هدير المواجع

ديوان هدير المواجع للشاعر العراقي د محمد زايد ابراهيم

 

إهداء

 

إلى من أجّجَ هديرَ مواجعي الأولى، أضعُ هذا النزيفَ في محرابِ لوعتِهِ وفاءً لذكراه الشاعر الكبير الشيخ عبد الصاحب البرقعاوي.

 

” شاهد ”

حينَ جاؤوا بهِ

وألقوهُ في أتونة

تحَوّلَتْ أحزانُهُ الى مرايا

صارَتْ أوجاعُهُ خُبزاً

ومنْ يومِها

لمْ تفارقْهُ

جِنّيةُ الشعر..!

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تقديم

 

مجموعة (هدير المواجع) شعر محمد زايد إبراهيم

بقلم: أ.د.زهير غازي زاهد.

 

عرفته شابا لامعا متطلعا يشد نظره إلى أفاق الأدب يكتب الشعر وكأنه يمشي على جمر تشع حرارته من كلماته.

كانت تشده بالشاعر عبدالصاحب البرقعاوي -رحمه الله- علاقة تلمذة أدبية في أواسط ستينيات القرن الماضي حيث لا مؤسسة تنتظم الشباب الطالع غير المقاهي يتجمعون في أركانها للتنفيس عن نشاطهم بأحاديثهم الأدبية والشعر خاصة, وكانت الرابطة الأدبية في كهولتها مقتصرة على شيوخ الأدب الذين تربوا في ظلالها وظلال المجالس الأدبية لعوائل النجف, فكان الشباب المتأدب يرتاد مواسم الرابطة لينمي تجاربه بالأدباء المعروفين آنذاك أو إقامة تجمعات وندوات تعقد مواسمها وتجاربها الأدبية انطلاقا من المقاهي الأدبية, فكانت مثلا مقهى أبي المسامير في شارع الخورنق يتجمع فيها مجموعة من الشباب سموا ندوتهم:

“ندوة الآداب والفنون المعاصرة ” وكذلك مقهى ابن مذبوب في شارع الصادق مكانا لتجمع آخر وكانت الصلة بين هذه التجمعات حديثها عن الشعر والحداثة والقصة وتداول دواوين السياب وعبدالوهاب البياتي وشعر أدونيس وما كان يرد من دواوين شعر بدوي الجبل وعمر أبو ريشة والأخطل الصغير إضافة إلى حضور مواسم الرابطة الأدبية وكان نتاج هذا الحراك الأدبي في الستينات إقامة ندوة الآداب والفنون المعاصر مناسباتها الأدبية في نادي المعلمين في النجف وندوات عقدت في قاعة إعدادية النجف, وختمت بمهرجان نقابة المعلمين سنة 1970 استغرق ثلاث ليال. وبعدها عقدت الرابطة الأدبية مهرجانها الأول 1970 أيضا استغرق اربع ليال وفيها القى الأستاذ جعفر الخليلي مقالته العوامل التي جعلت من النجف بيئة شعرية.

لقد كان الشاعر محمد زايد وشيخه البرقعاوي يشاركان في هذا الحراك الشعري.

انتقل عملي إلى جامعة البصرة 1970 وافترقت عن الشباب الشاعر وحين كنت ازور النجف والتقي بالأستاذ البرقعاوي تشدني الذكرى إلى ستينيات القرن إذ كان لقائي بشباب أخرين يلتقون بالشاعر عبدالصاحب البرقعاوي -رحمه الله- الذي كان اثره واضحا في ذلك الجيل ومنهم الشاعر محمد زايد الذي تطور شعره فحين قرأت مطلع قصيدته “يا مرفأ الطف” التبس علي أنها قصيدة للبرقعاوي بمطلعها الصادم للمتلقي:

صرختُ بالحرف حتى ملني أدبي
أي المسافات أجلوها من التعب

وحينما قرأت ما بعد المطلع شعرت بأن كل واحد منهما يستسقي من أفق وثقافة ورؤيا.

لقد عاش الشاعر كغيره من الشعراء في ظروف وقيود اجتماعية اتصفت بها مدينة النجف الأشرف فالشاعر الذي يرتاد نواديها ويشارك في مناسباتها الاجتماعية يضطر إلى ان يجاري تقاليد المدينة وينظر إلى الجيل السابق له فيرتبط شعره بالشفاهية فالشاعر فيها يميل إلى الوضوح ما امكنه ليفهم خصوصا اذا كانت المناسبة دينية أو اجتماعية ألا من تمرد على تقاليد القصيدة والمجتمع فيستخدم حريته في شعره وفكره كما تمرد الجواهري والشيخ صالح الجعفري وعلي الشرقي ثم لجيل بعدهم مصطفى جمال الدين ومرتضى فرج الله وعبد الأمير الحصيري ومحمود البستاني فيلاقي في أول الامر الاعتراضات واللوم ولكن الجديد لا بد ان ينتصر على التقليد الجامد وكذلك كان الشاعر صاحب البرقعاوي ومعه محمد زايد إلى حد ما خصوصا في نظمه قصيدة التفعيلة وتجديده في الصور ولغة الشعر واستخدام المجازات الجديدة ولكنه لم يسلم من مجاملات الشعر.

شغل الشاعر محمد زايد العمل والشاعر يزدهر لو تفرغ لفنه

وعلى الرغم من عودته بعد انقطاع إلى الشعر انطلق متماسكا فقد سمعته ينشد اكثر من مرة ومن قراءتي له خصوصا في هدير المواجع حداثة الصورة الشعرية وعبارتها وكذلك اختيار الكلمة في الغالب لديه تتنفس الرقة تعلن عن حداثتها واتساع أفاق دلالتها لكنه ظل محافظا على القصيدة بموسيقاها ووحدة قافيتها وقد حاول ان يكتب قصيدة التفعيلة الحديثة وقد جود في قصائد لكنها ظلت محاولة اثبت بها قدرته ألا ان القصيدة العمودية لديه اعلى صوتا واثبت أصاله فأستمر عليها كما كان شيخه البرقعاوي –رحمه الله– وأخرون من جيله وما قبله كالسيد محمد بحر العلوم ومرتضى فرج الله وزهير زاهد وعبد الأمير الحصيري وغيرهم.

وهذا ديوانه هدير المواجع كان في مستوى الشعر الذي تود سماعه وقراءته فهو يعبر عن أوجاع شاعر يرتبط بأوجاع وطنه كما في قصيدة يا بلادي:

تعب الركب فاصطبر يا حادي  
  غص في شدوك الذبيح مرادي
وبلادي التي رضعت هواها  
  منذ الف مشنوقة في فؤادي
كنت وحدي أصارع الليل طفلا  
  وعلى قامتي رسمت بلادي
يا عراقا لونته في عيوني  
  وعلى جرحه سكبت رمادي

هذا شعر يعبر عن ثورة يعيشها الشاعر ترسم ملامحها سماوات الروح قصيدته وقصائد أخرى مثل شموخ وهذا شوق أشرعتي تأملات طفل عراقي وفي الديوان قصائد وجدانية ومصطلحات تعبر عن أحلام متصوف يسبح في أحلامه ويشتاق إلى المجهول تعب الركب فاصطبر يا حادي سنابل الهذيان.

ان شعر محمد زايد ينتمي إلى جيل ما بعد الحصيري بداية السبعينات ففي لغته شعرية الموضوع ,لذلك كان رثاؤه يختلف عن رثاء التقليديين في ألفاظه وجمله وصوره فانت تحس بالتغيير قد أضاء افقه فحلق بعد معاناة حياتيه من جهة وتجربة شعرية أنضجت الوان تعبيره ولغته ومجازاته وتأتي ألفاظ الصحراء قافلة جمال الصحاري إضلال دليلا لثقافته وعمق وعيه لكنه يستعملها بصور حديثه فتكون رموزا يقصد بها الدلالة والمعنى الذي يعن له كما هي في قصيدة دنياك قافلتي وسيد المتوهجين.

وفي شعره قصائد تخالف ما في بيئته النجفية التي تقيدها التقاليد في شعر المناسبات نجده يحلق في ميلاد الإمام في سماء غير سماء الشعراء التقليديين قناديل التهاني ومطلعها:

بمولدك انتفضت على بياني
ففي ذكراك تزدحم المعاني

وهي طويلة, ولا انكر ان تقاليد النجف قيدته في أمور فنية لم يستطع الخروج منها ويعلن ثورته كما كان الجواهري والشيخ صالح الجعفري ومرتضى فرج الله..

في الديوان قصائد طوال تبقى محافظة على مستواها التعبيري وقوافيها لا يعوقها التطويل, لبراعة الشاعر وغنى ثقافته اللغوية وكذلك شعره في مناسبة الحسين.

هدير المواجع وكذلك قصائد في رثاء أصدقائه نبض القصيدة ويا سيد المتوهجين متى ألقاك جمر النعي شموخ وكذلك تحيتهم هديل الشعر.

وفي الديوان من قصائد التفعيلة الحرة ست قصائد وهي لها طعم خاص به ألا ان الشعر الموحد القافية قد تجلى به الشاعر محمد زايد.

أرجو له التقدم والتحليق في أفاق الشعر فقدرته الفنية لم تتوقف وإبداعه يستمر في مقبل الأيام.

 

النجف الأشرف

الاثنين 11\1\2021

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ديباجة

 

إنني لَوْ مَلَكتُ روحَ العِبارة  
  لَتَجَلّيتُ شاهقاً كالمَنارَة
غيرَ أني بالجَمرِ أغزلُ أوجاعي  
  حروفاً وأغنياتٍ مُثارَة
وَأصوغُ الضّلوعَ بَيتاً لأحبابي  
  وَإنْ زَمْجَرَتْ رِياحُ الإثارَة
ناشِراً لَوْعَتي على كلِّ أفقٍ  
  فَجَناحايَ غُربَتي الموّارَة
أنا عيسى الذبيحُ يا ربِّ عَفواً  
  حينَ ترتابُني همومُ المغارَة..!
نازَعوني وَصَفّدوا لِي صَلاتي  
  بلبلُ الرّوضِ مِنْ حَباكَ الإشارَة
أيُّ مَعنى للشعرِ إنْ حاصَروهُ  
  وَاستباحوا خيولَهُ والإمارَة

 

 

أنا بالبحرِ قدْ مزَجْتُ فصولي  
  وَتوّحدْتُ نافخاً مِزمارَه
قامتي نخلةُ العراقِ وَروحي  
  وَجَعُ الطفِّ لا يملُّ اقتدارَه
أشعَلوا جبهَتي وَضَجّوا احتِراقاً  
  وَكأنّي الخليلُ يَنفضُ نارَه

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يا بلادي

 

تعبَ الرّكبُ فاصطَبر يا حادي  
  غَصَّ في شدوِكَ الذبيحِ مُرادي
وبلادي التي رَضَعْتُ هَواها  
  مُنذُ ألفٍ مَشنوقةٌ في فؤادي
كنتُ وَحْدي أصارعُ الليلَ طفلاً  
  وَعلى قامَتي رَسَمتُ بلادي
يا عراقاً لوّنتهُ في عيوني  
  وعلى جرحِهِ سكبتُ رمادي
كان تأريخيَ المنافي وحَسبي  
  كلُّ آهاتِهِ صدى أعيادي
لم يزل يُطفئ الظلامَ هبوبي  
  وعَويلي توحّدي واتقادي
ظامئٌ والفراتُ يشربُ روحي  
  تلك آثامُهُ سقَت أعوادي
لا تلُمني في غربتي وانفرادي  
  أنا ما زلتُ رافضاً أصفادي
يا بلادي التي هفوتُ إليها  
  أنت مثلي في لوعتي واضطهادي
الأعاصيرُ في دمي مهرجانٌ  
  والثكالى روائعٌ في المزادِ
ودروبي سنابكٌ من لهيبٍ  
  وبرغمي تناهَبتها العَوادي
وَطفوفِي ارتوَتْ بجمرَةِ حُزني  
  وَخيامِي اصطلَتْ بنارِ المبادي
الآن العراقَ يسكنُ قلبي  
  فهوَ معراجُ صحوَتي واتقادي
يا عراقاً صلّت لهُ الشمسُ يوماً  
  واستفاقتْ على صَهيلِ التنادي
منذ أن راهَقَ الطغاة بجِذعي  
  واستفزَّت حمامةٌ في مِهادي
كانَ سَيفي عَزائِماً تتبارى  
  وإلى اللهِ غَضبَتي وسَدادي
يا بلادي هذي الرُبى أفتَديها  
  فالعصافيرُ لَمْ تزَلْ حُسّادي
كلُّ حرفٍ موسَقتةُ في كِتابٍ  
  هوَ نَزفي أجْرَيتُهُ كالمِداد
وَخَيالاتيَ العَذارى نشيدٌ  
  رَدّدَتهُ السهولُ للأنجادِ
أنا روحٌ مِنْ عالَمِ الغيبِ تهمي  
  من شموسي قوافِلُ الوُرّادِ
يا بلادي يا موجةً من حَنينٍ  
  وقّعَ الهورُ نبضَها بمِدادي
يا عراقَ الشموخِ هذا نَشيجي  
  فتقبّلهُ قُربَةً للضّادِ
وتلمَّسْ حروفَهُ نازفاتٍ  
  في مَراياكَ مُذْ وَطأت بلادي
صفّقَتْ مُهجةُ البيانِ وَماجَت  
  أعينُ الشعرِ في القلوبِ الصَوادي
أبتني للعُلى مناراً وداراً  
  ولإسطورةِ الخلودِ عِمادي

 

 

جمرةُ الشعرِ لو حَواها كَفيفٌ  
  بَصّرَتهُ في حَضرَةِ الإنشادِ
يشرقُ الشعرُ في النفوسِ وَيبقى  
  ألَماً فيْ مَحابرِ الأمْجادِ
(هذهِ كلّها بلادِي وَفيها  
  كلُّ شَيءٍ إلّا أنا وَبِلادي)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سنابل الهذيان

 

أنا مَن لا أنا وصَمتي بَياني  
  وحروفي سنابلُ الهذيانِ
رَكَضت في دمي العصورُ ولكنْ  
  في مفازاتِها أضَعتُ حِصاني
وَقطَعتُ الدروبَ أبحثُ عمَّن  
  ضيّعوني فضَجَّ بي نسياني
والسبيلُ التي سلكتُ إليها  
  غادرتني وهاجرَت عَن مَكاني
كلَّما أبتدي بخطوَتيَ الأولى  
  أراها تغورُ في بركاني
أنا بوحُ الخريفِ فضَّ إلى  
  الأرضِ فأودى في ريحِهِ عنواني
وعصايَ التي أهشُّ بها الحزنَ  
  فينأى تبعثرَت في بناني
كلما لملمت محاريبيَ الخجلى  
  عيوني تفصَّدَت ألواني
أنا أفقٌ وفي صلاةِ الدياجيرِ  
  شموسي تغورُ في عنفواني
أنا هذا الذي تجذّرَ بالعِشقِ  
  سرابٌ يفيضُ في اللا زمان
عابقٌ في جلالةِ الشعرِ روحي  
  تصطفي ساعةً وأخرى تعاني
أيّهذا الدمُ المعتّقُ بالآمال  
  آخيتُ مدمعي فسَقاني
إسبغِ النايَ في عروقي وغنِّ  
  وجَعَ الحرفِ وافتتن بالأغاني
ذابَ في خافقِ الغروبِ نشيجي  
  شَهَقاتٍ تعثّرَت في جَناني
كلما سافَرَت رؤايَ إلى دنياكَ  
  طافَت على ثراكَ الأماني
عَبَثاً تعبرُ المسافاتِ أوجاعي  
  لتَندى عروقُها في دِناني

 

 

 

 

 

نحنُ سرّ الحياةِ ما لأمانينا  
  تهاوَت كحفنةٍ من دُخانِ
هل كَبرنا أمْ شاخَت الأرضُ فينا  
  فازدرَتنا وغادَرَتْ في ثواني
أيّها الشاعرُ المَهيبُ ترَجّلْ  
  مهرةَ الحلمِ وازدحِمْ بالحَنانِ
كَمْ على ناظرَيكَ طافَت نجومٌ  
  واشرأبَتْ إلى فَضاكَ الحاني
أنتَ علَّمْتَنا الحروفَ صِغاراً  
  فانتشينا مِن خَمرَةِ الإيمان
وإلى الآن صوتُكَ السّمحُ يُزجي  
  نَبَراتِ الشموسِ في شرياني
كانَ وجدانُكَ المعبّأُ بالشّعرِ  
  رَسولاً يَغُصّ بالشطآن
وعلى ضفّتيهِ سِربُ أمانينا  
  استفاقَت من ربقةِ الحِرمانِ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ورقة خضراء من دفتر الطفوف

 

آتٍ ويشمخُ بي لوائي  
  ويضجُّ من شَمَمٍ إبائي
آتٍ وتتبعني العصورُ  
  وتلهثُ الدنيا ورائي
لي موعدٌ بالطفِّ أسـ  
  رجهُ ودَينٌ للعلاءِ
أنا يا طفوفُ هنا وفي  
  حدّيكِ تاريخُ انتمائي
من قبل ألفٍ والفراتُ  
  يغصُّ في جمرِ الفداءِ
ودمُ الرضيعِ نوارسٌ  
  حمراءُ ترضعُ من ولائي
فالجم هديرَكَ يا فرا  
  تُ فما وَفَيتَ إلى الظماءِ
وبيارقُ الفادينَ صـ  
  لَّت في هواكَ بلا انحناءِ
آتٍ وتحضنني الذرى  
  والنجمُ يعثرُ في ردائي
ومواكبُ الشهداءِ نازفة  
  تفيضُ على الفناءِ
أنا أمةٌ شبَّت عزا  
  ئمُها فغنَّت بالعزاءِ
من قربةِ الماءِ التي  
  للآنَ تَشخبُ من دمائي
من جذعِ زيد والنحورُ  
  ترفُّ وهجاً بالعطاءِ
أبحر أيا وَجَعي ففي  
  جنبيّ أشرعتي ومائي
واحمل هوى عطشِ الطفو  
  ف وقربةً تبكي ورائي

 

 

 

 

 

 

شموخ

 

 

جئتكم حامِلاً شموخَ نهاري  
  لغتي البحرُ والمدى مشواري
علّمتني خيولُكم أطفئُ الليلَ  
  وأفتضُّ لُجَّةَ الاصرارِ
علّمتني سيوفُكم أسرج الحرفَ  
  مناراً في ضفّة الانتظارِ
وأحيلُ الجراحَ مليونَ عمّارٍ  
  فتكبو سنابكُ الأقدارِ
أنا دمدمتُ كالبراكينِ بالغيظِ  
  وقلّمتُ مخلبَ الجزّارِ
أصطلي في تخوم همّي حسيناً  
  ما تلوّى بمذبحِ الانكسارِ
نزفت خطوَتي رحيقَ امتدادي  
  فارشفي يا ملائكَ الانبهارِ
صاعدٌ من غيابة الجبِّ جنّياً  
  يناغي حرائقَ الأمطارِ
أخذت شهقتي رموشَ الرزايا  
  فاغتلت جثة الدجى بالنهارِ
أرضعت صحوةُ الفراتِ فصولي  
  من بقايا السيوفِ في ذي قار
ها أنا عائدٌ إليك فضمّيني  
  خضيباً مضرّجاً بإساري
وخذيني يانخلة العشقِ عصفوراً  
  لتخضلَّ مهجةُ الأوكارِ
أنت في لوعة الفراتينِ  
  إشراقٌ بكفّيه مزنةُ الأسرارِ
فضحتني رؤاكِ لمّا أباحت  
  مقتلي في مشاهدِ الأسفارِ
ودماءُ العراقِ في كلِّ طرسٍ  
  تتلضّى حورية الاخضرارِ
فتَعَرَّي حبيبتي آنَ أن ألقاكِ  
  عُريانةً كبوحِ الدَراري
واقطفي من توهّجي وَجَعَ الحرفِ  
  ورشّي الشموسَ في مِزماري
واحمليني إلى الطفوفِ وَلاءً  
  وانشريني على رِماحِ اقتداري
أنا للآنَ نازفٌ شمسَ روحي  
  لعراقِ السنا وزهوِ انتصاري
عدتُ رغمَ الظما ينابيعَ بوحٍ  
  فدَعي العِطرَ واشربي من نضاري
يا بلادي لا تقنطي فجلالُ  
  الصبحِ يندى من خيمةِ الكرّارِ
وبَنوكِ المدَجّجونَ وقاراً  
  هدّموا الليلَ واحتفَوا بالنهارِ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تأرجح البراعم

 

مهرجانَ الشعرِ ألهَبتَ لحوني  
  وسَكَبتَ العطرَ في النايِ الحزينِ
نحنُ ظمأى لانتفاضاتِ اللظى  
  في جحيم الحرفِ في بحرِ السكونِ
والجَليدُ المرُّ في أجفاننا  
  يحجبُ الرؤيةَ عن كلّ العيونِ
كلّما همّت خطانا صفّدَت  
  شوطَنا البرعمَ ضوضاءُ الفنونِ
أيُّ نبعٍ نستقي من فيضِهِ  
  وضَحَ الصبحِ وأنباءَ اليقينِ
نرهف الإحساس للّحنِ وفي  
  شفةِ القيثارِ آهاتُ الغصونِ
لم تزَل تغري شذانا صورٌ  
  نثرَتها الريحُ حبلى بالرنينِ

 

فهناكَ ازدحمت قافلةٌ  
  تحملُ الأثقالَ من وِزرِ السنينِ
يلهثُ القيدُ على مِعصَمِها  
  والضحى يسخرُ من مهرٍ حرونِ
وهناكَ انتفضَت إضمامةٌ  
  تتركُ الأزهارَ من غيرِ جبينِ
تحصدُ الأضواءَ تجني قوتَها  
  وهي يا لِلحظّ من غيرِ بطونِ
هكذا نحنُ فعبّد دربَنا  
  مهرجانَ الشعرِ بالضوءِ الأمينِ
إنّ حقلَ النشئ إن أرفَدتهُ  
  تحصدُ الإبداعَ من ماءٍ وطينِ
وسيمتدُّ ظلالاً وارِفاً  
  بعدَ أن يشرَبَ من شمسِ الحنينِ

 

 

 

 

 

 

هذا شوق أشرعتي

 

سكبتُ نجواكَ في قلبي وفي هدبي  
  فأشرقت كلمات الله في أدبي
وجئتُ أحملُ أوجاعي أهدهدها  
  أنا العراق وحَجّاجي يبرّح بي
صيّرتُ مقصلةَ الفادين مأذنةً  
  ليستَطيلَ نداها بالدمِ السَربِ
ولي على جاحم الرمضاءِ أفئدةٌ  
  نوازفٌ وشظايا من أبي لهبِ
للآنَ جمرةُ أحبابي تسيلُ أسىً  
  لتستحمَّ بها حمالةُ الحطبِ
صرخت بالحرف حتى ملني أدبي  
  أي المسافات أجلوها من التعب
وأي ليل طويل سوف اعبره  
  واحمل الشمس موالآ إلى العرب
محمدٌ أسرجَ البطحاء فانبجست  
  قوافل الرملِ تسقي ظامئ السحب
وما محمدُ إلّا أمة شَمختْ  
  على الخطوبِ فرفّتْ في ذُرى الشهُبِ
يُجمِّعُ الوحدَةَ الكبرى بأوردةٍ  
  تدفّقتْ بنداءِ اللهِ للعربِ
يريد أن تستقي من دجلةٍ بردى  
  وتستحم هموم النيل في حلبِ
نحن الذين كتاب الله ألهمنا  
  صلابةً ترفدُ الأجيال بالغلبِ
ما بالُها انصدعَت بالغلِّ جبهتُنا  
  وزحفنا لم يزل يمشي على العقبِ
أستغفرُ الله هل هيضَت عزائمنا  
  أم ريحُنا انصلبت في حمأةِ الهرَبِ
أم الطفوفُ استجارَت من مدامعنا  
  أم الفواطم فرَّت وهي خير سبي
فلا الفوارسُ قدْ جنّت أصائلها  
  ولا الضعائنُ قد عادَت من السلبِ
مهمّشونَ على حَبلِ الغسيلِ لُقىً  
  لكنّ آمالنا جفّت منَ الريَبِ
وحاقدينَ على شعبي يؤرقهم  
  أن يبصروا الفتحَ عن مَسراكَ لم يَغِبِ
ونابحينَ شموخَ الشمسِ ما علِموا  
  أنَّ الصباحَ انبلاجٌ منكَ في نَسَبِ
حرابُهُم في دماءِ الأهلِ والغةٌ  
  وللغزاةِ قواريرٌ من الذهَبِ
إنا حملنا همومَ الطفِّ ما انطفأت  
  فينا السيوفُ ولا نامَت من التَعَبِ
والشمسُ من وَهَجِ الأرماحِ ذاهلةٌ  
  وذا أبو حسنٍ بالجحفل اللَجِبِ
مدينة النجفِ الميمون جانبُها  
  حجّت إليكَ بآمالِ الورى النُجُبِ
وكوفةُ اللهِ قد صلَت منابرُها  
  خلفَ الوصيّ بقلبٍ غير منشَعِبِ
تفيضُ منْ حولِهِ الدنيا بزخرفِها  
  لكنّهُ لَمْ يُقِم للجاهِ والنَّشَبِ

 

يا سيّدي يا حَليفَ اللهِ أرّقَني  
  وَجْدي إليكَ فقلبي في هواكَ صَبي
تتلو على مَسمَعِ الدنيا فرائدَها  
  فيستَطيلَ هُداها فِيْ مَدى الحِقَبِ
فامطِر على الوَطَنِ المَحزونِ يا أملاً  
  أراهُ يشرِقُ بعدَ اليأسِ عَن كَثَبِ
يا مرفأَ الطف هذا شوقُ أشرعتي  
  خُذني إلى مَوجِكَ المَخضوبِ باللهَبِ
خذنِي لأزرعَ عند الحَدّ أوردَتي  
  خذني ليشرقَ في بغدادَ صوتُ نبي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

دنياك قافلتي

 

في أي شِعْبٍ تستريحُ جِمالي  
  ضيّعتُ قافلتي بربعٍ خالي
ضجَّت بأعماقي الصحارى كلّها  
  وغفا بأسماعي فحيحُ صِلالِ
ضاقَت بيَ الأرضُ البوارُ تناثَرَت  
  فوقَ الرمالِ مَهيضةً أوصالي
يا بِئرُ يا نبعَ الحنانِ أنا هنا  
  أشكو إليكَ بريبةٍ وتعالي
أمطِر سَحابَكَ في الضمير فإنني  
  طلّقتُ قافلتي وصنتُ عيالي
أشكو متاهاتي أفلُّ مَغالقي  
  وأتيه في صمتٍ كما التمثالِ
حامَت فراشاتي على وَهَجِ اللظى  
  فتساقطت بنجيعها أطفالي
من دمعتي يخضرُّ قنديلُ الرجا  
  لترفَّ في شهقاتِه آمالي
أنا شاهرٌ وَجعي فإن آزَرتَني  
  أجريتُ نبعَكَ في مسيل ظلالِ
يا أيها الآتي وفي أهدابِهِ  
  شجرُ الضحى يصحو بعمقِ جلالِ
سخّرتُ في نجواكَ ريحَ صبابتي  
  فتراقصَت حمماً على أغلالي
أنا يا عراقُ سَفَحتُ أجراسَ المنى  
  ورَسَمتُ شوقَ هواكَ في غربالي
فشَهدتُ عشقَكَ في جميعِ جوارحي  
  يشدو إليكَ فراعَني موّالي
بغدادُ لا أشكو إليكِ مواجعي  
  إني لأشكو جمرةَ العذّالِ
وطني سيكبُرُ في الضميرِ منائراً  
  وهداه أشرعتي وبحر مآلي
لا تسألي ظمأَ الفصولِ فإنما  
  دنياكِ قافلتي وحدوُ جِمالي

 

 

تأملات طفل عراقي

 

أمّاه إنّ الجوعَ أيقظَ خاطري  
  فأتيتُ أسألُ عن ضجيجِ مشاعري
ماذا أحسُّ أأمنياتٌ عذبةٌ  
  رَفَّت بأحلامِ الرغيفِ الطائرِ
أم في دمي شعَلٌ تؤججُ كاللظى  
  تقتاد من ضرمِ العنادِ الفائرِ
سَغَبٌ يضجُّ الى الرغيفِ بمهجتي  
  والقرصُ ناءٍ في خوانِ الماكرِ
وشموخُ روحي صارخٌ في ساعدي  
  هيا الى جوعِ الرصاصِ الهادرِ
أنا لا أريدُ الخبزَ يسحقُ جبهتي  
  ويدوسُ أنفي بالعطاء الصّاغرِ
خبزاً أريدُ أريدُ خبزاً طيّباً  
  ما فيهِ منّةُ حاقدٍ أو خائرِ

 

 

ولَسَوفَ أحصدُهُ بفوّهةِ القنا  
  وألمُّ سنبلَهُ بقبضةِ ثائِرِ
فالقمحُ في بلدي بيادرُ من لظى  
  تنصَبُّ في قلبِ الدخيلِ الغادرِ
وأنا العراقُ وِلدتُ في فجرِ الدِما  
  أستافُ من عطَشِ الحسينِ الزاهرِ
وسيشرقُ الصبحُ الوضيء بجبهتي  
  ويضجُّ في الدنيا أذانُ منائري

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قناديل التهاني

 

بمولدك انتفضت علــى بيانـــي  
  ففي ذكراك تزدحم المعانـــــي
ويخجل من بهائك طيف شعري  
  ويخرس في فصاحته لسانـــــي
فهل ترقى حروفٌ نازفــــــــاتٌ  
  ببابك يشرئبُ بها افتتانـــــــــي
غديرُكَ من سنا القران ينــــدى  
  ومن كفيك يجري الرافـــــــدان
فيا صوتَ النبوّة حين يتلـــــى  
  هدى الرحمنِ في سَمعِ الزمانِ
طغى ألَمي بمولدِك المرجّــــى  
  وَرَفرَفَ هادراً بالمهرجــــــــان
فيا مَن أوّل الفادين أَضـــــحَتْ  
  مَنائرُهُ جـــــــداولَ للجنــــــان
ويا صوتَ الرسالةِ حين نـادى  
  رسولُ اللهِ بالسبعِ المثانــــــــي
أعرني من جراحِك لو شواظـاً  
  أضيئُ بهِ قناديلَ التهانــــــــي
وَهَبْ قلمي بشائرَ أجتنيهــــــا  
  بيومِك مِن أزاهيرِ التدانـــــــــي
وَخُذْ حرقي بفيضِك وانتشلنـــــي  
  ففي شطّيكَ أشرعةُ الأمانــــــــي
أبا حسنٍ وبحرُ الهَمِّ يطـــــــــوي  
  تراتيلي فأغرَق في حَنانــــــــــي
فما جَدوى القصائدِ حين تهــــذي  
  سنابلُها بآهاتِ الدّخـــــــــــــــان
مرمّلة وإن سالَت رؤاهـــــــــــا  
  على واديك طيّعَة العِنـــــــــــان
وكيف يزينُها شَرَفاً وقــــــــدراً  
  بمجدِكَ وهي نافرةُ المبانــــــــي
أعِرْني مِن صَداكَ السّمحِ صوتاً  
  ليصدَحَ في هواكَ المشرِقـــــان

 

وضَمّخْ بالشذا الوَسنانِ فَجـــراً  
  تبلّجَ في مـــــــــحاريبِ الأذانِ
رَعى عَهدَ النبيّ وكانَ سيفــــاً  
  سماويّا توَهَّجَ بالتفانــــــــــــي
أبا حسنٍ وَنهْجُكَ سرمــــــــديٌّ  
  يفيضُ بشاشةً بفَمِ الزمــــــــان
أحِنُّ إليكَ عَلّ رؤى القوافـــي  
  تسيرُ إليكَ بالمُهَجِ الحِســـــان
وَليْ وَطنٌ بحبّكَ قد تغنّــــــت  
  مواجعُهُ فشبَّ عن الرّهـــــان
وإنْ ضّجّتْ معاولُه بصــدري  
  سأبنيهِ بأضلاعٍ حوانِ
فيا إشراقةَ الميلادِ صـــــــلّي  
  بحضرتِهِ وطوفي يا أمانـــــي
غداً تشدو بساحتِهِ الــــــمرايا  
  وينهضُ مِنْ تعثّرِهِ بيانـــــــي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سماوات الروح

 

حين صلَّت جراحه في المآقي  
  كبّرَ الدمعُ خاشعاً للفراقِ
يا نجيَّ الحسينِ كيفَ أناجيكَ  
  ونارُ الطفوفِ في أعماقي
أفراقٌ أم لوعةٌ واغترابٌ  
  أم حنينٌ سرى كحدوِ النياقِ
كيفَ ودّعتَنا وسافرتَ عنَا  
  كهلالٍ خبا بمهدِ المَحاقِ
نحنُ في ناظريكَ كنّا طيوفاً  
  حمَلَتنا إلى رباكَ السّواقي
أنتَ حلّقتَ في سماواتِ روحي  
  وهي ظمآى هَفَت كطيرِ التلاقي
أنا حرّيتي أكابدُ منها  
  فهيَ قَيدي لو غيَّرَت أخلاقي
كلّ حينٍ أرى العراقَ ذبيحاً  
  وعلى جبهتي دماءُ عراقي
من عليٍّ بأرضِ كوفانَ صلّى  
  بدِماه ولم أزل بشِقاقِ
كيفَ أسلو ودمعتي في المآقي  
  وتباريحُ نزفِها آماقي
فيكَ إطلالةُ الصباحِ المندّى  
  وارتعاشُ الغروبِ في أحداقي
وأنا الطائرُ المهيضُ بحزني  
  أتنزى وصائدي في التراقي
لا خلاصاً يُرجى فأحفظُ منه  
  حذرَ الموتِ فالردى في خَناقي
أنا يا أمتي عقَرتُ مشاويري  
  وأسرجتُ صَهوَتي للسباقِ
أنا من نخلةِ العراقِ شموخي  
  وشموسُ الفداءِ من أعذاقي
جذعُ زيدٍ شبّابتي ونشيدي  
  وهوى الطفِّ بيرقي وانطلاقي

 

 

 

 

 

هدير المواجع

 

قبّلتُ نَحرَكَ فاستفاقَ بـيَ الــــــظمـا  
  جُرحاً تفتّقَ في هـواك ترَنُّــمـا
يـا لوحَـةَ الـعَطَــشِ الذبـيحِ تــناغَمَــتْ  
  ألوانُها مُهَجاً فصــارَت أنجُمــا
طــافَتْ عــلى رمــحٍ تــوَثّــبَ شـــاهداً  
  عمقَ المسيرَةِ فاستحالَ لَها فَمـا
هــوَ ذا الــذي وقــفَ الخـلودُ بــبابِــه  
  وجَثا وصـلّى ركعتــينِ وَسَلّمــا
فالــطفّ أولُ شمعـَـــةٍ فـــي عـُــرسـِهِ  
  حَجّـــتْ كواكبُها إلــيهِ لِتَحلُمــا
هو ذا بــــــكفـّــيهِ الفـــراتُ حمـامـةٌ  
  نـاحَتْ مواجعُها فرَفرَفت السّما
هــو ذا عـــلى رمـــحِ الشهــادةِ رأسـُـهُ  
  نادتهُ ملحمةُ الهدى فتكَلّـــــــما
هو كلــــما فــَـزّتْ حرائـــــقُ صـــبرِهِ  
  نشرَ الطفوفَ بيارقاً وتقدّمــــا
تفديــهِ أنفـاسُ الحـــــيارى مُـذْ بَكَـــتْ  
  عينُ الطريقِ شَكَتْ إليهِ تظلّما
والآنَ تسألـُـــه الــمـــــواســمُ عــنْ دَمٍ  
  جلّتْ مناقبُه فعــــــــادَ تكرّمــــا
هـــوَ كــلّما شَبّتْ خطـــاهُ توهّـــــجَـتْ  
  عيناهُ في قدسِ الحروفِ فأحرَما
ولذاكَ قـالَ لــها: اشــهَدي فــتوحّـــدَتْ  
  غُرَراً وكانتْ للمعالي سُلّمــــــــا
أهدتـهُ قـارعــةُ الخـــطوبِ هديرَهـــا  
  فأضاءَ حينَ رَأى الزمانَ تعتّمـا
للآنَ تــحملُـــهُ الشــعوبُ مشـــــاعِلاً  
  فجراً توضّأَ بالطفوفِ فأسلَـــما
قدْ صارَ شمساً لــلعقــيدةِ مُــذْ جـَرى  
  شوقَ الغديرِ بهِ فعانقَ زمزَمـــا
مُــذْ قــامَ يومَ الطـفّ قــامـــتْ أمّةٌ  
  أرسَتْ دَعائمَها على حَرّ الظمــا

 

من يومِ سرّكَ ما احتكَمْتَ إلى الظما  
  واليومَ يشربُني الفراتُ لأكتُـمـا
نجواكَ قلـبي حيـنَ يعصـرُهُ الأســــى  
  فيقيم منْ وَلَهٍ لجرحِك مأتمــــــا
فَجّرتَ ينــبوعَ الخــلاصِ بأضلعــــي  
  وَجَعلتَــهُ نَهْجــــاً تعانقُهُ السّــما
وَطـني سَيكبُرُ فــي عيونـِـكَ ســـيّدي  
  فارأفْ بهِ قدْ رامَ وصلَكَ وانتَمى
هـذي القوافـــلُ ما تهجّـدَ شــوقـُـها  
  حزناً ولكنْ غيثَ نزفِكَ قد هَمــى

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

نبض القصيدة

 

 

نميرُكَ العذبُ روّى فجرَ موهبتي  
  فما تنفّستُ إلا كنتَ في رئتي
عاهَدتني منذُ فَزَّ النبعُ في ضفتي  
  وقد وجَدتُكَ مسكوناً بجمجمتي
كأنني في مرايا الشعرِ منهمرٌ  
  سحابةً أمطرَتها ريحُ تجربتي
نَبضُ القصيدةِ يسري في دمي شعلاً  
  فيغتلي في عروقي تيهُ اشرعتي
حسبي منَ الشعرِ أنّاتٌ أمَوسقُها  
  فأستريح وبعضُ الشعرِ مسغبتي
محلّقاً في فضاءاتٍ ملبّدَةٍ  
  طيراً قوادمُهُ آهاتُ مئذنتي
أنا المسافرُ في أشواقِ أغنيتي  
  همّي حروفي وَبَوحِي فيكَ مَوجِدَتي
يا بُرقُعاويُّ والذّكرى تؤرّقُني  
  والأمنياتُ تَهاويلٌ بمَقبَرَتي
ما جئتُ أرثيكَ صَوتُ الحَقِّ يُقلقُني  
  وَقَد قرَأتُكَ قدّاساً بصَومَعَتي
وا حَسْرَتي والنّدامى يَشرَبونَ دَمي  
  كَأنما الكأسَ سَكرى مِلءَ أفئدَتي
نجيُّكَ الآنَ يَستَسقيكَ منْ ظمإٍ  
  فاسكُبْ صَلاتَكَ في مِحْرابِ أخيِلَتي
ما للقَصائِدِ وَلْهى لا تكّلّمُني  
  عَنِ الحقيقةِ في مَحّارِ أسئِلَتي
مِنْ فَرْطِ ما أبحَرَتْ روحِي بغَيمَتِها  
  أودَعتُها في شراييني وأخيِلَتي
أنا المُعَتَّقُ منذُ البدءِ تجربَتي  
  وَحْيٌ وتلكَ نبوءاتي وَمَحرَقَتي
علَّمتَني الأحرُفَ الأولى فما نَطَقَتْ  
  روحي سِوى جمركَ المخضوبِ فيْ لُغَتي
ليْ فيْ مَراياكَ نارُ الشّعرِ لاهِبَةٌ  
  فامطِرْ لَهيبَكَ سِجّيلاً بمحْبَرَتي
غداً تَفيضُ سَماواتٌ وَأوديَةٌ  
  وَيَصرَخُ الطفُّ في مِعْراجِ تضحِيَتي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هديل الشعر

 

في تكريم الأستاذ الدكتور زهير غازي زاهد، ألقيت في اتحاد الأدباء فرع النجف الأشرف.

 

نوافيرُ شعري حَفنةٌ مِنْ عُذابِه  
  وشوقُ مسافاتي حنينُ اغترابِه
تهيمُ بهِ ريحُ الظنونِ وَتحتفي  
  بهِ خَلَجاتُ الروحِ رُغمَ ارتيابِه
يوزّعُ للأجيالِ مِنْ نارِ وَجدِهِ  
  قناديلَ أحلامٍ ترامَتْ ببابِه
فلا روضةٌ للحرفِ إلّا تنفّسَتْ  
  معانيه واستمرَت ضروعَ سحابِه
يهشُّ نعيمَ المكرماتِ تزلّفاً  
  إلى اللهِ ينأى عنْ مخالبِ غابِه
تفرّدَ في مِزمارهِ البوحُ مُذْ هَفَتْ  
  روائعُهُ غَنَّتْ شموسُ غيابِه
قرأناهُ مُذْ كُنا صغاراً وهذه  
  عنادلُهُ حنّتْ لدَوحِ انتسابِه
تجَذّرَ فينا والمريدونَ حُوّمٌ  
  بلألائِهِ يرجونَ فَجرَ انسكابِه
على كاهلَيهِ تستريحُ قوافلٌ  
  منَ الهَمّ ضَجّتْ في متونِ خِطابِه
سألناهُ والمَنفى براكينُ فِتنةٍ  
  يسنبلُها سِحْراً بعشقِ جوابِه
و(عبقرُ) تزجيهِ القوافي نديةً  
  وتخشاهُ إن جُنّتْ حروفُ اكتئابِه
رؤاه الأقاحي نازفاتٌ صروفُها  
  وشمسُ عراقِ اللهِ نفحُ إهابِه
سَما ظامِئا والبحرُ يَندى بكفّهِ  
  ويوسفُ والرؤيا رَحيقُ مصابِه
يفتّقُ في منفاهُ أقفالَ غَيبةٍ  
  ليعبقَ بالأبصارِ روحُ ثيابِه
ترقرَقَ حتى أصبَحَ الماءُ بعضَه  
  وسالَ فأضحى أنهراً بانسيابِه

 

 

يبلُّ صداهُ جمرَةَ العشقِ إن مَشى  
  وتستنطقُ الآمالُ ريحَ لبابِه
فما لهديلِ الشعرِ إلاهُ يُجتلى  
  وقدْ رَفرَفَتْ روحي بعودِ ثقابِه

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مهرجان الزكي

 

مهرجانَ الزكيّ هــــــذي خُطانا  
  بـكَ ضَجَّت تعانقُ المهرجانا
اتعبتها الدروبُ حتى إذا ما  
  مُلِئ الأفقُ عِثيَراً ودُخانـــــــا
نظرَتْ حـولها فلَمْ تـَـــــــرَ إلّا  
  نُظُماً ترهقُ الحياةَ هَـــــوانا
ما لَنا لا نرى الصباحَ وفــــــــي  
  أعماقِنا الشمسُ تستحِمُّ عَيانــا
لـــيسَ يَهدي نفوسَنا غيرُ نَهجٍ  
  نقتفي فــــــــي طريقِهِ القرآنا
إنّ فـــــي منهجِ الرسالةِ نورٌ  
  يفرشُ الدربَ للسّــرى رَيحانا
وبآي القرآنِ قوة حكمٍ  
  تتركُ الظالمَ العنيدَ جَبانا
وعـلـــى الكادحينَ تجري نعيـــماً  
  وارفَ الظلّ يقتلُ الحِرمــــانا
لــــــــو سلَكْنا طــــريقه لانتفضنا  
  نزرع الشمس صارماً وسنانا
غير أنـــــــا على ضفافِ الينابيع  
  هرعنا إلى السراب افتتانا
وتركنا روح الهداية فينـــــــــــــا  
  والتفتنا نعانق الشيطانـــــــــــا
مــــــــوكب النور أيّ بشرىً أطلَّتْ  
  تملا الكون يقظةً وأمــــــــانا
أشرقت يثرب بنور ولـــــــــــيد  
  طاب نفسا كريمـــــــة وجنانا
فالنبي المختار يلقمه الـــــــوحي  
  فيجري بـــه الــهدى جريانــا
وعليٌ يبثّ فيهِ المروءات  
  فيجلوه للدنــــى انسانــــــــــــا
والبتول الزهراء بنت الرسالات  
  تغذي عروقــــه إيمانــــــــــــا

 

 

فاذا بالوليد جاء إلى الكـون  
  وفــــــــي صدره يضم الزمانا
ينشر العدل فـــي الحياة ويدعو  
  لطريق السما بــــــــــان نتدانى
لو مشينا عــــلــى تعاليمه الغر  
  لــما عاثرٌ خطــــــــــى أضنانا
ووصلنا إلى النجوم فرفت  
  فــي يدينا حتى الصخور حنانا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يا سيد المتوهجين

 

ألقيت في الحفل الاستذكاري للقاص الروائي مكي زبيبة المقام في اتحاد أدباء النجف.

 

هلْ في هديرِك للعراقِ بَيانُ  
  يسقي النفوسَ فتولد الغُدرانُ
يا واهبَ المترهّبينَ بحزنِهِم  
  شوقَ الفصولِ هَفا لكَ الوجدانُ
محرابُكَ الفنُّ المدلّهُ كالضحى  
  في العِشقِ حيثُ تسافرُ الأذهانُ
أشجاكَ في كوخِ التبتلِ بلبلٌ  
  للصحوِ ليسَ كمثلِهِ ألحانُ
يشدو فتجتمعُ المواسمُ كلّها  
  يومَ الغديرِ فتنطق الكثبانُ
وتفيضُ في وهجِ التوسّلِ قصةٌ  
  علويةٌ غنّت لَها الأزمانُ
يا ناسجاً وَجَعَ الحروفِ سفينةً  
  للشعبِ حينَ يحدّهُ الطوفانُ
جزِعاً سعيتَ لكي ترمّمَ صدعَنا  
  من غيّها تتهدمُ الجدرانُ
ماذا ترمم والصروح ذبيحة  
  كلّ الجهات كأنها قربانُ
ركضت بها روح الجهاد مريرة  
  للبذل كيف يسودها الخذلانُ
وعلى مشارفنا النبيّة عربدت  
  ريحُ السّموم فصدّها الإيمانُ
وطنٌ توضّأ بالطفوف فأعشبت  
  راياته فاستحكم القرآنُ
أنبيكَ ما عادَ الربيع كما ترى  
  يزهو ومشرعة لك الشطآنُ
ولطالما غمزتكَ أصنام التقى  
  في غيّها وتعملقَ الشيطانُ
ولطالما ناغيت قصّكَ صاغراً  
  كيما أجيد فأجفلَ التبيانُ
مولايَ عفوكَ أن أبثَّ لواعجي  
  حزناً فكيفَ تسوسنا الغربانُ
فأنا المسمّر في حرائق غربتي  
  وأنا المسيح ومحنتي الأوطانُ
ناداكَ من تحتِ الرميمِ نشيجُنا  
  فهفا إليكَ الصبرُ والسلوانُ
يا سيد المتوهجين كرامة  
  أطلق نداكَ فكلَنا آذانُ
فعلى الثغور جحافل ثوريةٌ  
  في زحفها يتناسلُ البركانُ
وأنا هنا بين الفوارسِ أمتطي  
  شعري وسيفي كلمة ولسانُ
أأبا الربيع وأنتَ زهوُ قصيدتي  
  أحدو بها والملتقى الميدانُ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

خرائط التجلي

 

يا شارعنا النائمَ في أحداق الظلمة

بحّ الديكُ ولم تفتح جفنا

وسريرُ العزلة تأكله الأرضة

والشمسُ تَزاوَرُ عن كهف الصبية

وشموعُ مرافئنا ذابت

وصواري العودة مخذولة

يا طارقُ لا تبحرْ في الموتى

سفنُ المنفى لا تحترقُ

صدأ العزمُ على سيفي

وتناسلَ فيه الغسقُ

رقدَ الفارسُ في أعماقي

وخريطةُ صوتي مشطوبة

أقدام الريح الغربية

ما زالت تمشي

تحفرُ وجهي

تتركني أطلالاً

لا يبكيها النفط

صارت كلماتي طاووساً

منتوفَ الريش على جرحي..!!

 

***

 

نبوءة

يا جيفارا

هذي الأجراس المخضوبة

في أنفاس الصحراء

يبكي فيها نوح

ينذر عن كارثة الطوفان

لكنّ الآذان المعروضة

في أسواق النفط

أدمتها كفُّ النّخاس..!

 

***

 

 

 

 

بغداد

 

من دماء الرمل

أسرجت خطاها

وجمعت العطرَ من شطآن صحوي

فاستفاقت مقلتاها ويداها

سعفات ضمّختها بالصهيلِ

فتمطّت في ضفاف السيف

تهتزّ مآذن

رقصت في ألف ليلة

زرعت من شعرها الأرضَ مناجلْ

تحصدُ السحبَ كؤوساً للخليفة

فمسافاتي وأشواقُ سنيني

موجةٌ تغمرُ نهدَيها شموعا…!

 

***

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بحث أيوب

 

(1)

فتّشتُ في دفتريَ القديمْ

فتشتُ في دفتريَ الجديدْ

فتشتُ في معاطِفِ القتلى

وفي أحذيةِ الغزاة

عن إسميَ الضائعِ

بين أحرفِ الرماد

فلم أجدْ غيرَ قتامِ الصورةِ البلهاءْ

في مفازةِ السطورْ

 

(2)

ركضتُ في عالميَ القديم

ركضت في عالميَ الجديد

ركضت حتى ركضَ الطريق

 

 

نحوَ نقطةِ الأزلْ

ولمْ يزلْ أيّوبُ خارجَ المدينةِ المقدّسة

زوجته تبيعُ شعرَها

لتجلبَ الرغيف

يمسّه الضرّ.. فما مسَّ الثرى

لينبعَ الفراتُ

من تزاوجِ الفصول..!

 

***

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تجلي

 

كنت في خلوتي نازفاً

أتفصّد عري الفصول

والمدى نخب صوتي

مرقعتي من خيوط الحضور

وإذا مسني فزع

أتجمّع أطوي البراري

داخلاً حضرتي

هائماً بالوصول

(2)

كنت في دهشتي

أقرئُ البحرَ سري

ويقرؤني سرّه

نتجاذب بالصحو

تأتي إلينا الحقيقة

تلقي مفاتيحها وتولّي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

توما خباز

 

إلى الصديق تومان غازي.

(1)

حين جاؤوا به

وألقوه في إتونه

تحولت أحزانه إلى مرايا

صارت أوجاعه خبزاً

ومن يومها

لم تفارقه جنية الشعر

تأتيه بأسرار الحروف

يضاجعها

على سرر من الوهم

وبقايا حكمةٍ

تعيره مساقط ألوانها

ثم تفرّ مذعورة

صوب أعشاشها

 

(2)

قال جار له:

كما الحائط ينشق بيني وبينه

أبصرته في فضاءات مجنّحة

أو مجرات أخر

يدحو برقائقه

فينهمر غمامة

تبلل المكان

ويسقط نجمة

قال جاره الآخر:

رأيت نخلة داره

تحنو عليه .. يعانقها

قيلَ قد تزوجها

فأنجبت له شيطانه الأصغر

يطير بجناحين.. يهشّ بهما البحر

فتنفلق لآلئ مشحونة بعبيرها

تراوده من نفسها.. فتضجّ السواحل

وتعول الحقول..!

 

 

 

 

شموخ

 

قيلت في ليلة جرح الإمام علي عليه السلام.

 

تجاوزت حدّ الليل صبحاً تخضّبا  
  وأطعمت شوق الجمر قلباً تلهبا
تجاوزت أحزان العصور فما درت  
  بأنك نبع الشمس أفقاً وملعبا
وأنك غذّيت المسافات شوقَها  
  وأنهلتها ماء الحياة لتشربا
أعرني ولو من فيض جرحك قطرة  
  أبل مسافاتي إذا الكون أجدبا

 

 

 

 

 

 

 

فارس الحق

 

القيت في الاحتفال الكبير في تكريم الأستاذ الدكتور محمد حسين الصغير على قاعة جامعة الكوفة.

 

كيف تأسو ومن هواكَ جراحي  
  يا رسولاً آياته أفراحي
أتملاك كوكبا يتشظى  
  من تباريح عتمتي وانقداحي
أنت بصرتني وكنت بصيرا  
  حين غص الهجير في مصباحي
إن سعت أحرفي إليك اشتياقاً  
  فلأني وجدت أفقك ساحي
أسبغُ الأمنياتِ جمرَ حنيني  
  لأغنيك من رماد اجتياحي
غير أني وخنجرُ الليل يهمي  
  في ضلوعي أقمت عرس صباحي
فاذا جئت نازفا فخذوني  
  أتهجّى تاريخكم بنواحي
واهباً ما استطعت نور عيوني  
  سالكا ما احتويت غير جناحي
سيد البحر في مراسيك قلبي  
  ظامئاً من فتون موجي وراحي
ربما يقلق العباب هديري  
  ويضج النفير في ألواحي
أقسمَ المجدُ لو أشرت إليه  
  لتهاوى على خطاك الضاحي
فارس الحقّ أقفرت ساحة المجد  
  وضج الميدان بالنبّاح
والطغاة الذين سدّوا مسيل الشمس  
  غامت هاماتهم بالرياح
هجر الصقر وكنه فاستطالت  
  صيحة يحسبونها للطماح
وطنَ الواهبين إنك أقوى  
  من رياح التهجين والأتراح
سوف تبقى لنا وإن عربدَ الليل  
  وجُنّت مخالب السفّاح

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

جمرة الأحباب

 

إلى الصديق الشاعر الشيخ عبدالله الخاقاني.

 

تطاردني القصيدة

تقتفي وجعي

تسافر بي غرابتها

وتمنحني التوهُّجَ

وردةَ ماءً

تسلَّلُ في شرايني

وتُشُعلُ بي مهَابتُها

وُتوقظُ

جمرةَ الأحباب

يحاصرني هواها

إنني البدويَّ

سُدت دونهُ

الأبواب

إنا وضَّاحُ

يا بلقيسُ

قلبي هُدهُدٌ مَلتَّاع

أجيئُك حاملاً وجَعَي

وروحي عَرشُكِ

الخلاب

وفي كفيَّ تنتحبُ الأغاني

اشرأب بها

إلى شجني

إلى ريحانةٍ في الروحِ

إلى مزموره المخبوءِ في رئتي

افٍّجرُ شهوةَ الإنشاد

إلى هذا الغريبِ

الطَّاعنِ القسمان

إلى فجر القصيدةِ

حين تَشْرُبني مرارتُها

أجيئ إليهِ

أحِمل ما تبقى

من تراتيلي

وأشعلُ شمعةَ الميلاد….!

 

 

عزف قافيتي

 

الى روح الأستاذ الدكتور حيدر عبد الزهرة الخزاعي الذي رحل عنا وخلف لوعة في قلوب محبيه.

 

تتوهّجُ الأضواءُ في دمِهِ
شعراً فيوقظ شمسَ أغنيتي
يَرقى النهارَ وفي محابرِهِ
نزفُ العراقِ وَيُتمُ مئذنتي
يدعونَني فيصير أشرعَةً
نهراً يفجّرُ بي هوى لغتي
أنا مِنْ تمرّدِهِ قَطفتُ غَدي
صَوتي وآلامي ومسرَجَتي
أنا مِنْ مَرارتِهِ التي ارتشفتْ
صبرَ الجياعِ وزهوَ مِقصلَتي
دربُ الكفاحِ بنزفِهِ ارتسمَتْ
وَعلى مشارِفِهِ أرى جهَتي

 

وَيذودُ جيشَ الليلِ عنْ وطنٍ
تقوى مساربُهُ على سِمَتي
وأصيحُ والأقدارُ تُسمِعُني
لحنَ الحنينِ يشقُّ مقبرَتي
هذا الغريبُ بحزنِهِ اختلَجَتْ
روحُ الديارِ فنامَ في دِعَةِ

***

يا هدأة الماضين مشرعةٌ
أبوابُها للقادمِ التفتي
ضمّيه للمعنى شواردُه
نبضُ الفصولِ وصحوُ قافلَتي
آتٍ إليك وهَمّهُ نزِقاً
وَهديرُهُ إعصارُ مَلحَمَتي
حَمَلَ العراقَ بصبرِهِ شَرفاً
ونزيفُهُ للآنَ مِنْ رِئَتي
يا جرحُ يا بَحراً أُشاطِرُهُ
همَّ العبابِ وطيشَ أشرعَتي

 

 

فأنا هُنا يَستافُني جَزَعيْ
فأذوبُ والآهاتُ قبّرتي
***

 

فغداً أُعيرُ الريحَ أجنحَتي
وأطاولُ الدنيا بمعجزتي
آتٍ إلى نجَفِ أقبّلُها
لتشقَّ صَخرَ المَوتِ أوردَتي
وعزيفُ حَرفي في المدى حِمَماً
يُردي الطغاةَ بعزفِ قافيَتي
***

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

نبي الشعر

 

ألقيت في أربعينية الشاعر عبد الحسين حمد الكعبي في اتحاد أدباء النجف.

 

أرى شجر الكلام به تسامى  
  وفي محراب لوعته أقاما
نبيٌّ مذ ترجَّلَت القوافي  
  إلى لقياه فافترَشَ الغماما
وأتباعٌ لهُ في الشدوِ ذابوا  
  أباريقاً وما سكروا احتشاما
يهشّ إلى عراقِ الصبرِ قلباً  
  ويوسعهُ ليدَّخرَ اليتامى
ونحن العاشقونَ وقد أقمنا  
  له صرحاً بأفئدة الخزامى
يفيض لخولة الأطلال برقاً  
  ويعصر روح دالية القدامى
توهَّجَ في غريّ الشعرِ حتى  
  حسبت الشعر قام به إماما
له خيل الحروف مجنَّحات  
  يسوسُ صهيلَها هاماً فهاما
فتأتيه القوافي صاغراتٍ  
  على مَضَضٍ فيمنحَها السلاما
تبوّأ فجرَ غربته وأرخى  
  عنانَ الشعرِ وامتشّقَ الكلاما
يفضُّ بكارةَ الكلمات شوقاً  
  ويلقحُها ملاحِمَهُ الجِساما
سقى وجَعَ الطفوفِ فسالَ نهراً  
  كأنَّ العلقميَّ بهِ ترامى
أعادَ إلى القصيدةِ كربلاها  
  وكانت قبلُ شاهدةً حطاما
هوَ الشفَقُ المهيبُ وفي يديهِ  
  حروفُ اللهِ مشرقة وِئاما
هنا صَلّت لهُ الأنهارُ عِشقاً  
  ربيعُ الشعرِ طافَ به احتداما
تناغيهُ المواسمُ مذ تجلّت  
  خيولُ الرفضِ كانَ لها زِماما

 

ستذكرهُ السواترُ وحيَ نصرٍ  
  توعّدَ فجرُ أحرفِهِ الظلاما
أراهُ الآنَ للوطنِ المفدّى  
  يحشدُ كبرَه عاماً فعاما
لهُ الراياتُ تقتحمُ المنايا  
  يزفّ رفيفُها نصراً تسامى
فيا وطناً تغارُ الشمسُ منهُ  
  وتسجدُ عندَ عتبتِهِ هياما

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

رفض وإباء

 

أهيمُ في طفِّكَ المذبوحِ أبتهلُ  
  قيامة في لهيب الجرح أغتسلُ
أهيم تمشي بي الأقدار جامحة  
  أقدامها ويمور الصبر والوجل
من أنت يا واهب الأجيال يقظتها  
  دع السؤال بجفن الغيب يكتحل
من أنت تزدحم الأسرار في رئتي  
  برقاً ويحملنا في جنحه أمل
هذا هديركَ ما زلنا نبايعه  
  نمضي إليك ودمع العشق ينهمل
نمضي إليك ونستمري مصارعنا  
  حبّاً ويورق من آهاتنا الغزل
مزّق عرينك ملّتنا صوارمنا  
  فالجرح يخفي مآسينا ويندمل
هذي الطواغيت لا تصغي لأنتنا  
  ونحن في كل درب بيننا هبل
إنهض فديتك هذا الجيل منتظر  
  وفي لقاكَ إلى فردوسه عجل
خذني إليك شغاف القلب أعصره  
  شعراً لتمطر في صحرائي القبل
خذني بأغنيتي الحرّى أرددها  
  رغم الطواغيت هذا البدر يكتمل
يا مولد النور والذكرى على وتري  
  لحناً يموج بأعماقي وينشتلُ
مواسمُ الخلدِ في كفّيك باسقة  
  فابسط جناحيك واعبق أيها الخضلُ
من الجنوبِ إلى الحدباءِ صولتُنا  
  موتي فقد كبّرَ الكرارُ يا جملُ
هذا الحسين بنا تجري مروءته  
  نوراً ويخضلّ من أقدامِنا الأجَلُ
نحنُ الموالونَ جرحُ الأرض ملعبُنا  
  والتضحياتُ بنا للآنَ تشتعلُ

 

قامَتْ قياماتُ هذا الشعبِ وامتزَجَتْ  
  دماؤنا وتناخى الهورُ والجَبَلُ
يا أنتَ يا ألَقَ التاريخ كم سَمقَتْ  
  على يديكَ شعوبٌ واستَقَتْ دوَلُ
وفوقَ هذي الذرى تنداحُ صَرخَتُنا  
  يا مولدَ النورِ إنا فيكَ نحتفلُ
أنا المضرّجُ صوتُ اللهِ مِئذَنَتي  
  والغاضريّةُ في ذكراكَ تبتهلُ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

حمامة الغيث

 

تنفسَ الحرفُ مشدوهاً على وتَري  
  وطافَ يَندى مناراتٍ من الصوَرِ
ورفَّ طيفُ يمامٍ في تألّقه  
  كخافق سكبَ النجوى لمحتَضِرِ
وعادَ ولهانَ يستقصي جَزالتَهُ  
  ويحضنُ الأفقَ مَشبوباً على الأثَرِ
فترتَمي شَهقاتٌ من رَهافتهِ  
  تفضُّ أجراسَها في قلبِ مدّكِرِ
وتُستَطارُ همومٌ من مَعاقِلِها  
  وتحصب الليلَ عن أحداقِ معتَمِرِ
ويا لِداتي قطفتُ القلبَ قافيةً  
  وجئتُكُم نازفاً تقتادُني وُزري
وَلي دَمٌ أشرَقت بالصبحِ نبرتُهُ  
  وفاضَ طوفانُه الأبهى على جُزري

 

 

وَلي مواسمُ أحزانٍ أفتّقُها  
  فتشرئبّ سَراياها لِمصطبِرِ
ولِي هوى لَمْ تفارقهُ مَحَجّتُهُ  
  شبَّ الولاءُ بهِ وَشماً منَ الصّغَرِ
يبَرعِمُ الذكواتِ البيضَ يحملُها  
  مروءَةً رَضَعَتْ منْ وَمضِهِ العَطِرِ
فكلُّ شهقةِ رَملٍ تزدَهي شرَفاً  
  رفيفَ قلبٍ بحبلِ اللهِ مؤتزِرِ
تمرَّغتْ وَلَهاً روحي برَوضَتِها  
  حتى كأنَّ الجنانَ الخضرَ بالحُفَرِ
وَيا مواسمَ آهاتٍ نرَتلُها  
  فينانةً رَقَصَتْ في مُلتقى الغُرَرِ
وَيا أميراً على النجوى يهَدْهِدُها  
  بثاقبٍ منهُ مَجبولاً على الغِيرِ
ويا كريماً على الأنفاسِ يرفدُها  
  حمامةُ الغيثِ فيْ كفّيهِ لَمْ تَطرِ

 

 

ويا مَلاذاً على الفصْحى يُفجّرُها  
  قوافلِاً نزفَتْ في رِحلةِ الشرَرِ
وَيا ذرى النهجِ ضمّيني لِبارقةٍ  
  تبسَّمَ الحرفُ فيها جدُّ مَبتكَرِ
ومنْ شذا حيدَرٍ لوْ تمطُري نبأً  
  لأورقَ الفتحُ جَيّاشاً مِن العِبَرِ
وأينَعَتْ كلماتُ اللهِ باسِقةً  
  يتلو الشموخُ بها ترتيلَةَ القدَرِ
نحنُ الذينَ كتابُ الله ألهَمَنا  
  صلابةً ترفدُ الأجيالَ بالظفَرِ
إذا غضِبنا تهزّ الكونَ صرختنا  
  وترجفُ الأرضُ بالراياتِ والسُمُرِ
ويا لداتيَ عفواً إن طغى ألمِي  
  وضجّتُ الأحرفً الصفراءُ في أطري
فلستُ أوّل منْ هيضَت قوادِمُهُ  
  وظلَّ يخفقُ مذبوحاً على الوَترِ
ولستُ أول مَقتولٍ لقاتلهِ  
  يحنو ويحْملُ شكواهُ كمعتذرِ

 

 

 

ويا عراقَ إباءٍ لا نساومُهُ  
  حتى وإنْ جنّت الأصقاعُ بالخَطرِ
إنا حمَلنا همومَ الطفِّ ما انطفأتْ  
  فينا السيوفُ ولا نامَتْ منَ الخوَرِ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

في حضرة ثورة العشرين

 

القيت في مهرجان ثورة العشرين السنوي الذي اشرف عليه الدكتور الحقوقي سالم عبد الحسين الظالمي.

 

هُمُ أيقظوا جمرَ الفداءِ وحلّقوا  
  براكين عزمٍ بالشهادةِ أشرقوا
أفاضوا إلى العشرينِ نزفَ قلوبهم  
  وذابوا حناناً كالفراتِ ترقرقوا
أضاؤوا عراقاً مذ تجلّت نحورُهُمْ  
  لكي يورقوا في كلّ شِعبٍ تفتّقوا
نبيّينَ مرّوا كالنسائِمِ منْ هنا  
  ولكَن على الباغي أمَرّ وأحْنقُ
من القهرِ جاؤوا يحملونَ هديرَهم  
  أعادوا ربيعَ التضحياتِ تخندقوا
سمَوا في ضفافِ الرافدينِ منائراً  
  وساروا شموساً بالعراقِ تألقوا
إلى الذكواتِ البيضِ شدّوا طماحَهُم  
  لأرضِ عليٍ بايعوها وصَدّقوا
أرى وطنَ الأمجادِ عانقَ خطوَهم  
  على ساحةِ الجلّى نوارسَ تخفقُ
سواتر نيرانٍ رَبَوا في إتونِها  
  كما تصهلُ الراياتُ للزحفِ صَفّقوا
روافدُ غنّتْ من رفيفِ قلوبهِم  
  وساروا بدربِ العادياتِ تمنطقوا
على صَهَواتِ المجدِ هامَت نفوسُهُم  
  محاريبَ مجدٍ مُذ عليها تشرْنقوا
واسطورةٌ للزحفِ والبذلِ والندى  
  ألِفنا معانيها شذى كانَ يعبقُ
هناكَ بيومِ النصرِ جنتْ خيولُهُم  
  تنادي فيا قلبَ الردى كيفَ تخفقُ
مضوا حامِلي حبّ العراقِ تلطفاً  
  فما راعَهُم رغمَ المعاناتِ مُحنِقُ
كراديسُ للجلّى مَشوا في غِمارِها  
  بها بايَعوا صبرَ العراقِ وصدّقوا
نوابغ فكرٍ أرّقوا غيمةَ الدجى  
  وقدْ ضمّهم شعبٌ وبالفجرِ حدَّقوا
غداً يسألُ التاريخُ عنهم مَواقفاً  
  تناخَوا عليها أرشفوها وَوَثّقوا

 

 

 

سماء المعالي

 

بين جفنيك تستفيق فلاتي  
  يا عروساً صلّت لها مرآتي
فيك من نسمةِ الربيعِ افترارٌ  
  ومن الشمسِ بعثها للحياة
فيك إطلالة الصباحَ المندّى  
  واحتشاد الغروبِ للصلوات
فانثري الخيرَ في دروبِ الصبايا  
  وازرعي النورَ في قلوبِ الهداة
أنت تعطينَ ما يحقّق ذاتي  
  جمرةَ الحقِ في هشيمِ السّبات
غيرَ أني على صراطِكِ أرقى  
  من جنونٍ أوحَت بهِ نفثاتي
فامنحيني أنا المهيضُ جناحاً  
  هدّني الشوطُ أنكرتني لِداتي
فاذا عربدَ الهَجيرُ بكأسي  
  حطّميهِ فقدْ ملَلتُ سقاتي
سالكٌ في هواكِ أشعلُ غيمي  
  لأصدَّ السرابَ عن خلَواتي
نازفٌ ما ادّخرتُ غيرَ عيوني  
  ظامئٌ والفصولُ نبعُ دواتي
هل أغنّيكِ يا سماءَ صلاتي  
  بحنيني ومزهَري ولَهاتي
أنتِ غرسُ الحنانِ يمرعُ بالحبّ  
  غصوناً تفيضُ بالطيبات
فاحمليني على جناحِكِ رِمساً  
  وأعيدي تسَنبلي وَثباتي
واجعليها حضارةً تتحَدّى  
  سُدُفَ الليلِ واحتدامَ الطغاةِ
في عراقٍ هبَّت نسائمُ مجدٍ  
  من ثراهُ تماوَجَتْ بالهداة
نطلعُ الفجرَ من عذابِ بلادي  
  ونُحيلُ الدموعَ سقيَ حَياة

 

 

 

شهب المعاني

 

 

أسرجْتُ طيفكَ في بَياني
يا نازِفاً شهبَ المَعاني
رؤياكَ تورقُ في الضميرِ
كأنها شجر الأماني
وخطاك رافد أمةٍ
تندى فيندى الرافدان
يا قابضاً جمر السؤال
ومن توهّجه رواني
وجعي يسافر في هواكَ
فتشرئبّ له الحواني

 

 

 

أهوى الصعود إلى علاك
فهل يحلّق بي دخاني
مرقاكَ في فلكٍ يدور
فيصطفيك الفرقدان
وأراك تعتصر النجوم
وضوء فكرك مهرجاني
وأحسّ صوتك في دمي
نهراً يهرول في كياني..!

***

 

 

 

 

 

 

 

فاجعة القصيدة

 

رثائية الأخ والصديق الشاعر محمد حسين غيبي ألقيت في المكتبة الأدبية المختصة والاتحاد.

 

تهب الربيع ومن عطائك يبدعُ  
  تشدو فينكرك الخريف وتوسعُ
شرف الغري وما أعزّكَ صادِحاً  
  غرداً وينتفضُ النبوغُ ويُمرِعُ
هذي الحروفُ براحَتَيكَ توهَّجَتْ  
  والشعر في وقد التجلّي يسطَعُ
أرنو أهيم على ضفافك نجمةً  
  ويضجّ صوتُكَ في الضميرِ وَيُسْمَعُ
وألم فاجعة القصيدة أبحراً  
  من جانحيك لها الخيال يُوَقَّعُ
ألقاكَ في فجرِ الشهادةِ نازفاً  
  وجعَ الطفوف وعَبرة تتمنَّعُ
وأغط في حبر الحقيقةِ رِيشَتي  
  وتراً بأجراسِ الحنين يُرَجَّعُ
كتبي وأبهى ما تضمُّ فرائِداً  
  من ناظرَيكَ بها الفؤادُ مولَّعُ
رمحٌ عراقيٌ يفيضُ بشاشَةً  
  وعلى جَلالةِ رِمسِهِ يَتَرَبَّعُ
بيني وبينك يا ابن غيبي حسرة  
  بشذى الولاية جمرها يتضوّعُ
أمضي أرجّعُ في سمائكَ صرختي  
  وأهيبُ بالماضي الشريد فيرجعُ
وتموج كل رزية في خاطري  
  شجنا يشاطرني هواك فأفجع
وتجيل طرفك باحثا عن هاجس  
  يهفو فيضطرب المساء ويسجعُ
وتمور في موجِ البراعةِ واهباً  
  قلباً يضجُّ به العراق ويقرعُ
أنا ما أزال ربابةً مبحوحةً  
  بفم الرياح ومهجة تتقطّعُ
ألقي عصاي وفي الدياجي زورقي  
  ينشقّ في لجج الضياعِ ويقلعُ
من فيض جرحك من مرارة موطني  
  يتوهَّجُ الألمُ النبيّ ويصدعُ
ويهرول التاريخ باسمِكَ شاخصاً  
  لم تلتفت زمر ويومض إصبعُ
أنا والغري وعاشقاكَ سماحة  
  أفضت معانيها وصمتك أرفعُ
السامقونَ على جنازة كبرهم  
  رسموا العراق على الصراط وودّعوا
العابقون وما تلفّتت الربى  
  يوماً ولا حنّت اليهم أربع
وأرى سنابك حرفهم مخضوبة  
  بشذا الولاء وما احتوتهم أذرعُ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

جمر النعي

 

 

 

أنا أرثيكَ لَوْ رَثيْتُ بَياني  
  كيفَ تُرثى وَأنتَ في وِجداني
أيّها الكَوكبُ المُدِلُّ على النّبعِ  
  وَعَيناهُ نجمةٌ منْ حَنانِ
يا بقايا الضلوعِ كيفَ أناجيك  
  وجمرُ النّعيِ في آذاني
منعتني عن اللقاء همومٌ  
  نازلتني في حمأة الطوفانِ
أتلَقّاكَ والدموعُ حيارى  
  سَقطَتْ في منابِتِ الرّيحانِ
يا مَهيبَ الطلوعِ شمسُكَ أقوى  
  مِنْ حروفٍ تبَعثرَت بلِساني
عابرٌ تحرثُ المَسافاتِ أوجاعي  
  وَفي القبرِ وردةٌ من جمانِ
يولَدُ العطرُ في النفوسِ ويَبقى  
  ألَقاً في مَراشفِ الشطآنِ
يا سَليلَ الجهادِ كلُّ المتاريسِ  
  تنادي مروءَة الشجعانِ
وأبو “الجَونِ” ما يزالُ رَهيناً  
  في قيودٍ وحشيّةِ الإذعانِ
يا عراق الإباء حسبك مما  
  نجتنيهِ براءةَ السّجّانِ
شبلَ تشرين أثقلَتنا المنايا  
  وَعلى الدَربِ صولةُ الشبّانِ
بورِكَ الخَطبُ حينَ يبقى رَسولاً  
  يستفزُّ الطغاةَ فيْ كلِّ آنِ
أبداً تبدأ الحياةُ وَفجرُ اللهِ  
  يَقوى عَلى الظلامِ الفاني
نازِفاً في مَحابرِ الضوءِ أحزاني  
  نشيداً لنبضيَ الحَرّانِ

 

 

ما تبَقى مِن مُهجتي يتحدّى  
  وَعلى النجمِ مَضرَبي وحِصاني
ومهيبٌ إذا توَهّجَ شعبي  
  وَمخيفٌ إذا التظَتْ نيراني

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

موج ذكراك في فمي

 

 

أسمّيكَ بحراً مَوجُ ذِكراكَ في فَمي  
  إذن فلتغنّي في مَراسيكَ أنجمي
أيا حَسَن العيسى ظمِئتَ ولَمْ تزلْ  
  تروّي بساتيني وتزهِرُ في دَمي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

متى ألقاك

 

في ذكرى الشيخ العلامة محمد جعفر الكرباسي.

 

محمد يا أخا الجلى سلاماً  
  على قبر توضّأ بالسحاب
ويا شمس الغري وفي هواها  
  مضرّجة أماني الخوابي
وقفت بباب جرحك مستفيضاً  
  فضجّ الشعر محتشداً ببابي
بكيت وفي المدامع من لظاه  
  قناديل وروحي في انسكاب
يطارحني هواكَ فأجتليه  
  على لقيا فيمنعني سرابي
كأنك طالع من كل قبر  
  نوافيراً تحج بلا إياب
متى ألقاك يا زمن الصعاب  
  عراقك يستحيل إلى تراب
خدين الذكر يا نهراً تهادى  
  يحثّ خطاه كالخيل العراب
ويا قيثارة بالشدو ناحت  
  أساجلها على وتر العتاب
أحن إليك علّ رؤى القوافي  
  تسيل عليك بالمهج العِذابِ
فما تجدي القوافي نازفات  
  إذا صبت على البيض الصِلابِ
مروءتك السماحة مذ تجلّت  
  معانيها طلعتَ بلا حِجابِ
رأيتك في القلوبِ سنا وعطراً  
  ومبخرة تئن إلى الملابِ
حملت الطفّ في كفيك نهجاً  
  وسرت مع الحسين على اقتراب
أيا وجعَ الطفوف ولا أغالي  
  ويا صبرَ الحسين ولا أحابي

 

 

عبرت وفي جراحك ألف شمسٍ  
  منورة تفيض على العبابِ
فلا أرثيكَ يا أملاً تولّى  
  مصابك بالعلا يبقى مصابي
فقدتكَ يا كبيرُ وكانَ حلماً  
  بأن ألقاكَ يا زهرَ الرّوابي
ترافقني طيوفك حيثُ أمضي  
  ويصرخُ في دمي شجَرُ اغترابي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بشائر النصر

 

يــــــا مــهــبـطَ الــوحيِ ماتَ الشعرُ والنغمُ والنغمُ  
  ولمْ تعدْ فـــــي لهاتي ترقصُ الكلمُ
أهيبُ بالــوجـــعِ المشبوبِ قـــافــيــةً  
  حروفها الكبريـــــاءُ المرّ والضرمُ
أهزُّ نخلةَ روحـــي أستهلُّ بــــهــا  
  بسالةً فيموج العطرُ والألم
محمد فــــــي غدير العشق ممتشق  
  آياته مـــــا يشاء الله يختتم
ووثبة من علـــي المجد جامـحـــة  
  فيها الوصي فما شطت بــــــــه قدم
سموت بــالكلمـــــات الـــطهر انثرهــــا  
  ورداً كما تعبق الآمال اضطرم
لـــموقف العـــز ارخصنا جــمـــــاجمنــا  
  ان لا نعود وفـــــــــي أوطاننا صنم
يا موكب النور والذكرى علـــــــى وترِ وتري  
  أنشودة فـــــــــي فم الأبطال ترتسم
عد يا (وصي) المعاني وابتني وطــننــا  
  إلى الجياع فقد ضاقت بها الأمم
طوفان نـــــــــوح عراها وهي مشرعة  
  إلى الخروج وقد عاثت بها الرخم
يا مهبط الـــــوحي حدثنا بما سمقت  
  مـــن المروءات حــيث استحكم القلم
ومبلغ فــــي هدير الحق صرخــتــــنـا  
  ما زال قرائننا بالـــــنور يــــبــتـسـم
هذي الفتوحات مــــــــن كفيك مشرقة  
  يا موكب النور لبــى سيلها الـعــــرم
ونازف مــــــــن رحيق الهور سحنته  
  وعــامــل كده الإخلاص والـسـقـــم
لبــو فما ارتــعشــت للموت جبهتهــم  
  ولا تخاذل رغــــم الــجـوع زحفهــــم
قــل للذين أقاموا الــــــدين مغنمـــــة  
  واستنزفوا الشعـب خذلانا أما تخموا

 

الشاربون دماء الشعب فــــــــي نهمٍ  
  والعاكــفــون فــــلا نجوى ولا قـيــم
نـحن الذين أضأنا درب خيبتهــــــــم  
  لو لا دمانا وصوت الشعب ما حكموا
غداً إذا عربدَ الطوفانُ فـــــــي بلدي  
  وقـــــام قــائـمــه قــل كـيـف يـنهزم
هذا العراقُ وفي الجلى طلائعـــــــــه  
  تبرعم الــنـصـر أيــمــانــاً وتعتصــم

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

رفيف الإمامة

 

للفكرِ ميدانٌ إليكَ ومنبرُ  
  وأنا بطهرِكَ أستفيضُ وأبحرُ
وأنا أطيرُ إليكَ قلباً والهاً  
  يتهجدُ الذكرى وروحاً تنشرُ
آتٍ على وجعي نزيفَ قصيدةٍ  
  بزَغَت ورؤياها إليكَ يعبّرُ
أيقظتَ كلَّ خليةٍ في خافقي  
  عطشَ الغمامِ وبحر جودِكَ يزخرُ
ووجدت خطوي نحوَ نبعِكَ صادياً  
  فوجدتني ألقا بأفقِك يُقمرُ
يسري بخارطتي رفيفُ إمامةٍ  
  وشذاك ينشرُ فرحتي ويعطّرُ
أنا من سمائك أمطرَتني وحشتي  
  للفدي كبشاً حينَ بيتُك ينذرُ
هذا أنا أعلنتُ فيكَ ولايتي  
  حبلُ المشيمةِ عن غرامِك يُخبرُ
وحملتُ معراجَ الولايةِ صادحاً  
  أهفو ويشهقُ بي فضاكَ ويُسفرُ
هذا أنا أطفأتُ ريحَ غِوايتي  
  وأتيتُ والذكرى حنينٌ يؤثرُ
وغمامةُ التأريخِ تجلسُ يقظتي  
  في عرشِ ذاكرتي تروقُ وتعبرُ
وسوانحُ الميلادِ ما نطقَ الضحى  
  في حجرِ فاطمةٍ يموجُ الكوثرُ
والكعبةُ الزهراءُ طافَ بها الهوى  
  وإذا الملائكُ حولها تستبشرُ
بشراك واهتزَّ البشيرُ لفاطمٍ  
  في كلمةٍ وانزاحَ عنها المعسرُ
رقصَت لها البشرى وكان مخاضُها  
  وهجاً بهِ تحيا النفوس وتفطرُ
سأفضّ أجراسَ الحياة فيا ذرى  
  ميديْ فذا جبلُ الإمامةِ يَهدُرُ
وتلطّفي عطر السماء محمد  
  يرقي له والمرتضى يتفكرُ
وإذا المواسمُ يستفيقُ حجيجُها  
  عِبرا فتنتفضُ العصورُ وتصهرُ
وأنا بحمأتِها شواهدُ أمةٍ  
  نسَجَ الزكيّ طريقها فاستعبروا
وتباركَ الملكوتُ يزهو شادناً  
  ولمثلهِ يندى الصباحُ ويُزهرُ
شجرُ النبوةِ أفرعَت أغصانهُ  
  فإذا الإمامةُ بحرُها يتموّرُ
تلقاهُ مبتهجاً يهشُّ كرامةٌ  
  فكأنّ حيدرة بهِ يتمحورُ
هذا أمينُ الراهبين بصدرهِ  
  حَملَ السماءَ وما يزال يكبّرُ
مولايَ غصّت بي مخالبُ محنتي  
  وأنا العراقُ بجرحِ صبرِكَ يفطرُ
سمقتْ بي الذكرى ومن شرفاتها  
  ناغيتُ مهدَك والصدى يتعثرُ

 

 

ضجّتْ بنا سوحُ الجهادِ ولمْ تزلْ  
  أسيافنا فوقَ الردى تتكسّرُ
وجحافلٌ شمختْ وتلكَ حشودُها  
  وكأنّ حيدرَةً بها يتأمرُ
زحفتْ وباسمِ الله قالَ صراطُها  
  للزاحفينَ إلى الشهادةِ، إعبروا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يا كاظم الغيظ

 

آتٍ إليك وفي دمائي غصّةٌ  
  أحبو بها فلعلّ جودَك يعذرُ
أطفأتُ تاريخي المشوّهَ رافضاً  
  صوتي ويحملُني إليكَ الجوهرُ
وتمرّدي يمضي لأفقِكَ صاغراً  
  وخطايَ تحملُ لوعَتي وتكبّرُ
أرجو الشفاعةَ أستميحُكَ مَوئِلاً  
  نبعاً يموجُ ومنْ عطائِكَ ينشرُ
هذا نداءُ الوالهينَ مروءةً  
  منْ فيضِ جرحِكَ يشرقونَ فيمطرُ
وتركتُ أدراني وَما عبَثَ الهوى  
  في الضفتينِ وما احتوانَي مَعبرُ
وحملتُ نبضَكَ في العروقِ رسالةً  
  أشدو بها فاذا المواسمُ تزهرُ
يا آيةَ الهادين عانقتِ السّما  
  روحُ النبوّةِ ماؤها والكَوثرُ
لنْ يطفئوكَ فأنتَ نورُ محمدٍ  
  يَضرى على وَجَعِ العصورِ ويهدُرُ
موسى بنُ جعفرَ بابُ كلِّ حوائجٍ  
  للسائلينَ وذاكَ سرٌ أخضرُ
ما زالَ صوتُ اللهِ يشرقُ في دَمي  
  ينسلُّ منْ شجَرِ الولاءِ ويثمِرُ
وأنا ببابِكَ أستهِلُّ قصيدَتي  
  ونداكَ مِسْكُ رفيفِها والعَنبرُ
وعلى مشارِفِكَ النبيةِ هرولَتْ  
  كلماتيَ الخجلى بمجدِكَ تفخَرُ
وإلى ضريحِكَ تشرئبُ قلوبُنا  
  تخضرُّ مِنْ شفَقِ الضلوعِ وتُبحِرُ
يا كاظمَ الغيظِ استبَدَّ بيَ النوى  
  وإلى مَقامِكَ كيفَ يَرقى المُعسِرُ
أضناهُ في ليلِ الفجائعِ شادنٌ  
  أوحى لهُ الذكرى فعادَ يصبّرُ

 

وكأنهُ في الحزنِ يوسفُ مُذْ هوى  
  في السّجنِ كانَ لهُ المقامُ الأكبَرُ
يا غضبةَ الفادينَ هدّمتِ الدجى  
  مُذ لاحَ فجرُ اللهِ وهوَ يزمجِرُ
هذا عراقكَ يا ابنَ جعفرَ لمْ يزلْ  
  يخضلُّ في وجعِ الطفوفِ وينحر

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الرسول الشاعر

 

إلى الشاعر ضرغام البرقعاوي.

 

في مراياكَ تستحمّ المشاعِرْ  
  مثلما يشحذُ البصيرةَ ساحِرْ
قدْ عَهِدْناكَ للقصيدةِ نَبْضاً  
  فأعِرْها مِنْ خافقّيكَ الخَواطِرْ
أنتَ مِنْ بَوحِها قطفتَ التجلّي  
  وَتوَحّدْتَ بالحروفِ البَواكِرْ
فارتمَتْ مُهجةُ البحورِ بكَفيكَ  
  وَماجَتْ أعماقُها بالزّواخِرْ
وتهادى الخيالُ يا شعرُ كَبّرْ  
  واسرجِ الروحَ للرّسولِ الشاعِرْ

 

 

 

 

يا حبيباً لَوْ تستفيق الضمائِرْ  
  لعَرجْنا إلى النجومِ الزواهِرْ
وحَمَلنا همومَنا وانتفضْنا  
  نزرَعُ الشمسَ في غضونِ الدياجرْ
ونصلّي لكلِّ فجرٍ جديدٍ  
  رَسَمَتهُ قيودُنا بالمآثِرْ
ونشدُّ الخطى إلى الضفةِ الأخرى  
  علوّاً على الجراحِ نُكابِرْ
كَمْ تسامَتْ بنا ملاعبُ عزٍ  
  فطلَعنا كَما الكَميّ الظافِرْ
وَصَمَدْنا وَفي القلوبِ المدمّاةِ  
  نشيدٌ منَ السّنا والمقابرْ

 

 

 

 

 

 

 

 

ندم

 

 

مَرّ الخريفُ على جَفني فأرقَني  
  فباتَ في مَدمَعي يستافُ أنخابي
فَرَشتُ قلبي لهُ كيما أطارحَهُ  
  ودّيْ فظلَّ بزهوِ الروحِ حطّابي
يا ليتَني لَمْ أشاطِرْهُ غِوايتَهُ  
  وَلَمْ أكنْ مُشرِعاً للحبِّ أبوابي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

جنون

 

 

طافَ الحنينُ على أعشاشِ غُربتِها  
  فرَفرَفَ العمرُ طيراً في رَوابيها
واخضلَّ غصنُ الهدى يَروي حِكايتَها  
  وَيقطفُ العطرَ منْ أفواهِ ماضيها
كأنّها درّةُ الغوّاصِ راوَدَها  
  شوقُ البحارِ فجُنّتْ فيْ سَواقيها

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

عراق القوافي

 

مِنْ دموعي ومِنْ هجيرِ اغترابي  
  أوقدِ الشعرَ جمرةً في إهابي
أتهجّاكَ يا عراقُ ومِنْ عينيكَ  
  أستافُ لوعَتي واضطرابي
موقنٌ في هواكَ يا أيها الشادنُ  
  عفواً إنْ غَصّ بي تطرابي
أتملّاكَ أنجماً شفّها البُعدُ  
  فضجّتْ هيمانةً بالصّحابِ
أيها الكوكبُ المدِلّ سلاماً  
  مِن جنوبِ الندى ونخلِ التصابي
أنتَ بَصّرتني وَكنتُ سَبياً  
  حينما عَربَدَ الدجى في طِلابي
سيدَ الحرفِ والشواظِ المعنّى  
  يا صَفياً نجواهُ في مِحرابي
عُدْ إلينا أبحِرْ سفينكَ شوقاً  
  وانتشِلنا منْ لُجّةِ التصخابِ
يا بّهيّ الطلوعِ للآنَ أصغي  
  لكَ فارحَمْ توهّجي وانسِكابي
وَهَوَتْ أحرفي فهيّجَ ما بي  
  حينَ رفتْ تهيمُ في أعتابي
أيّهذا الشذى المسافرُ بالروحِ  
  تريّثْ ما همّنا في العِتابِ
موطنُ الآلِ كَمْ بكيتَ حسيناً  
  وتفجّعْتَ موقِنا بالمصابِ
كلّ بيتٍ كتبتهُ لكَ يَبقى  
  مثلَ صَرحٍ مَضَمّخٍ بالثوابِ
بورِكَ الحرفُ صادقاً مطمئناً  
  يتحدّى بفكرةٍ وانتسابِ
أعطِني مِنْ شواظِ نزفِكَ جُرحاً  
  لأضمَّ الشهيدَ في أهْدابي
يا أبا الأحرفِ الوِضاءِ إذا ناديتَ  
  قلبي سَعى بغيرِ حِجابِ

 

 

أتشظّى وفِي دمائي نجمٌ  
  أقتفيهِ فيْ عُتمتي وَغيابي
فهواكَ الذبيحُ آيةُ حبّي  
  أتملّى سطورَهُ كالكِتابِ
أنا دَربي مَواجدٌ مِنْ حَنينٍ  
  وَهوى ناقتي عراقُ مَتابي
أيها الماردُ الحزينُ تصَبّرْ  
  واحتمِلني إذا جَهلتُ خِطابي
أنا شوقاً قصيدتي أجتليها  
  وعَلى اللهِ أجرُها واحتسابي
جنةُ الخلدِ تصطَفي مؤمِنيها  
  وَنداها شمائلٌ مِنْ رُضابِ
هكذا تغتلي الشموسُ وَيندى  
  في مَساراتِها شموخُ شبابي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لوعة الذكرى

 

مرثية إلى أخي كاظم الذي رحلَ بلا وداع وخلّف لوعةً في القلب.

 

أحاورُهُ وأغرقُ في حدادِ  
  أيا شمساً تنفسُ في مِدادي
وأسألُ عن رؤاه وَفي عيوني  
  هوَ النهران يرفلُ بالسّوادِ
مجنحةً خوافيهِ الأماني  
  تطوفُ بنا على حَسَكِ القتادِ
ونفزعُ والحروفُ هجيرَ شوقٍ  
  ترمّلَ في مآذنها مُرادي
وهاجَتْ لوعةُ الذكرى لَهيباً  
  عزفتُ لهُ بأضلاعي الصَوادي
مَضى صافي الطويّةِ مطمئِناً  
  وفي عَينيهِ مشرقةٌ بلادي

 

حسينيّ الهوى عَفّ الأيادي  
  سماحتُهُ المروءةُ للعبادِ
هُنا صَلّتْ قوافيه الحَزانى  
  هنا خفقتْ على دربِ الجهادِ
أيا ظمأَ الحروفِ أفِضْ علينا  
  ربيعَكَ وازدهِرْ في كلّ وادي
ونَمْ واهنأ فزادُكَ خيرُ زادٍ  
  هيَ التقوى ظهيرُكَ في المَعادِ
حملتَ رسالةَ التوحيدِ حرّاً  
  ولَمْ تحفَلْ بأسواقِ المزادِ
نقيّا كالصباحِ عُلا ومَجداً  
  وتضرى في مواقفِكَ الشِدادِ
طلعتَ وفي عيونِكَ حبُّ طه  
  وأهليهِ وحسبُكَ منْ عمادِ
رسولَ الفكرِ عفوَكَ إنْ ترامَتْ  
  حروفي فهيَ تغرقُ في حِدادِ

 

 

 

 

بلسم

 

إلى الأستاذ الدكتور مصطفى جمال الدين، شاعرا وشعبا قبل التحدي من اجل عراق ابهى.

 

يا بلسمَ الروحِ يا قلباً يُناغيلي  
  لمَستُ جمرَك يضرى في قناديلي
فرَفرَفتْ مُهجةٌ حَرّى تساءلُني  
  عمّا يجيشُ بها والدمعُ يحكي لي
ذابتْ على ضفةِ الهجرانِ غيمتُها  
  ولمْ تزلْ وهيَ حُبلى بالمجاهيل
أودعتُها العمرَ فانثالت على وَتري  
  قصيدةً من رفيفِ الجمرِ توحي لي
وجئتُ والذكواتُ البيضُ في رئتي  
  كما تنفّسَ صبحٌ بالعناديلِ

 

 

يا سيدي يا نبيَّ الشعرِ معذرةً  
  أشكو إليكَ فقد غَصّت مواويلي
هواجسُ الرفضِ أمواجٌ تؤرّقني  
  وأنتَ بحّارُها الحاني على الجيلِ
مذ كنتَ لي وطناً أهفو لِغضبتِهِ  
  ومِن سمائِك آلائي وَترتيلي
يا واهبَ الشعرِ مِن نجواهُ أخيلة  
  حملتُها وهي طفلٌ في الجناجيل
موسقتُ أسماءَ جرحي فالتظتْ حمماً  
  في راحتيكَ فكانَ الشعرُ إزميلي
صفّدتُ أجراسَ حزني نازفاً وَجَعي  
  على الضفافِ فيا بغدادُ غني لي
أسرى دَمي في مَهَبِّ الحرفِ فامتزجت  
  فامتزجت شموسُهَ في تسابيحي وإنجيلي
لا تسألوا هدأةَ السمّارِ عنْ وطني  
  ضاعَتْ محاريبُهُ في كفّ ضِلّيلِ
قدست يومك مزهوّاً أطوف به  
  والأمنيات حيارى في أناميلي
ما أرخص العمر إن لم نبنه وطناً  
  إلى الجياع بأكتافِ المثاكيلِ
قد كنت يا سيدي بين المواويل  
  لحناً يتيماً تراءى في تهاويلي
ما زلت يا وطني عشقي وأغنيتي  
  وكرنفال شموخي رغم تكبيلي
سفحت عمرىَ أشواقي ومجمرتي  
  حتى ألاقيكَ في أبهى التفاصيل
نثرت في دربك المشبوب قافيتي  
  فأورقت وردة من وحي تأويلي
يا موطني قد سرت روحي إليك سما  
  وأنت فوق شغاف القلب إكليلي
غداً سينتفض الطوفان في بلدي  
  وتستجيب إلى الفتوى أبابيلي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بكاء الكرم

 

أمدّ للقدرِ المحتومِ أشرعَتي  
  والموتُ ما زالَ وَشماً في مآزرِهِ
وأحملُ الوطنَ الأسمى بأمتعتي  
  مسافرٌ أرّقَ الدنيا بحاضرِهِ
ألقي عصايَ وموجُ البحرِ قارعتي  
  ظمآنَ أستافُ عمري منْ دياجرِهِ
وخيبةُ البحرِ في أفنانِ غربتِهِ  
  شعبٌ تناسلَ في شطآنِ جازرِهِ
واللّاهثونَ وراءَ الغيبِ ما وَصَلوا  
  والأمنياتُ ركامٌ في معابرِهِ
تنفسَتْ رئةُ السّمارِ عنْ وجَعٍ  
  والكرمُ ما زالَ يبكي عندَ عاصرِهِ
سمَوتُ والذكرياتُ البيضُ قاحلة  
  والأمنياتُ سرابٌ في محابرِهِ

 

أجيلُ طرفيَ والآتي يؤرقُني  
  ويحطبُ العمرَ في أسمارِ غابرِهِ
أهزُّ للوطنِ المذبوحِ قافيتي  
  فيستحيل ربيعاً في أزاهرِهِ
صلّيتُ شعراً، رفيفُ القلبِ مجمرتي  
  والعشقُ طالَ رفيفاً من مشاعرِهِ
أمدُّ للفجرِ آمالي فيمحقُني  
  ليلٌ تفتقَ في محرابِ ناظرِهِ
على السواترِ يمّمنا عقيدتنا  
  لكي نطاولَ جيلاً في مآثرِهِ
وقدْ تلفتَ حرفٌ في دمي شعلاً  
  فاضَتْ رؤايَ دثاراً في هواجرِهِ
ألملِمُ الوجَعَ الغافي بأوردتي  
  وأستفيقُ وآهي منْ بواترِهِ

 

 

 

 

 

 

القارب المرجى

 

دَعي جمري يشاطرُني إهابي  
  ورفّي في مواويلي الرِّطابِ
أدقُّ حروفَ أخيلَتي نشيداً  
  وأبحرُ في شرايينِ اليبابِ
أنا التاريخُ يا شجَرَ المآسي  
  وتشهقُ كلُّ سنبلةٍ ببابي
أفُضُّ قصيدتي وجعاً نبياً  
  توهجَ في معابرِهِ ترابي
ونبضُ الأرضِ أشرعتي الحيارى  
  على ظمَئي تبشرُ بالسحابِ
ولِي تشرينُ قاربيَ المرجّى  
  وصوتُ دمي تمخضَ بالعبابِ
ويا آهات أرصفةِ التجلّي  
  أعيدي صرخَتي وصدى ربابي
عراقيّ وشمسُ اللهِ تدري  
  أصارعُ بالحنينِ وحوشَ غابي
عراقيٌّ أنا وَثرى بلادي  
  سيعرفني إذا جُنّتْ حِرابي
خذي جمري بكفكِ واحمليني  
  على وجعي ألفتُ بكِ انتسابي
أتيتُ وكانت الصحراءُ بيتي  
  وحلمُ أبي يرفرفُ في الغياب
سنابكُ محنتي تطأُ المنايا  
  غداةَ يشبُّ آتون الحسابِ
أعودُ إليك يا وجعَ التشظي  
  رؤى شعبٍ توهّجَ بالعَذابِ
أتيتك ما حملتُ إليك حزني  
  وإنْ نهشت جراحي ألف ناب
إذاً مدّي رفيفك واطمئني  
  بشير هواك يعبق في الروابي
تحدي بي لقد أدمنت موتي  
  هنا ونزيفك العاتي خضابي

 

ألفت قصيدتي نهراً تجلى  
  على حَزَن يراوغ كالسراب
ولم أهدأ وجرحيَ أريحىٌ  
  يساءلني فأغرق في جوابي
وينتفخ الطغاة غداة شعبي  
  ينازلهم بقارعة الحساب
أمد إليك يا بغداد صوتي  
  فيرهقني نشيجك في خطابي
أنا نجف البراءة والتحدي  
  عرين محبة وليوث غاب
هرقتُ محابري وجعاً ندياً  
  ولمْ أيأس وقد صلبت رغابي
أبيٌّ في سراج الموت موتي  
  ومغتبطٌ بكأس الصبر صابي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قافلة الإصرار

 

رقصَتْ همومُ الحرفِ في مزماري  
  فتنهدَتْ عطراً شموسُ بذاري
فألفتها والليلُ يغوي جبهتي  
  والعمرُ قافلةٌ من الإصرارِ
رَفتْ سنابلُها بموجِ محبّتي  
  وتوهّجَتْ عِشقاً نذورُ قراري
سبحانَ شوقُكِ مُذْ تفتحتِ الربى  
  وسعى إليكِ القلبُ كالأطيارِ
مُدّيْ شموسَكِ في المغيبِ وطاوِلي  
  شمسَ النهارِ بسحرِكِ الجبارِ
فردوسيَ الأسنى وبوحُ مرارَتي  
  ورحيقُ زقزَقتي على السّمارِ
غنّي على غصنِ الهوى وترنّمي  
  في القلبِ يا أرجوحَةَ الأسرارِ
أأغيبُ عن شاطي لُماكِ وأنثني  
  حيناً فيدفعُني إليكِ إساري
وأطلّ من شباكِ غيبِكِ نحلةً  
  عَطشى ترومُ مراشفَ الأزهارِ
في غيمةٍ تحنو فيورقُ لحنُها  
  في مسمَعَيك كما النسيمِ الساري
حاولتُ أن أرقى إليك قصيدةً  
  ترنو فيحملها عبيرُ نثاري
وتملمَلَ الشباكُ يعرفُ لوعَتي  
  نحوَ الوصولِ إلى أريكة جاري
لمْ تبلغِ البرحاءُ شوقَ قصائدي  
  فعطفتها حطباً بقلبِ النارِ
وقرعتُ أجراسَ الحنينِ مسافراً  
  وجلوتُ عن روحي هشيمَ دِثاري
وَطني المكابرُ كانَ بوحَ شمائِلي  
  وشموخَ قافلتي بلا استكبارِ
تاريخيَ الأسمى وخفقَ بيارِقي  
  ونزيفَ شعبي في ذرى الإعصارِ
مدّي غصونكِ في المغيبِ كواكباً  
  وتلفتي فالشمسُ بعضُ نهاري
يا حلوتي مَرّ الخريفُ ولَمْ أزلْ  
  أتلو ربيعَكِ في هجيرِ قفاري
فتموج اسراري وتخضرُّ المُنى  
  عبق الدروبِ كنفحةِ الأزهارِ
أنا ما عتبتُ وفي دِمائي غصّةٌ  
  في جمرِها الغافي بَسَطتُ إزاري
حسناءُ طالَ الانتظارُ ورَفرَفتْ  
  ريحُ الفراقِ بجرفيَ المنهارِ
عوديْ لقدْ سَكَنَ الفراتُ وأغلقتْ  
  كلُّ الدروبِ وغادَرَتْ أطياري
حلمُ الطفولةِ ما يزالُ ربابةً  
  وسنانةً تختالُ في أشعاري
وبنو أبيك على الطوى أسماؤهم  
  والحكمُ لا للهِ للدولارِ
هشّوا إليك المبتغى وتراكَضوا  
  نحوَ الغنيمةِ يا لذلِّ العارِ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يا رسول

 

 

لا تسافر رفيفك المأمول
خفقة في ضفافِنا وهطولُ
لا تهاجرْ لا السرابُ في الضفةِ الأخرى
تناءى ولا استطالَ الهديلُ
صرختي لمْ أزلْ عن الفقدِ أُخفيها
وحزني عليكَ همٌ ثقيلُ
نهَضَ الموتُ مستهاماً لملقاكَ
أميناً على النفوسِ الرحيلُ
أنا آتٍ إليكَ بالومضةِ الزهراءِ
بالشعرِ والندى إكليلُ
بيننا ملعبٌ إلى الطفّ ملهوفٌ
وشوقٌ ووثبةٌ وصهيلُ

 

مزقِ القبرَ فالطريقُ إلى مثواكَ
وعدٌ نحوَ الغريّ يميلُ
ببقايا دَمي سأكسِرُ عنكَ القيدَ
يا فجرُ فالدجى مشلولُ
بيننا غابةٌ من الهَمِّ نطويها
وشعبٌ من العذابِ جميلُ
وهوى عارمٌ يفتقّ هذا الليلَ
فجراً على الصراطِ يسيلُ
سيفك المستريحُ في غمدِ أوجاعي
شواظٌ من العتابِ طويلُ
يا صديقي والشعرُ وقدُ بهاءٍ
مفصحٍ من جراحِنا ورسولُ
لو غمزت النخيلَ في بيتِ شعرٍ
لاستطالتْ على الغرامِ النخيلُ
وأنا في عبابِ بحرِك أنثالُ
خيالاً تذوبُ فيه الفصولُ
بأمانٍ تهتزّ منهنّ روحي
فوقَ هذا المدى بجرحي تجولُ

 

طاهرَ القلبِ كالرساليّ ذكراكَ
تجلّى وزادُهُ التأويلُ
نحنُ إضمامةُ التقى للغدِ المنشودِ
نهرٌ على اليبابِ يصولُ
ما انحنينا والسوطُ يدمي مآقينا
وفي الغيبِ حلمُنا مقتولُ
لا تسَلني عنِ العراقِ فشعبي
مِزقٌ من جراحِنا وفلولُ
أنكرتْ وعدَها البغاة ولكنْ
في الحنايا تفجّرَ الإزميلُ
تتعاوى على الكرى أعينُ الليلِ
فيخضرّ بالضحى القنديلُ
لمْ أودّعْك، سامَرَ الدمعُ عيني
ففؤادي على الوداعِ خجولُ
في مراياكَ كانَ قلبي صَفيّاً
تزدَهي غيمَتي بهِ وتسيلُ
تضحكُ الأمنياتُ فيهِ فيهفو
والفراديسُ نبضُهُ والسهولُ

 

وكأنا مِنْ عالمِ الغيبِ جئنا
ما ضننّا نفنى وتبقى الوحولُ
لا تغادرْ، ما زلتَ فينا رَسولاً
وستبقى عَرّابَنا يا رسولُ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

عاصفة اليقين

 

حيّاهُمُ المجدُ فاختاروهُ وانطلقوا  
  بالمكرماتِ وفجر راحَ يأتلقُ
حياهُمُ وشواظُ الموتِ بارقة  
  من الدماءِ على أثوابهِمْ عَلَقُ
مَرّوا على جاحِمِ الرمضاءِ يا قدَراً  
  صخورُهُ في شغافِ البذلِ قد نطقوا
وأنكَرَ الفارسُ الميمونُ صهوتهُ  
  وَظلَّ فوق الذرى الحمراءِ يستبقُ
ينازعُ الليلَ في أشواطِ عزتهِ  
  على العطاءِ فرانَ الشعرُ والشفقُ
لمْ تختلجْ في حياضِ الجمرِ صرختهُ  
  على التلالِ ولا في سهلِهِ حَنقُ
يعانقُ الجنةَ الخضراءَ في دمِهِ  
  وذا الفقارِ ويدري منْ سيحترِقُ
ناديتهُ وعزيفُ الروحِ أجنحةٌ  
  للرفضِ ما مَسّها باغٍ ومختلقُ
تضرى على جرحِهِ النغارِ عاصفةٌ  
  منَ اليقينِ وجرحٌ باتَ يندلِقُ
بنفحةِ الحبّ آزرْنا مواجعَنا  
  منَ الغزاةِ وصبرُ اللهِ مؤتلِقُ
مُرُّ الهجيرِ شربْنا كأسَ لوعتِهِ  
  فاسّاقطَ الوجعُ المشبوبُ يغتبقُ
يا كبرياءَ سنيّ القحطِ في بلدي  
  ويا صروفَ المعالي كلّهمْ نفقوا
ما عادَ للوطنِ المذبوحِ في رئتي  
  صبحٌ تنفسَ فيه العطرُ والعَبَقُ
نامَتْ مواويلُ أعلامي منكّسَةً  
  تتلو الهجيرَ فلا نبعٌ ولا حَبَقُ
يرفُّ في ضفةِ التاريخِ موعدُنا  
  ويعتلي صَهَواتِ الغيمةِ الشبَقُ
صارَ الصقيعُ إماماً في مسيرتِنا  
  والنفطُ صارَ أميراً وهوَ يحترِقُ

 

 

من أينَ تبدأ يا طوفانُ محتدماً  
  حرائقُ الحلكِ الباغي ستنطلقُ
قصيدةً في سماءِ الجرحِ صامدة  
  وينتشي العمرُ والطوفانُ ينغلقُ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

عصف من حنين

 

إلى حبيبتي هناء سنبلة المواسم وعبير المحبة.

 

عيونُكِ رَفّتْ في شغافِ شموعي  
  فلا تنكري بَوحي وعطرَ هجوعي
تساميتُ أن أهديكِ جمرَ قصائدي  
  وأهمي على ذكراكِ غيمَ سطوعي
وأنسلّ عطشاناً أبلّ مشاعري  
  وأشتلُ في نهرِ الهجيرِ ضلوعي
وجدتُكِ يا حسناءُ شوقَ مآذني  
  وتسبيحَ آمالي وخفقَ ربيعي
فلا تنكريني يا محارةَ أبحري  
  لقد يبسَتْ روحي وجنّ صقيعي
توهمتُ أن أزجي إليكِ سَفائني  
  لتبحرَ في عصفِ الحنينِ قلوعي

 

 

سلامك.. ما عادتْ حقولُ مودّتي  
  وما سَمقتْ في راحتيكِ زروعي
أعضُّ على صبري همومَ نواجذي  
  وأقطفُ عمراً ما اصطفاهُ خشوعي
ملبّدةٌ هذي الدروبُ فلا أرى  
  بها شمسَ تشرينٍ تضيءُ رجوعي
وأغفو على نزفي صلاةً مريرَةً  
  وأحملُ زادَ الصبرِ فهوَ شفيعي
خذينيَ ما عادَتْ إليّ بقيةٌ  
  أرتلُها في حالكاتِ ربوعي
غفا في سَمائي كلُّ نجمِ أزاهري  
  وعُمّدت النجوى بنهرِ دموعي
غداً نلتقي عندَ الصراطِ فما دَرى  
  شفيعُك عندَ المعبرينِ شفيعي

 

 

 

 

 

شـــرف التراب

 

هذي طيوفك تستحم على الدما  
  فركضت نحوك بالعراقِ متيما
ما غير نهجك يسترد كرامــة  
  سلبت وينقذ موطناً متقسمــــا
فتبركني يا كربلاء بأضلعـــي  
  حتى أجدد للـــزمان محرمـــا
ما عادت الدنيا تهز مشاعـــري  
  فالتحرق الدنيا اذا لن ترحمـــا
يا مدفعي أنا ما عهدتك ابكمــا  
  اطلق نشيدك واستفز الموسمــا
ان كمموا الحرف النبيل بأحرفٍ  
  صفراء فالبركان لـــن يتكممــــا
ان البلاغـــة للــحديد وإنما  
  يعيــــا الفصيحُ اذا السعيرُ تكلمــا
أجري على شرفِ الترابِ دم الأبا  
  لتمُرَّ مركبةُ السَّلام على الدِّمــــــا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وداع

 

علَّقتُ أحزاني على شُطْآنها  
  فاخضرَّ قنديلُ الهَوى بِشراعي
فكأنَّ أسْرابَ النَّوارسِ حلقتْ  
  في خاطرِي تشدو لها أسماعي
فتركُتها للنّار تحتطبُ المُنُى  
  مبهورةً في خافقٍ مُلتـــــــــــــاعِ
نقضتْ أباريقَ الحنينِ وأهرقتْ  
  ماءَ الظنون بغصْنِها المتداعي
وأنا بوحشتِها أُسامرُ غُربتي  
  كيمــا تذوبٌ بشاشــةً لوداعـــي
كمْ أمطرتْ روحي غمائم حبِها  
  فانثال عطرُ رفيفها بيراعي
لمْ يبقَ غير الجدبِ يؤنسُ وحدتي  
  من بعدِ ما هجرَ الربيع ضِياعي

 

 

وتكادُ أشواقي تغــادرُ عشَّهـــــا  
  فتطيرُ من لهفٍ لها أضلاعي
يقتاتني عطش الفصولِ وفي دمي  
  للقـــانطين مواسمٌ ومراعــــي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ريــــحَ اِشتعالـــي

 

سادرُّ في جنوني

أَتقضَّى خُطاكْ

ومملكتي غَيمتي وَاِنفعالي

وروحيَ قُبَّرةً أَفْلتْتها يداكْ

فَمَنْ ذا يُعيدُ الي هَواهَا

وريــــحَ اِشتعالـــي

ســـادرُ في جنوني

أتقصّى خُطـــــاكْ

ومملكتي غيمتي وانفعالي

وروحي قُبرةً افلتتها يـــداكْ

فمن ذا يعيد إليَّ هَواهــــــا

وريح اشتعالي

 

 

 

 

حينَ تَهيمُ القصيدةُ في خاطري

تستحيلُ الى جَمْــــرَة

تشرَأَبَّ إلــــيَّ

فأبْصِرُ ما خَّبأتْهُ يَداكْ

يا أمير القصيدةِ… هذا جنونُ اخضراري

فَخُذْني إليـــك

فريحُ المواسمِ عابقةً في يديكْ

وأنتَ تفتقُ ما خَّزنتهُ رعودي

وتفتحُ للشَّمْسِ أقْفالها النائمة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بكائية لشمس العراق

 

شجرُ الرفضٍ يستبيحُ طماحي  
  وهمومي تعثرتْ بجراحي
حين هيض الندى وأزهقتِ الشمسُ  
  ورفْ الفناءُ في كلِ ساحِ
واستجارت من هولها الأرضُ حتى  
  خشعَ الطورَ للمصابِ اللاحي
فتجليتَ أمــــةً في إمـــــــــــــامِ  
  حملَ الطفَ في يديهِ الصحاحِ
فجعلنــــــــاكَ للقـــــلوبِ مناراً  
  يا مهيب الطلوع كالأصباح
وتعاليتَ للسماءِ ارتقــــــــاءً  
  سدرةَّ المنتهى بغيرِ جنـــــــاحِ
ناشراً نهجـــــك المبينَ على  
  الأفاقِ فجراً من فكركِ اللماحِ
كيف ارقى إلى علاك وروحـــي  
  صفدت في مدارج الأشبــــــاحِ
ضُمنَّي سيدي إليكَ وخذنــــي  
  فمراياكَ أشرقتْ في صُداحـــي
يا هديرَ الجهــــادِ في كلِ نفسٍ  
  نهلتْ من نسيمـــــــكَ الفواحِ
يا أبا المكرمات قد كنت مجدا  
  ولنبع الخـــــلود سر الفــــــلاح
أنتَ فـــي خافقِ الغري فراتٌ  
  من حنينٍ يجري بنا كالاقاحِ
أنت فينا الحسين من الف عــــام  
  يتحدى شمــــــــاتةَ الذبـــــاحِ
تصطفيـــــكَ القلوبُ من غيِر أذنٍ  
  وتناجيــــكَ بالدمـــــوعِ القراحِ
مـــدَّ عينيكَ تلقنا مهجاً حرى  
  قلـــــوباً مكلومةً بالنـــــواحِ
ونفوســـــــــــاً تفجرَ الغيظُ فيها  
  واستشاطتْ من صبِرها اللفــــــاحِ

 

 

يــــــا لحلمَ الطغاةِ قد عاقروها  
  خمرةَ البغيِ من نحورِ الاضاحِ
وا لشعب العراقـــــي ضجت أمانيه  
  رمــــــاحاً في أعينِ السفــــاحِ
والسنــــا في جراحــــهِ يتشظى  
  حممــــاً في مواكب الانقداحِ
كيفَ يبكيــــــكَ والـــدموعُ حيارى  
  سقطــت فــــي مذابحِ القداح

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

العبير الضمآن

 

إلى الشاعر الروائي محمد سعد جبر الحسناوي.

 

نهضَ الشعرُ فأنعمي بالضياءِ  
  يا بحوراً مشبوبةَ الإيماءِ
واعيدي الصدى إليه هديراً  
  وامنحيهِ بشـــارة الأنــــــواءِ
هو ذا الشاعرُ الذي رفضَ  
  القيدَ فجنُتْ حروفهُ بالعطاءِ
لــــم ترافقهُ موجةٌ يعتليها  
  فَهَو في بحرِها من الغرباءِ
وهبَ البحرَ مقلتيهِ فماجتْ  
  بالمرايــــا مرافىءُ الندماءِ
العبيرُ الضمآن يخترقُ الأرضَ  
  ولكنْ أنفاسهُ فــــي السمــــــــاءِ

 

 

شهقت واحـــة الحروف وفي  
  أغصانِها الفجر دافقـــــاً للرواءِ
فاسقني من نميرِ نخبكَ واطلقنْي  
  هزاراً مُغرداً فـــــي الفضــــاءِ
وخيالاً تعومُ فيهِ المسافــــــاتُ  
  وتنــــــــأى أشواطها للعــــلاءِ
ورؤىً تمنحُ العبورَ لأوجاعي  
  إلـــــى عـــــالمٍ بغيرِ انطفاءِ
أيهاذا الندى المجلجلُ في الأعماقِ  
  شوقــــــاً على طريقِ الرجاءِ
امنحِ الشعرَ صرخــــة تجتليها  
  فـــــي نفوسٍ علويةِ الانتماء
لغد مشرق كــــأن عزيف الحرف  
  فتحـــــــاً للأعينِ الـــــــرمداءِ
أيها الفارسُ المعمدُ بــــــالضوءِ  
  انتصاراً لــــــوثبةٍ سمحـــــــــــــاءِ

 

 

 

يا أبا احمدٍ وحسبكَ والشعرَ  
  رسولاً في حماةِ الأدعياءِ
فأعرني من جناحيك شواضاً  
  يتحدى شراسةَ الظلماءِ
الضحى في يديكِ يفترع الليلَ  
  فتندى صخورُنا بالغناءِ
يا أبا احمدٍ خبرتَ المنافي  
  وتغربتَ مُترعاً بالوفاءِ
نحن يا سيدي بقايا جحيمٍ  
  مبهجٍ في مساربِ العنقاءِ
وبقايا من آدم حيث يُغوى  
  وهو في جنةٍ من النعماءِ
عجبي يا عراقُ كيفَ تهاوى  
  سورُك المستحيلُ للدخلاءِ
والبلادُ التي هفونا إليهـــــا  
  سوف تبنى من اضلع الشهداءِ

 

 

 

الضحى للشموسِ تخترقُ الليلَ  
  فترقى على الذرىِ الشماءِ
وطني مدرجُ الشموسِ وشعبي  
  صرخةُ اللهِ في عراقِ الإباءِ
وستبقى تشرين رغم الأعاصير  
  شموخاً يدق صدر الفناءِ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تجليات في حضرة الشهيد

 

شجر الشهادة يستطيل قوافيا  
  فاسكب همومك صار جرحك شاديا
واسرج حروفك فالدماء ماذن  
  صلى لها الوجع الذبيح مناجيا
واغرس نداءَك فوقَ شهادةِ الثرى  
  صوراً تفيضُ مشــــاعراً ومعانيا
واستنطق الصخر الأصم تجد به  
  روحا من الهمسات قلبا صاغيا
حامت على عتبات زهوك أمة  
  ما أنجبت يوما سواك مواليا
فجرت قافلة الشموخ كواكبا  
  وحملت نصرك مطمئنا فاديا
دمك المراق يظلُّ يصرخ في المدى  
  علما يرف على حدود بلاديا
للأن عزمك يستغيث به الثرى  
  يا ديمةً هطلت فكنت فراتيا
وشددتَ أجنحة الضياء مسافرا  
  نهرا من الومضات طيفا غافيا
متوشحا بالصبر ترسل نفحة  
  هي في الجنان تفيض عطرا زاكيا
هذي شواظ الحرفِ رفَّ حنينها  
  غبشاً على بوح المشاعر صاديا
عفوا اذا جن النشيد على فمي  
  وطغى على موج الفرات عتابيا
أنا ما عتبت على الذين تنابزوا  
  زمرا وكانوا للدخيل حوانيا
حسبوا بأن الصبح يُطفِئهُ الدجى  
  فاذا الشموس الغُرُ تُهْنَ زواهيا
عتبي على النجباء رواد السنا  
  ان يحملوا هم الحقيقة عاريا
عتبي على المتلفعين بصمتهم  
  يتلامزون وظلَّ صوتك داويا

 

يا موطنا في الروح يجري دفقه  
  لحناً يتيما غص في اهاتيا
وردا سماويا تـــألق في دمي  
  شوقا من الذكرى يقرب نائيا
طفلا من النجوى يرف سحائباً  
  لو أمطرت لثغاتهن أمانيا
تلك الملاعب ران في أجفانها  
  طيش الطغاة مودعا وملاقيا
حتى ينام السيف ينتحر الردى  
  ويصد عن تلك الديار خوائيا
طفل الحجارة يا خدين قضيتي  
  يا صبري الدامي تفجر فاديا
الروم عادت من يصد فلولها  
  عفوا صلاح الدين يبقى حاديا
للأن عزمك يستغيث به الثرى  
  يا ديمة هطلتْ فكنت فراتيا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المؤلف في سطور

 

الشاعر محمد زايد إبراهيم اللهيبي

ولد في مدينة النجف الأشرف عام 1953م حاصل على شهادة الدكتوراه في الصحافة والاتصال الجماهيري جاءت ترجمته  وسيرته في كثير من كتب التراجم ومؤلفات النقد الأدبي والموسوعات  الشعرية منها:

  • المطول في تاريخ النجف: الأستاذ الدكتور حسن عيسى الحكيم رئيس جامعة الكوفة السابق.
  • التحف من تراجم أعلام وعلماء النجف والكوفة : الأستاذ الدكتور صباح نوري المرزوك.
  • موسوعة شعراء الشيعة للعلامة عبد الرحيم الغراوي.
  • موسوعة شعراء أهل البيت (ع) للسيد محمد محمد حسين غيبي.
  • معجم شعراء العرب، للدكتور كامل سلمان الجبوري.
  • موسوعة الشعر الحسيني.
  • مجلة (آفاق) للدكتور كامل سلمان الجبوري.
  • مستدرك شعراء الغري للمرحوم كاظم عبود الفتلاوي.
  • عضو اتحاد الأدباء والكتاب العرب.
  • عضو اتحاد الأدباء في العراق.
  • عضو في منتدى النشر في النجف.
  • عضو مؤسس في ندوة الأدب المعاصر.
  • شارك في كثير من المهرجانات والمؤتمرات الأدبية في العراق وخارجه.
  • فاز في العديد من الجوائز الشعرية.
  • نشر عدة دواوين منها: غبش يوحدني. سنابل لا تبتهل للجليد. هدير المواجع.
  • وله عدة مجاميع شعريه وبحوث معدة للطبع.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المحتويات

 

إهداء. 5

تقديم 7

ديباجة 15

يا بلادي. 17

سنابل الهذيان. 21

ورقة خضراء من دفتر الطفوف.. 25

شموخ. 27

تأرجح البراعم 31

هذا شوق أشرعتي. 33

دنياك قافلتي. 37

تأملات طفل عراقي. 39

قناديل التهاني. 41

سماوات الروح. 45

هدير المواجع. 47

نبض القصيدة 51

هديل الشعر. 55

مهرجان الزكي. 59

يا سيد المتوهجين. 63

خرائط التجلي. 67

بغداد 69

بحث أيوب.. 71

تجلي. 73

توما خباز. 75

شموخ. 77

فارس الحق. 78

جمرة الأحباب.. 81

عزف قافيتي. 83

نبي الشعر. 87

رفض وإباء. 91

حمامة الغيث.. 95

في حضرة ثورة العشرين. 99

سماء المعالي. 101

شهب المعاني. 103

فاجعة القصيدة 105

جمر النعي. 109

موج ذكراك في فمي. 113

متى ألقاك. 115

بشائر النصر. 119

رفيف الإمامة 123

يا كاظم الغيظ. 127

الرسول الشاعر. 131

ندم 133

جنون. 135

عراق القوافي. 137

لوعة الذكرى. 141

بلسم 143

بكاء الكرم 147

القارب المرجى. 149

قافلة الإصرار. 153

يا رسول. 157

عاصفة اليقين. 161

عصف من حنين. 165

شـــرف التراب.. 167

وداع. 169

ريــــحَ اِشتعالـــي. 171

بكائية لشمس العراق. 173

العبير الضمآن. 177

تجليات في حضرة الشهيد 181

المؤلف في سطور. 185

المحتويات.. 187

 

 

 

 

 

الهيئة الإدارية لاتحاد الأدباء والكُتاب

في النجف الأشرف

 

 

الروائي محمود جاسم عثمان النعيمي/ رئيس الاتحاد
الشاعر مهدي هادي شعلان/ نائب رئيس الاتحاد
القاص أحمد محمد الموسوي/ أمين الشؤون الإدارية والمالية
الشاعر شلال عنوز / أمين الشؤون الثقافية
القاص علي العبودي/ أمين العلاقات والإعلام
*****

الشاعر والروائي محمد سعد جبر الحسناوي/ رئيس نادي السرد
الشاعر قاسم الشمري/ رئيس نادي الشعر

 

 

العراق – النجف الأشرف – قرب مسجد الشاكري – محمول: 07807174219

Iraq – Najaf – Mobile: 07807174219

E-mail: ethadalodbaa.anajaf@gmail.com

Am_almosawe@yahoo.com

 

 

 

 

 

 

 

 

92/ 811

أ 242 إبراهيم، محمد زايد

هدير المواجع : محمد زايد إبراهيم  :-

النجف : الاتحاد العام للأدباء والكتاب ،  2021 .

( 191 ) ص ؛ ( 14.5 × 21 سم) .

1- الشعر العربي – العراق – أ- العنوان .

 

م . و

1676 / 2021

 

 

 

المكتبة الوطنية / الفهرسة أثناء النشر

 

 

 

رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق ببغداد (1676) لسنة 2021م

 

 

الدكتور محمد زايد إبراهيم

ولد في مدينة النجف الأشرف عام 1953م حاصل على شهادة الدكتوراه في الصحافة والاتصال الجماهيري جاءت ترجمته  وسيرته في كثير من كتب التراجم ومؤلفات النقد الأدبي والموسوعات  الشعرية منها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى