى اقاتل محْرما
لا درع لي الا من هواك احوكه
لا عين فيه فاضمّ اسمك محكما
91 انا يا حبيبي
انا ياحبيبي في الغرام اعذّبُ
فالوصل احلى من جفاك واعذبُ
ولعذب ثغرك ما دنوت وانني
في قعر روحك بالثمالة انخبُ
ولقد عزفت عن الموارد بعدها
إن عزّ في ليل الفراق المشربُ
من ذا الذي اغراك سفح عيوننا
كالسيل في ليل المواجع تسكبُ
وأراك لا يرضيك غير جفائنا
فبأي ذنب بعد ذلك نعتبُ
حتى ذكرت الذكريات وادمعي
سالتْ فجدباء الوسادة تشربُ
قبلي ونار بالفؤاد حسيسها
موصودة في كل يوم تنشبُ
ولكم يدي مست جذائلك التي
كالليل منها الداجيات تخضّبُ
مذ كان يثقلنا الغرام بدلوه
مثل النواعير الحزينة ننحبُ
اذ نحن عصفوران تيمنا الهوى
بين الزهور عيوننا تترقّبُ
وتعاهدت فينا العنادل غدوة
إنْ يسألوا عنا العواذل يكذبوا
طرنا جناحانا الغمام وغيمة
قد سابقتْ انفاسنا تتصبّبُ
حيث اللمى خجلى تبوح حكاية
ان الهوى زخاته لا تنضبُ
ودفنّا ما بين الصخور احاجيا
اقفالها تحت الاضالع تحجبُ
وتدحرجت فوق المياه قلوبنا
رقراقة مثل الحصى تتقلّبُ
لا انت تدري إنْ غرقْت ولا انا
ثملت بنا ارواحنا والمركبُ
92 لميني شذرا
لميني شذرا انت ياشذرُ
كي مايغشّ بعسجدي تبرُ
صوغيني طوقا انت صائغتي
فالدرّ يعلي قدره الدرُّ
ذكراك سرٌّ ياشذى شجني
انْ باح سرّي للهوى الزهرُ
اطريه حلماً في رؤى وسني
فاروي سنين العمر ياعمرُ
مالي فعنك الصبر يخذلني
زيديني صبرا فالهوى صبرُ
مذ اقسمت عيناك عهد صبا
قسما به العذال لم يدروا
فاغتابنا العصفور ان له
عين علينا مالها سترُ
والبلبل الفتان يهذي بنا
ثملاً اصابت راسه خمرُ
ياانت مااحلاك فاتنتي
هل انت مسك فاح ام عطرُ
بل انت مااغواك ساحرتني
هل انت مسّ الجان ام سحرُ
اني لمضنى في هواك عسى
تكفيني هم الليل يابدرُ
واحكي لمرآتي حديث دجى
كالخمر حتى يطلع الفجرُ
هذي صهيبائي لإنْ نضبت
فأمنن بعتق الكأس يا ثغرُ
طفل باحلامي افيض جوى
ماهزّه الترنيم والحجْرُ
93 قولي لحسنك
قولي لحسنك أن يكفّ ملاحهُ
عن اعزل قد جرّدته سلاحهُ
عيناك جيش والظباء عيونه
يجتاح من كبد الخلي بطاحهُ
فعن اليمين تخال نفسك هاربا
حتى تلقّى بالشمال جناحهُ
واذا يناجزك الخميس بقلبه
انى لقلبك ان يكفّ رماحهُ
متدرعا حلل الجمال بغارة
شعواء شقّت للظلام صباحهُ
فتكت به قبل المهند مقلة
من وطئها قوس الحواجب ناحهُ
ومذبّل يشكو النحول وخده
اربى فاغنى كالربيع اقاحهُ
فاذا بدا فالشمس تنكسف الضحى
وتعجّل البدر المنير رواحهُ
ومقتّل يبكي المشارق غربة
ومغارباً نكرت عليه نياحهُ
فتوقّدت في كل جنب حسرة
قد اسكتت قبل الكلام فصاحهُ
واحيط بالسر الدفين مواجعي
لم ارمِ مثل الجاهلين قداحهُ
انا محبس الاهات منذ نعومتي
والصدر من الم العراق اباحهُ
هو منجم الشذرات عرش عقيقها
وخواتمي فتحت عليّ جراحهُ
وتنازع الجن الشرير مناسئي
لم اخف موت الانبياء فزاحهُ
94 شفاه الشهد
لا تحدثي في الهوى شرعاً بل اتّبعي
فكل محدثة ضرب من البدعِ
ما لابتداعاتك الحمقى تطاردني
قطّعتِ فيها نياط القلب بالوجعِ
انى فتلتِ سنين العمر فاتنتي
من سحر ثغر ٍ يكيد السحر مبتدعِ
مسرى الضلالات من عينيك مهبطه
يجتاح صومعتي حتى خلتْ بيَعي
النار مثوى لها فاستعبدتْ كبدي
حدّ احتدام ضجيج الروح في النزعِ
عيناك ياحلوتي فيروز مسبحتي
قلّبتها في حنايا الخوف من فزعي
فامطرتْ فيهما الاحلام لؤلؤها
برقاً من الماس او سربا من البجعِ
بين الانامل كم حباتها خشعتْ
حتى تهادى كرى الاجفان من سجعي
قد كنت في غفلة حتى اتاني هدى
مالي وعينيك ويل الناسك الورعِ
فلتسقني من شذى خديك ارشفه
بل هدّأي ياشفاه الشهد من فزعي
95 افتوني
افتوني يااهل الغرام امنصفُ؟
من كاد يفني صبّه ام مجحفُ
اهي العدالة إنْ تطيل مواجعي
قلب معذّبه وروح تشغفُ
ياقلب مالي اذ اراك مكبلا
توفي العهود فما لغيركَ ما وفوا
كمسلّم الحاجات غير حفيظها
مذ ضيع العهد القديم المتلفُ
ومتيمي شطب القوام وقدٌه
كالرمح من بين العوالي اهيفُ
انا من صبا ارنو اليه ترقّبا
ويداي من فرط الصبابة ترجفُ
لك طلعة عند العتاب مهابة
في خافقي منها الحناجر تنشفُ
هو حتفها خزم النزال هزيمة
إن نال من قلب الرقيق المرجفُ
ولجارتي عين عليّ وحقّها
اني لغير هواكمُ لا أُكتفُ
ولجارتي عتب عليّ ومادرتْ
ما كلّ ماشغف المتيم يعرفُ
انا معدم مضنى بزهد محبتي
كم زاد في قدر الفقير تعفّفُ
فانا ارى ظلم الحبيب عدالةً
إنْ ذاق من كأس الخصام المدنفُ
منع الوصال وما بذاك جريرة
ما لامني فيها الوشاة وعنّفوا
قذفوه لي مثل البخيل مقتّرا
لو ذمّ في نظر الكريم المسرفُ
ورأوه ضم المكرمات جماله
والمحصنات من اللآمة تقذفُ
وكذا المحبّ اذا جفاه حبيبه
وجلتْ له فوق التراقي احرف
لا يعرف العتب الجميل ولو جرى
في خده نهر المواجع يجرفُ
يرعى الهوى من لاينام محبة
كبدٌ محرّقة وعين تذرفُ
فاحمل جراحك لو صبرت على النوى
ادب الهوى ان لايجوز تأفّفُ
96 اني اميل الئ سواك
———————-
اني اميل الى سواك
وعلى فراقك غير باكي
ماغرني في مقلتيك
مكر الدموع وذا التباكي
آن الاوان الا يطير
هذا الفؤاد من الشباكِ
ودّعت فيك خصومةً
انهتْ بنا زمن العراكِ
في ثورةٍ وردية –
الكفين فجّرها حراكي
سلميّةٍ بيضاء ليس
يشوبها رمحا لشاكي
اني نفضت عبائتي
ونزعت درعاً لاشتباكِ
وبشيمة الاحرار انهي
شامخا ذلّ انتهاكي
من مات فات فلن يعود
لو عدتِ ثانية ملاكي
مازال يطرق مسمعي
كذب تبوح به شفاك
ولقد شفيت من الهوى
ماعاد ينفعني دواكِ
تباً فما جدوى اللقاء
هيا ارحلي عن مبتلاكِ
اني نسيت اتعجبين
عاثت بذاكرتي يداكِ
فتوددي ماشأتِ لي
عبثا تغازلني لماكِ
وانعي خريفك بارداً
فالثلج اسخن من لظاكِ
لا شمس تلفعني ولا
ارعى نجوما في سماكِ
قمري انا في خافقي
اتقى محاقاً من سناكِ
كم لامني وانا ادوس
الحب ينكره ثراكِ
ياخيبة الآهات ليس
بعاذرٍ قلبا هواكِ
دوري بافلاك الهوى
فلرب دانيهُ شراكِ
97 كلام العيون
وتكلمت منّا العيون فصيحةً
ماخبأتْ سرر القلوب تكتّما
يندسّ من تحت اللواحظ ليلها
والليل يخفي مايروه تأثّما
فاشار في همس العيون اميّتٌ؟
واشرت في رمق العيون لربما
لم يستطع رد الدموع وتمتمتْ
اجفانه والشوق تحبسه اللمى
حمّلتَ ياعود الاراك رسائلاً
صعبتْ على واشي الهوى ان يفهما
وجمت بنا لغة الحوار وعطّلت
لم تستطع منا الشفاه تكلما
شفة على شفة يأز ازيزها
حتى اكتوى قدح السلافة منهما
لم ادرِ اي الساقيين يزقّني
من ريقه والكأس ادبر مفعما
وتعاتبا والياسمين اريجه
من نرجس ينفي الوشاية عنهما
تهنا ولو ايقظتنا لم تلقنا
لمّا ثملنا في الغرام تنعّما
وتسعّرت منا القلوب فلم تزل
اكبادنا سود الوجوه تضرّما
98 عيناك والنهر
عيناك كالنهر لكن بالسواد حثى
من كل ليلٍ بهيم الموج قد نفثا
من علّم النهر انّ النفث في عقدٍ
حتى ارى السحر في الخفاق قد عبثا
من عادة النهر يسقي كل واردةٍ
لا يسال الزرعَ طاب الجذر ام خبثا
إنْ سار يروي عطاشى الارض جدوله
لكنّ نهرك نحوي قط مااكترثا
وانني فيك طاب القصد منذ صبى
ما افسد العهد يوماً فيك او نكثا
ومابه القلب الا دوح ثابتةٍ
نحو الغرام لها غصن لموتي رثى
وللعصافير فوق النعش زقزقة
هذا الذي مات للعشاق مبتعثا
99 ختم الهوئ
ختم الهوى في قبلة من فيهِ
اسكبْتَ ياكاس المدامة فيهِ؟
خمر اللميّا عتّقت برضابه
فإلامَ ياريم الفلا تنفيهِ
لا عطر بعد عروسةٍ فاجهر به
بوح الزجاجة لأقتناص نبيهِ
إنْ لم تبح من ذا يراك بخاطري
كشذى يقضّ معارج التنبيهِ
فانا على السر الدفين مؤمّن
ماكنت اخدش بالهوى كسفيهِ
ومتيّمي يغريك حسن جماله
ياليتني فيما غوى اغويهِ
فيه الذي تهواه كل صبابتي
فابى الهوى الا انا يرديهِ
كاد الجوى يودي يقين عبودتي
لو لم افق من هاجس التأليهِ
وانا هنا القيت كل محبتي
روحاً فتاهت كالحمامة فيه
100 ياناعس الطرف
ياناعس الطرف لاتأمن قصور يدي
فالعين بالعين حكم الله فأتئدِ
والسن بالسن لا يكفيك وزر دمي
إذ تستحلّ دماء العاشقين هدِي
إنّ الجروح قصاص حيث مقصدها
فكيف انْ كان قتلا منك عن رصدِ
قد غار بالروح جرح لا شفاء له
والجرح بالروح غير الجرح بالجسدِ
ظلماً فما انصف الحكام مظلمتي
فاعدل بصبٍّ قليل الصبر مرتعدِ
من شاهداي سوى قلب تعذبه
سوء العذاب وقلبي في هواك ردي
او مهجة قد قضاها الشوق فأهترأتْ
فأنحلّ من وهنها ماشدّ من عقدِ
كانني من غضاها والجوى حطب
مسعرٌّ في زوايا الروح بالصفدِ
مرصودة منك هذي النار ماخفيتْ
إنْ انكر الجيد احبالاً من المسدِ
لاتحسبنّ عيوني عنك غافلة
انْ كنت تعشو بضوء الشمس من رمدِ
ام كدّر العين من حوراء مقلتها
ضرب النبال على ما رقّ من كبدي
حلمي عليك فاني في الهوى كلفُ
لو غرك اليوم هذا اللين من جلدي
لي سابغ من برود الصبر انقشها
كأنّ اعينها نسج من الزردِ
انْ ابتغيك بظهر الغيم اركبه
والاخذ بالثار يشفي ثورة الكمدِ
حبي على دكة العشاق اذبحه
كأنّ ايامنا بالحب لم تلدِ
ياناعس الطرف ايام الهوى ذبلتْ
لم يبق منها سوى التذكار يغري غدي
101 قولي لعينيك
قولي لعينيك هل بات الدجى بهما
واطبق الليل في جفنيهما نعسا
ام عانق البحر امواجاً مسهدةً
وادلج الماس دربا فيهما يبسا
عصية القلب لاجهر بامنية
قد مسني الشوق في الخفاق مختلسا
فانه الحب يغري قلب صاحبه
اذ فجّر الدمع في الاحداق منبجسا
إن غرّك اليوم اني فيك مبتهج
فكم على مبسمي الهجران قد عبسا
عاهدتك الله سرا لاابوح به
اذ لم يجد عهدنا من عهدنا غلسا
ومن يرى صدره في سره حرجاً
لن ينبري احد يولي له حرسا
102 ورشيق قد
ورشيق قدٍّ قد توطّن داؤه
بالقلب سقماً فاستحال شفاؤهُ
عيناه فيروز البحار ارومه
فاستعصمتْ بين الجفون سماؤهُ
وسريت قبل العاشقين المّهُ
لكنٌ ليلي حاقه اسراؤه
ناديته عند الصبيحة فانثنى
غصنا تخامر لوعتي افياؤه
لما تهمهم بالعيون مقالة
بوحاً ويمنعه الكلامٓ حياؤه
قبّلته روحاً تمانع قبلتي
فتوردّتْ فوق الخدود دماؤه
لمّا تمنّع للوصال ولم تزل
تغريك صبّاً بالقطيعة لاءه
تخفيه حينا والجوى جنْي النوى
صعب على شاكي الهوى اخفاؤه
103 يااخر الداء
يااخر الداء في روحي واوله
هل يبرئ الكي جرح الروح والجسدِ
بلواي انت وما من بلوتي هرب
يامنتهى النار في قلبي وفي كبدي
إنْ كان ذاك فنور منك طوّقني
في وجنتيك اذاب الصبر من جلدي
لكنه احرق المسنون من حمأي
مسجوره كيفما اطفأته يزد
مثل الفراتين تكويني روافده
ياحبذا منه كير النار لم يردِ
ابكيك دهرا ودمع العاشقين جوى
ياعاشق البدر ان البدر في بلدي
104 مابال طيفك
مابال طيفك يستبيح مضاجعي
كاللص يعبث في خيال مواجعي
إنْ نمْت قام وإن صحوت فمرعبي
شزراً يراقبني كذئبٍ جائعِ
ماراعني الا عرامة صولة
حشرت خرافي تحت ناب الطامعِ
فمتى اريح واستريح من الجوى
ليت الذي سرق المنام بطائعِ
كي لا اريق من المآقي دمعةً
مفضوحة النجوى بسرٍّ ذائعِ
اخفيته عقدا تناثر حبّه
كجواهرٍ تبدى بجهر البائعِ
لا لاتبعْ انّ الغرام شهادة
لو حكّموها بالحسام القاطعِ
شرف البطولة انْ يضمّخ صدرها
ليقام عرس للقتيل الخاشعِ
خشعت له فوق الترائب جوشناً
تغنيه عزّا فوق ذل التابعِ
فوق القنا محجوبة ونصالها
تسقيك موتاً مثل سمّ ناقعِ
105 خالي البال
يا خالي البال اني منهك البالِ
ما جئتك اليوم الا شاكياً حالي
سيارة الحب ما ارسلت واردها
كي تدّليني غراما ايها الدالي
فكن بجرح خيالي خنجرا دمثا
يمنّي بالوصل قلباً بالنوى بالِ
قطيعة منك قد تودي بذي شجنِ
يحيى بحبٍّ يذيب القلب قتّالِ
ام صرت كالبعض عاداني بلا سببٍ
هلّا ادعيت بثأر العم والخالِ
فديّة العم قلبي عمه نكد
وديّة الخال اني ذبت بالخالِ
لا مال عنديَ غير الحب يشفعُ لي
ما اعظم الحب لا يفدى باموالِ
إنْ اكتفيت فذلل للهوى سبلا
لا تجعل الدرب محفوفاً بأهوالِ
اخالك اليوم لا عتبى تصد لنا
رسائل الشوق ام جافيت كالسالي
وكنت احسب اعذاري وقد قبلت
حتى نفرت خفافا قبل عذالي
106 ايها الشبل
لا تاتني يوم الوقيعة زاحفا
بل مشرعا فوق المهنّد راعفا
ومحمحماً قبل الجواد ولا ترغ
انْ راغَ من وقع الاسنة خائفا
حيث اللظى توريه فيه سنابك
قد افزعت ْ منه اللبان الراجفا
كن كالرديني الاصم نفيضةً
قد خلّفتْ رمم الرجال توالفا
من مشرفي سال حد لعابه
ماقبّل السم الزعاف مراشفا
واشدد ركابك لا تلين عريكة
والموت يحثي بالجماجم خاطفا
حتى اذا حمي الوطيس فجلْ بها
كالصقر تخشاه الطرائد حائفا
ومزمزما يوم النزال مدويا
كالرعد قد صمّ المسامع قاصفا
افديك تيجان الملوك وجندهم
ياايها الشبل المنازل هاتفا
افديك كل الراكعين تدججوا
همم النساء اذا قعدن خوالفا
107 هاك قلبي
هاك قلبي الى حماك يميل
رفّ جنحا وان يلوم عذولُ
حائر الطرف في الغرام معنّى
مثقل القيد في هواكٓ ذليلُ
طائر الشوق كارتعاشِ وليدٍ
رام أُمّاً في راحتيها يقيلُ
اكحلُ العين مالنا عنك سلْوٌ
إنْ سعى فيك بالغرامِ بديل
فكثيرٌ من اللقاء قليل
وقليلٌ من الجفاءِ جليلُ
وكبيرٌ على المتيّمِ همٌّ
ناحل الجسم قلبه متبولُ
فعليهِ من الصدود شحوب
وعلى الوجه حيرةٌ وذهولُ
فيك شوقٌ وللطلول عتابٌ
زاد وخزا من شوكها اكليلُ
حامل النعش فوق رسمٍ تولّى
ميّت الروح في الهوى محمولُ
مذ جفاني مسترسل ودموعي
حائراتٍ من مقلتيَّ تسيلُ
ناوبَتْني في هجره زفرات
فيح نار من الجِنوب تهيلُ
لاوداع ابلُّ فيه اشتياقي
يوم راحوا او روّني تقبيلُ
ياحمائم بهائِم الحبّ مهلا
لاتهيمي فقد شجاني هديلُ
لو تروحي وتنهلي من عذابي
متّ شوقا ولاعتراك عويلُ
بلّغيه بدمعةٍ من فؤادي
والبوح دمعا في المقال جزيلُ
واقرايه رسالة بعد موتي
إنْ وصلْتِ ولايخون رسولُ
لي حبيب احاسن الناس وجها
مال عنّي وما اليه وصولُ
108 طرفك الجاني
طرْفُكٓ الجاني وتشكو مقْتلٓكْ
ذنبُ قلبي في الهوى قد دلّلكْ
كيف لانخشى لحاظاً رميها
اذْ نصبْتٓ العين فيها مقْصلٓكْ
فاترك الروع لعبدٍ عاشقٍ
انت حرٌّ يارشى لن نسألك
ماأرى في دمنا من ديّةٍ
زاد في الخدِّ جمالا كمّلكْ
فاسْتٓقِ وردا علا اكليله
من سنا روحي لتاجٍ جلّلكْ
قد بدا خالاً له من حرقتي
واسوداد القلب مني كحّلكْ
كنتُ مرجوّا وكم لي حظوةّ
ليت شعري بالهوى من بدلّكْ
مالروحي عن هواكم سلوةٌ
كلما اصْرمْتٓ قالتْ هيتٓ لكْ
إلْتٓمسْ لي العذر في شكوى لكم
انْ غدا منّي عتابٌ زعّلكْ
ياغصيْناً أيْنٓعتْ احماله
فارم عنقودا لنا قد اثْقلكْ
ياسراباً عزّ في قيعاتهِ
اجْدٓبٓ الروحٓ فرامتْ منْهلكْ
من لمى ثغرٍ جنى انفاسهِ
فاح كالمسكِ سواكاً خلّلكْ
ماعليكم في الهوى من سبّةٍ
ان تركتم عاشقا قد ملّلكْ
ايها النائح يكفيك الجوى
ذقت من مر النوى ماانحلكْ
في نسيمات اذا ماهفْهفَتْ
جمرَ نارٍ بالغضى قد اشعلكْ
قلبك القاسي جفاءً اخّركْ
ليت من ابطاك عني اعجلكْ
109 مرت عجالا
مرت عجالا فانقضى الامسُ
وتمايدت في جفنها نعسُ
تخشى العذول عيونه عسس
متلصّصا ينتابه بؤسُ
حيران لم يظفر بنا نظرا
ويزيد من زفراته يأسُ
لم يدر ان الحب رائحة
مثل النسيم بروحنا غرسُ
كيف الذي حبّ براعمه
ماهمّه أن تقطع الفاسُ
غاب الرقيب رقيب خلوتنا
مامسنا من لؤمه نحسُ
وانا النديم سقيم سمرتها
ماضرني من خمرها بأسُ
هذي صهيبائي تشع سنى
فاطبق علينا الليل ياكأسُ
من منكما احلى وقد جمعا
في وجنتيه البدر والشمسُ
ناران يعتلجان في رئتي
فبأي نار تصطلي النفس
لولا احتراق القلب مااشتعلت
فيك النجوم الزهْر يارأسُ
110 مياسة الرمح
ميّاسة الرمح المذبّل قومي
اضناك حزني ام برتْك همومي
مالي ارى سقماً وقدّك ناحلا
عرجونه يخفي دم المكلومِ
فأرتعْ رجوتك في الهوى بتوجعي
هلّا ارتويتِ بأدمع المهضومِ
وأريحي من صدر القتيل نصالهُ
اسنانه حتما على المحكومِ
ياأخت ذاك السيف في اعناقنا
كالحاصد المعشوق غير ملومِ
إنْ تلّنا نحو الجبين فانّنا
اسلمنا في الاحكام كالمعدوم
فلربّ سكّين الغرام تغطْرستْ
وتغلغلت في رهبةِ الترنيمِ
وتمايدي طرباً اذا ماشحرجتْ
فالروح بالغةً الى الحلقومِ
يكفيك ماصبر الفؤاد على النوى
ترمين من لحظ الهوى المسمومِ
في مهجةٍ اعيى الفراق شفائها
ودوائها في ثغرك المرسومِ
افديكِ من ثغرٍ ختمتِ رضابهُ
مامسّهُ طيش الصبا معصومِ
اخشى اذا رشفتْ شفاي رحيقهُ
فصّدْتُ من دررِ النقى المنظومِ
او انني لمٌا ارتويت بريقها
أذيتها في شهدها المختومِ
ماعدتُ اخفي في الغرام صبابتي
لولا ابوح بسرها المكتومِ
فتعالي ياعذب القلوب ونارها
مضرومة في اضلع المكظومِ
وتحلّلي من وزْر مقتلك لنا
من قبل ان يقضى دم المظلومِ
وتلألئي يابدر حالكة الدجى
فلقد نأى قمري وفزّ نجومي
ففداك روحي والهوى لك توأم
ياحلوتي افديك كل خصومي
عيناك في فجر الغرام مطالعي
قد بدّدتْ بالحالكات ووجومي
من اين لي نشوى المدام وانّكِ
لملمتِ من درب الخمور كرومي