أَراحَ فَريقُ جيرَتِكَ الِجمالا

أراحَ فَريقُ جيرَتِكَ الِجمالا
كَأَنَّهُم يُرُيدونَ اِحتِمالا
فَبِتُّ كَأَنَّني رَجُلٌ مَريضٌ
أَظُنَّ الحَيَّ قَد عَزَموا الزِيَالا
وَباتوا يبُرِمونَ نَوىً أَرادَت
بِهِم لِسَواءِ طَيَّتِكَ اِنفِتالا
وَذِكرُ البَينِ يَصدَعُ في فُؤادي
وَيُعِقبُ في مَفاصِلي امِذِلالا
فَأَرغَوا بالسَوادِ فَذَرَّ قَرنٌ
وَقَد قَطَعوا الِزيارَةَ وَالوِصالا
فَكِدتُ أَموتُ مِن شَوقٍ عَلَيهِم
وَلَم أَرَ نأويُ الأَظعانِ بالا
فَأَشرَفتُ الغُزالَةَ رَأسَ حَوضى
أُراقِبهُمُ وَما أَغنى قِبالا
كَأَنّي أَشهَلُ العينَينِ بازٍ
عَلى عَلياءَ شَبَّهَ فَاِستَحالا
رَأَيتُهُمُ وقَدَ جَعَلوا فِتاخاً
وَأجرَعَهُ المُقَابَلَةَ الشِمالا
وَقَد جَعَلوا السَبِيَّةَ عَن يَمينٍ
مَقادَ المُهرِ وَاِعتسَفَوا الرِمالا
كَأَنَّ الآلُ يرَفَعُ بيَن حزُوى
وَرابِيَةٍ الخَويِّ بِهِم سَيالا
وَفي الأَظعانِ مِثلُ مَها رُماح
عَلَتهُ الشَمسُ فَاِدَّرَعَ الظِلالا
تَجَوَّفَ كُلَّ أَرطَاةٍ رَبوضٍ
مِن الدَهنا تَفَرَّعَتِ الحِبالا
أُولاكَ كَأَنَّهُن أوَّلاُكَ إِلاّ
شوًى لِصَواحِبِ الأرطى ضِئالا
وَأَنَّ صَواحِبَ الأظعانِ جُمٌّ
وَأَنَّ لَهُنَّ أَعجازاً ثِقالا
وَأَعناقَ الِظباءِ رَأَينَ شَخصاً
نَصَبنَ لَهُ السَوالِفَ أَو خَيالا
رَخيماتُ الكَلام مُبَطَّناتٌ
جَواعِلُ في البُرى قَصَباً خِدالا
جَمَعنَ فَخامَةً وَخُلوصَ عِتقٍ
وَحُسناً بَعدَ ذَلِكَ وَاِعتِدالا
كَأَنَّ جُلودَهُنَّ مُمَوَّهاتٌ
عَلى أَبشارِها ذَهَباً زُلالا
وَمَيَّةَ في الظَعائِنِ وَهيَ شَكَّت
سَوادَ القَلبِ فَاِقتَتَل اِقتِتالا
عَشِيَّةَ طالَعَت لِتَكونَ داءً
جَوى بَينَ الجَوانِحِ أَو سُلالا
تُريكَ بَياضَ لِبَّتِها وَوَجهاً
كَقَرنِ الشَمسِ أَفتَقَ حينَ زالا
أَصابَ خَصاصَةً فَبَدا كَليلاً
كَلا وَاِنغَلَّ سائِرُهُ اِنغِلالا
وَأَشنَبَ واضِحاً حَسَنَ الثَنايا
تَرى مِن بَينِ ثَنِيَّتِهِ خِلالا
كَأَنَّ رِضابَهُ مِن ماءِ كَرمٍ
تَرَقرَقَ في الزُجاجِ وَقَد أَحالا
يُشَجُّ بِماءِ سارِيَةٍ سَقَتهُ
عَلى صَمّانَةٍ رَصَفاً فَسالا
وَأَسحَمَ كَالأَساوِدِ مُسبَكِراً
عَلى المَتنَينِ مُنسَدِلاً جُفالا
وَمَيَّةُ أَحسَنُ الثَقَلَينِ خَدّاً
وَسالِفَةً وَأَحسَنُهُ قَذالا
وَلَم أَرَ مِثلَها نَظَراً وَعَيناً
وَلا أُمَّ الغَزالِ وَلا الغَزالا
هِيَ السُقمُ الَّذي لا بُرءَ مِنهُ
وَبُرءُ السُقمِ لَو رَضَخَت نَوالا
كَذاكَ الغانِياتُ فَرَغنَ مِنّا
عَلى الغَفلاتِ رَمياً وَاِختِيالا
فَعَدِّ عَنِ الصِبا وَعَلَيكَ هَمّاً
تَوَقَّشَ في فُؤادِكَ وِاِختِبالا
فَبِتُّ أَروضُ صَعبَ الهَمِّ حَتّى
أَجَلتُ جَميعَ مِرَّتِهِ مَجالا
إِلى اِبنِ العامِريِّ إِلى بِلالٍ
قَطَعتُ بِنَعفٍ مَعقُلَةَ العِدالا
قَرَوتُ بِها الصَريمَةَ لا شِخاتاً
غَداةَ رَحيلِهِنَّ وَلا حِيالا
نَجائِبَ مِن نِتاجِ بَني غَريرٍ
طِوالَ السَمكِ مُفرِعَةً نِبالا
مُضَبَّرةً كَأَنَّ صَفا مَسيلٍ
كَسا أَوراكَها وَكَسا المَحالا
يَخدنَ بكُلِّ خاوِيِة المَبادي
تَرى بيضَ النَعامِ بِها حِلالا
كَأَنَّ هَويَّهُنَّ بِكُلِّ خَرقٍ
هَوِيُّ الرُبدِ بَادَرَتِ الرِئالا
مُذَبَّبةً أَضَرَّ بِها بكُوري
وَتَهجيري إِذا اليَعفورُ قالا
وَإدلاجي إِذا ما اللَيلُ أَلقى
عَلى الضُعَفاءِ أَعباءً ثِقالا
إِذا خَفَقَتَ بِأمقَهَ صَحصَحانٍ
رُؤوس القَوم وَالتَزَموا الرِحالا
فَلَم تَهبِط عَلى سَفوانَ حَتّى
طَرَحنَ سِخالَهُنَّ وَإِضنَ آلا
وَرُبَّ مَفازَةٍ قَذَفٍ جَموحٍ
تَغولُ منَحِّبَ القَرَبِ اِغتِيالا
قَطَعتُ إِذا تَجَوَّفَت العَواطي
ضُروبَ السِدرِ عُبرّياً وَضالا
عَلى خَوصاءَ يَذرفُ مَأقياها
مِن العِيديِّ قَد لَقيِت كَلالا
إِذا بَرَكَت طَرَحتُ لَها زِماماً
وَلَم أَعقل بِرُكبَتها عِقالا
وَشَعر قَد أَرقتُ لَهُ غَريبٍ
أُجَنِّبُهُ المَساند وَالمَحالا
فَبِتَّ أُقيمُهُ وَأَقُدُّ مِنهُ
قَوافي لا أُعِدَّ لَها مِثالا
غَرائِبُ قَد عُرِفنَ بِكُلِّ أُفقٍ
مِنَ الآفاقِ تُفتَعلُ اِفتِعالا
فَلَم أَقذِف لِمؤُمِنَةٍ حَصَانٍ
بِحَمدِ اللهِ موجِبِةً عضُالا
وَلَم أَمدَح لأُرضِيَهُ بِشِعري
لَئيماً أَن يَكونَ أَصابَ مالا
وَلكِنَّ الكِرامَ لَهمُ ثَنائي
فَلا أَخزى إذا ما قيلَ قالا
سَمِعتُ الناسُ ينَتَجِعونَ غَيثا
فَقُلتُ لِصَيدَحَ اِنتَجِعي بِلالا
تُناخي عِندَ خَير فتًى يَمانٍ
إِذا النَكباء ناوَحَت الشَمالا
نَدىً وَتَكَرُّماً وَلُبابَ لُبّ
إِذا الأَشياءُ حَصَّلَتِ الرِجالا
وَأَبعَدِهِم مَسافَةَ غَورِ عَقلٍ
إِذا ما الأَمرُ ذو الشُبُهاتِ عالا
وَخَيرِهُم مآثَر أَهلِ بَيتٍ
وَأَكَرمِهِم وَإِن كَرُموا فِعالا
بَنى لَكَ أَهلُ بَيتِكَ يا اِبنَ قَيسٍ
وَأَنتَ تَزيدُهُم شَرَفاً جُلالا
مَكارِمَ لَيسَ يُحصيِهنَّ مَدحٌ
وَلا كَذِباً أَقولُ وَلا اِنتِحالا
أَبو موسى فَحَسبُكَ نِعمَ جَدا
وَشَيخُ الرَكبِ خَالُكَ نِعمَ خالا
كَأَنَّ الناسَ حينَ تَمُرُّ حَتّى
عَواتِقَ لَم تَكُن تَدَعُ الحِجالا
قِياماً يَنظُرونَ إِلى بِلالٍ
رِفاقُ الحَجِّ أَبصَرت الهِلالا
وَقَد رَفَعَ الإِلَهُ بِكُلِّ أَرضٍ
لِضوئِكَ يا بِلالُ سَناً طِوالا
كَضَوءِ البَدرِ لَيسَ بِهِ خَفاءُ
وَأُعطيتَ المَهابَةَ وَالجَمالا
تَزيدُ الخَيزُرانَ يَداه طيباً
وَيَختالُ السَريرُ بِهِ اِختِيالا
أَشَمُّ أَغَرُّ أَزهَرُ هِبرِزِيَّ
يَعُدُّ الراغِبينَ لَهُ عِيالا
تَرى مِنهُ العِمامَةَ فَوقَ وَجهٍ
كَأَنَّ عَلى صَفيحَتِهِ صِقالا
يُقَسِّمُ فَضلَهُ وَالسِرُّ مِنهُ
جَميعُ لا يُفَرِّقُهُ شِلالا
يُضَمِّنُ سِرَّهُ الأَحشاءَ إِلّا
وَثوبَ اللَيثِ أَخدَرَ ثُمَّ صالا
وَمَجدٍ قَد سَمَوتُ لَهُ رَفيعٍ
وَخَصمٍ قَد جَعَلَت لَهُ خَبالا
وَمُعتَمِدٍ جَعَلَت لَهُ رِبيعاً
وَطاغِيَةٍ جَعَلَت لَهُ نَكالا
وَلَبسٍ بَينَ أَقوامٍ فَكُلُّ
أَعَدَّ لَهُ الشَغازِبَ وَالمَحالا
فَكُلُّهُم أَلَدُّ أَخو كَظاظٍ
أَعَدَّ لِكُلِّ حالِ القَومِ حالا
أَبَرَّ عَلى الخُصوم فَلَيسِ خَصمٌ
وَلا خَصمانِ يَغلبُهُ جِدالا
قَضَيتَ بِمَرَّةٍ فَأَصَبتَ مِنهُ
فُصوصَ الحَقِّ فَاِنفَصَلَ اِنفِصالا
وَحُقَّ لِمَن أَبو موسى أَبوهُ
يُوَقِّقُهُ الَّذي نَصبَ الجِبالا
حَواريُّ النَبِيِّ وَمِن أُناسٍ
هُمُ مِن خَيرِ مَن وَطِئَ النِعالا
هُوَ الحَكَمُ الَّذي رَضِيَت قُرَيشٌ
لِسَمكِ الدينِ حينَ رَأَوهُ مالا
وَمُنتابٍ أَناخَ إِلى بِلالٍ
فَلا زَهِداً أَصابَ وَلا اِعتِلالا
وَلا عَقِصاً بِحاجَتِهِ وَلَكِن
عَطاءً لَم يَكُن عِدَةً مِطالا
يُعَوِّضُهُ الأُلوفُ مُصَتَّماتٍ
مَعَ البيضِ الكَواعِبِ وَالحِلالا
عَطاءُ فَتىً بَنى وَبَنى أَبوهُ
فَأَعرَضَ في المَكارِمِ وَاِستَطالا
يَرى مِدَحَ الكِرامِ عَلَيهِ حَقّاً
وَيُذهِبُهُنَّ أَقوامٌ ضَلالا
فَما الوَسمِيُّ أَوَّلُهُ بِنَجدٍ
تَهَلَّلَ في مَسارِحِهِ اِنهِلالا
بِذي لَجَبٍ تُعارِضُهُ بُروقٌ
شُبوبُ البُلقِ تَشتَعِلُ اِشتِعالا
فَلَم تَدَعِ البَوارِقَ بَطنَ عَرضٍ
رَغيبِ سَيلَهُ إِلّا مُسالا
أَصابَ الأَرضَ مُنقَمَسَ الثُرَيّا
بِساحَيةٍ وَأَتبَعَها طِلالا
تُكَعكِعُهُ يَمانِيَةٌ قَبولٌ
عَلى الغُدرانِ تَعتَفِقُ الرِمالا
وَأَردَفَتِ الذِراعُ لَها بِعَينٍ ط
سَجومِ الماءِ فَاِنسَحَلَ اِنسِحالا
وَنَثَرتُها وَجَبهَتُها هَراقَت
عَلَيهِ الماءَ فَاِكتَهَلَ اِكتِهالا
أَبَت عَزلاءُ كُلِّ نَشاصِ نَجمٍ
عَلى آثارِها إِلّا اِنحِلالا
فَصارَ حَيّاً وَطَبَّقَ بَعدَ خَوفٍ
عَلى حُرِّيَةِ العَرَبِ الهُزالى
كَأَنَّ مُنَوِّرَ الحَوذانِ يُضَحّي
يَشُبُّ عَلى مَسارِبِهِ الذُبالا
بِأَفضَلَ في البَرِيَّةِ مِن بِلالٍ
إِذا مَيَّلتَ بَينَهُما مَيالا
أَبا عَمرٍو وَإِن حارَبتَ قَوماً
فَأَنتَ اللَيثُ مُدَّرِعاً جُلالا
إِذا لَقِحَت بِشِرَّتِها فَشالَت
بِأَطرافِ القَنا لِمَن اِستَشالا
فَأَنتَ أَشَدُّ إِخوَتِها عَلَيها
وَأَحسَنُهُم لِدَرَّتِها اِئتِيالا
إِذا اِجتَلَدوا بِمُعتَرَكٍ قِياماً
عَلى الشُعثِ العَوابِسِ أَو نِزالا
تُسَعِّرُها بِأَبيَضَ مَشرَفِيٍّ
كَضَوءِ البَرقِ يَختَلِسُ القِلالا

ذي الرمة

ذُو الرُمَّة هو غيلان بن عقبة بن نهيس بن مسعود العدوي الربابي التميمي، كنيته أبو الحارث وذو الرّمّة. شاعر عربي من الرباب من تميم، من شعراء العصرالأموي، من فحول الطبقة الثانية في عصره. ولد سنة 77 هـ \696م، وتوفي بأصفهان (وقيل بالبادية) سنة 117 هـ \ 735م وهو في سن الأربعين. 
 وإنما قيل له ذو الرمة لقوله في الوتد -أشعث باقي رمة التقليد-، والرُمَّة، بضم الراء، الحبل البالي. كان قصيرًا دميمًا، يضرب لونه إلى السواد، أكثر شعره تشبيب وبكاء أطلال. كان ذو الرمة أحد عشاق العرب المشهورين، إذ كان كثير التشبيب بمية بنت مقاتل بن طلبة بن قيس بن عاصم كانت فاتنة الجمال . قال فيها ذو الرمّة على وجه مي مسحة من ملاحة وتحت الثياب العار لو كان باديا ألم تر أن الماء يخبث طعمه وإن كان لون الماء أبيض صافيا فواضيعة الشعر الذي لج فانقضى بمي ولم أملك ضـلال فؤاديا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى